سر بنا يا خليفة

تصغير
تكبير
عبدالله نشمي

للعرب قبل الإسلام في فترة الجاهلية أحوال وأحداث كانوا يعيشونها في حياتهم الدينية والدنيوية، في حياتهم انتشرت المنكرات وقطيعة الارحام وانتهاك الحرمات وغيرها من سوء العادات فكانت العبادة وثنية وهي اصنام كانوا يعكفون عليها ويقربونها وأقاموا على ذلك قرونا طويلة حتى سطع فيهم نور التوحيد والإيمان فبعث الله فيهم نور الهداية محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي قدم بالإسلام العظيم الذي قوم سلوكهم وزاد أخلاقهم وبين ما أحل وما حرم في شؤون حياتهم ثم من بعده الخلفاء الاربعة المهديين الراشدين فساروا على الحق حتى أقاموا دولة الإسلام قائمة شامخة تلك صورة لحال المجتمع المسلم ا لذي صوره ذلك الواعظ الذي دخل على الخليفة عمر بن عبدالعزيز فقدم له هذه النصيحة  التي بها بلاغة الارشاد والتوجيه الى الحق، حدثنا محمد بن يزيد قال: قال سفيان بن عيينه دخل عبدالله ابن الاهتم على عمر بن عبدالعزيز قال اطربك قال لا قال اعظك قال نعم قال فافتح الباب وادخل الناس حتى يسمعوا قال فحمد الله واثنى عليه ثم قال ان الله تبارك وتعالى خلق الخلق غنيا عن طاعتهم آمنا لمعصيتهم ان تنقصه فالناس يومئذ في الحالات والمنازل مختلفون فالعرب منهم بشر حال أهل الشعر والحجر لا يتلون كتابا ولا يصلون جماعة ميتهم في النار وحيهم أعمى بشر حال مع الذي لا يحصى في عيشهم فيه المرغوب عنه فلما أراد الله فيهم حكمته بعث فيهم رسولا من أنفسهم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فبلغ ا لرسالة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه ثم ولي أبوبكر من بعده فارتد بعض العرب فحرصوا على ان يقيموا الصلاة ولا يأتوا الزكاة فأبى أبوبكر ان يقبل منهم الا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قابلا لو كان حيا فلم يزل يسقي الارض من دمائهم حتى ادخلهم من الباب الذي خرجوا منه وأقرهم على الأمر الذي فروا منه وحمل أهل الحق على رقاب أهل الباطل ثم حضرته الوفاة ثم تولى بعده عمر بن الخطاب فحسر عن ذراعيه وشمر عن ساقيه واعد الامور أقرانها وافراضها فأذل أصحابها وترك الأمر فيها يسرا ثم بعده ذي النورين فسار في سيرة من سبقه حتى قتل شهيدا وهو لا يريد ان يراق دم مسلم بسببه ثم تولى بعده علي ابوالحسنين رابع الخلفاء الذي اجتهد في سيرة من سبقه من الخلفاء ولكن الامور لم تأت على ما يريد لان ارضاء الناس صعب تحقيقه فقتل شهيدا وهو ذاهب الى صلاة الفجر رحمه الله، ثم اقبل ابن الاهتم على عمر بن عبدالعزيز فقال انت يا عمر بني الدنيا غرتك بأطيابها ولقمتك ثديها تطلبها من مظانها تعادي فيها وترضي لها حتى اذا ما افضت اليك بأركانها من غير طلب منك لها ورفضتها ورميت بها حيث رمى الله بها فامض رحمك الله ولا تلتفت فالحمد لله الذي فرج بك كربنا ونفس بك غمنا فإنه لا بذل مع الحق ولا كبر مع الباطل أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، وفي رواية انه دخل عليه وهو على السرير ثم نزل عمر بن عبدالعزيز حتى استوى بالارض وجثا على ركبتيه وابن الاهتم يقول يا عمر وأنت يا عمر وأنت يا عمر من أولاد الملوك وأبناء الدنيا ولدوا في نعيم وغدوا لا يعرفون غيره وعمر يبكي ويقول هيه هيه يا ابن الاهتم فلم يزل يعظه حتى غشي عليه فرحم الله عمر الذي اتعظ بغيره ولم يكن هو عظة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي