الحلقة الأولى مقال ميرشايمر ووالت أثمر كتاباً بعد عام


يستهل جون ميرشايمر وستيفن والت مقدمة كتابهما الجديد بأنه رغم الحملة «الشرسة» التي تعرضا اليها منذ نشر مقالتهما الشهيرة، فان «أشياء» كثيرة حصلت في الولايات المتحدة على صعيد مناقشة دور اللوبي الاسرائيلي في الولايات المتحدة. وهو، كما يذكر الكاتبان، ما شجعهما على كتابة الكتاب، وربما شجع ناشرين أميركيين على نشره. أهم تلك «الأشياء» برأيهما هو أنه في يوليو من العام الماضي، أي بعد أربعة أشهر على نشر المقال في المجلة اللندنية، سجلت كلية جون اف كنيدي للحكم بجامعة هارفارد التي نشرت المقال على موقعها الانترنتي - على أساس أن أحد مؤلفي الدراسة، ستيفن وولت، هو أحد أساتذتها - 275.000 عملية تنزيل الكتروني له. ويؤكدان أنهما تلقيا بعد ذلك وفي الأثناء عدداً لا يحصى من المفاتحات لترجمة الدراسة أو اعادة طبعها في مطبوعات أخرى.
ورغم الانتقادات الشديدة التي تعرضا اليها، والتي أقل ما أتت به عليهما وصفهما «باللاسامية» مع أن أحدهما «يهودي» أميركي، فانه «بدا في بقية العام 2006 أنه بات من الواضح بصورة متزايدة أن النقاش عن اسرائيل وسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بدأ يتغير...وأنه أصبح أسهل قليلاً الحديث عن دور اللوبي (الاسرائيلي) في صوغ السياسة الأميركية». ويوضح الكاتبان أن ذلك لم يكن من صنع أيديهم فقط، بل كانت هناك عوامل مساعدة وضاغطة أخرى...فحرب اسرائيل الكارثية في لبنان في صيف 2006، وتواصل الورطة الأميركية في العراق، والهجمات الشخصية على الرئيس جيمي كارتر بعد نشره كتابه «فلسطين: سلام أم فصل عنصري» (أبارثايد)، وتواصل حرب الكلمات المستعرة بين الولايات المتحدة وايران، والمحاولات المستترة، انما الفاشلة لاخراس أو تشويه سمعة منتقدين آخرين بارزين للوبي...ذلك كله ساعد في جعل هذا العمل ممكناً».
ويجادل المؤلفان في مقدمتهما للكتاب عن أهمية نشره بقولهما: «ان عملاً كهذا يبحث في دور اللوبي الاسرائيلي في صوغ السياسة الأميركية في الشرق الأوسط على الملأ، انما يمثل فرصة لبحث كيف يمكن للولايات المتحدة أن تدفع قدماً بمصالحها في الشرق الأوسط، كيف يجب على الأميركيين، بل وبقية العالم، أن يفكروا في دور وتأثير اللوبي الاسرائيلي». ويضيفان: «الرهانات عالية جداً - للأميركيين وعداهم على حد سواء - لأن الشرق الأوسط منطقة هشة قابلة للانفجار، وهو منطقة ذات أهمية استراتيجية للولايات المتحدة والعالم، ولا بد أن تكون للسياسات الأميركية في تلك المنطقة تبعات واسعة جداً على الجميع».
ولكن الكاتبين يلفتان الى أنه رغم «الاشارات المشجعة التي رأيناها منذ نشر مقالتنا الأصلية عن نفوذ اللوبي الاسرائيلي لناحية انطلاق نقاش أكثر انفتاحاً بصدد هذه القضايا الحيوية، فان اللوبي مازال يمارس نفوذاً عميقاً جداً على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط». ويقولان ان «المشاكل التي تواجهها الولايات المتحدة واسرائيل في المنطقة لم تقلّ منذ نشرنا مقالتنا الأصلية، بل ربما أصبحت هذه المشاكل أسوأ. فالعراق ليس سوى اخفاق تام، والاسرائيليون والفلسطينيون مازالوا محشورين في نزاعهم، و(حماس) و(فتح) مازالتا تتنازعان السيطرة على المشهد الفلسطيني ودور (حزب الله) في لبنان مثير لقلق عميق، وايران لا تزال تسعى بنشاط الى السيطرة على دورة التخصيب النووي الكاملة وجماعات مثل (القاعدة) وسواها مازالت ناشطة وتمثل خطراً كبيراً، ومازال العالم الصناعي معتمداً على النفط الخليجي».
ويقول الكاتبان ان «جميع هذه المشاكل هي مشاكل مزعجة ومثيرة للقلق، ولن تستطيع الولايات المتحدة أن تعالج أياً من هذه المشاكل، أو جميعها، بصورة ناجعة ان لم يكن الأميركيون قادرين على اجراء نقاش متحضر عن مصالحنا في المنطقة، ودور جميع العوامل التي تصوغ السياسة الخارجية الأميركية في تلك المنطقة، بما فيها دور اللوبي الاسرائيلي».