عمار الحكيم لـ «الراي»: لا نحب إيران أكثر من السعودية وتواقون لعلاقات مع الأشقاء تعود لها الحيوية والنشاط

تصغير
تكبير
| كتب يوسف علاونة |

كان حوار اليد الممدودة.


هكذا يمكنني أن اختصر الحوار مع السيد عمار الحكيم القيادي البارز في المجلس الأعلى الاسلامي في العراق.. ففيه وجه أكثر الكلمات صراحة نحو دول الجوار العربية وتحديداً المملكة العربية السعودية التي حرص على ابلاغ قيادتها عبر هذا الحوار بأن إيران ليست اقرب الى العراق من السعودية، وتحديداً ايضاً السنة في العراق كمكون رئيسي لا نريد ولن نقبل ان تسير قاطرة العراق الى المستقبل دونهم... لقد كتب الله على العراق أن يكون بلداً متنوعاً ونحن فخورون بذلك عرباً وسنة وشيعة وكرداً اغراء.


وان العراق ينهض ويحقق معدلاً طيباً من الاستقرار قياساً بالفترة العصيبة التي سبقت ولننظر الى المستقبل معاً... وسوف نحقق كل تطلعاتنا معاً.


بهذه الروحية تحدث عمار الحكيم مجملاً الوضع في العراق وحالة الخطة الأمنية ووضع الائتلاف الحكومي، ومبيناً كل العناوين البارزة من المشهد العراقي الجاري فلنتابعه بهذا الحوار عبر صيغة السؤال والجواب:


• وأنا قادم إليكم تلقيت خبرا يفيد ان الكونغرس سيصوت على مشروع قرار بتقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم سنية وشيعية وكردية؟ هل هذا ما كنتم تطالبون به؟


- لم نكن في يوم من الايام من دعاة التقسيم، كنا ومازلنا وسنبقى من اشد المدافعين عن وحدة العراق أرضاً وحكومة وشعباً، وقد تحدثنا بهذا سابقاً ونقول الآن بأن النظام الفيديرالي هو من المخارج الأساسية للأزمة في العراق هو تشكيل نظام الأقاليم.


• النظام الفيديرالي؟


- نعم بالنظام الفيديرالي ليس تقسيماً، بل هو تأكيد الوحدة وتعزيزها. وهو الذي يمنح الفرص الأكبر للناس في مختلف المناطق لادارة شؤونهم وأمورهم مما سيعزز الانتماء الى الوطن الواحد والدفاع عن هذا الوطن الواحد ويساعد على وحدة الموقف والصف.


• سيد.. يواجه الأميركيون مأزقاً في العراق وهم أخلاقياً يخشون من انهيار الوضع بعد انسحابهم فيقدمون مثل هذه المشاريع... ألا يوجد سبيل لمنع الانهيار من جانب العراقيين أنفسهم؟!


- لا شك أن هناك فرصاً لرأب الصدع، وكانت هناك محاولات كثيرة خلال السنوات الماضية حيث تم الاتفاق على قضايا بنيوية وأساسية كتب دستور وجرت انتخابات وخلال الأشهر الأخيرة الماضية كان هناك جولة مطولة من الاجتماعات واللقاءات والحوارات انتجت البيان الذي اصدرته القوى السياسية الخمسة، الأساسية والكبيرة ما يؤكد ان هناك فرصاً حقيقية للوصول الى نتائج.


لا شك أن القوى الكبيرة والمعتدلة ليست هي المسؤولة عن بعض ما يجري في العراق، فهناك إرهاب منظمة وعصابات وجماعات خارجة على القانون، ومثل هذه النتوءات والظواهر الشاذة تظهر في كل بلد حينما يضعف أو ينهار نظامه السياسي، وتشكيل حكومة عاشت حالة من التقاطعات والتجاذبات وهي تستعيد عافيتها بالتدريج، وهذا اعطى فرصة للكثيرين لأن ينطلقوا ويستخدموا الأرض العراقية لتصفية الحسابات التي قد تكون أحياناً بمعزل عن المصلحة العراقية والواقع العراقي، فهناك القاعدة، والتكفيريين... وهذا ليس بخطر على العراق وحده، بل على المنطقة والعالم ولابد من ان نتخذ كل الاجراءات المطلوبة للوقوف أمام هذه الظواهر وبناء بلد متماسك يقف فيه جميع المواطنين على مسافة واحدة وأمام فرص متكافئة في الحقوق والواجبات... واعتقد ان الدستور وضع تصوراً لهذه المواقف العادلة بين الناس، ولابد من العمل الجاد على ترتيب هذا الأمر وتنفيذه، ونحن نشعر ان هناك تقدماً كبيراً يحصل ونتطلع لبذل المزيد من الجهود مع شركائنا في العملية السياسية بكل ألوانهم الطيبة، وصولاً الى وحدة الموقف.


• سيد... هناك جزء من العملية السياسية خرج من الحكومة، وأقصد اخوانكم السنة؟!


- لا شك انه كان قراراً مؤسفاً بالنسبة لنا، ونحن لا يمكن أن نزهد بخروجهم وأبدينا كل الحرص والاهتمام وفتحنا حوارات جادة معهم واطلعنا على مطالبهم والبعض منها كان يمكن أن يتحقق أخذ وتيرة متسارعة بالعمل الجاد والمشترك ونحن من خلال حواراتنا المتواصلة مع اعزائنا في جبهة التوافق نشعر انهم الآن باتوا أكثر مرونة في موضوع العودة الى الحكومة، ونحن نعمل جادين لاقناعهم بالعودة ولا يمكن أن يدار العراق من جهة دون اخرى والعراق بلد تعددي ونحن نؤمن بالشراكة الحقيقية بين كل العراقيين ونعمل على اعطاء فرص حقيقية لجميع المكونات للمشاركة في القرار وفي إدارة البلاد وفي معالجة الاشكاليات القائمة.


• شهد العراق منذ مدة وتائر متصاعدة من القتل الطائفي، وقع ذلك العام الماضي بشكل أكثر... فهل خفّت الحدة الآن؟


- لا شك ان هناك انخفاضاً كبيراً جداً بالعنف عموماً وفي العنف على خلفيات طائفية على وجه الخصوص، وكل المؤشرات الحكومية ولمنظمات حقوق الإنسان الدولية التي تتواجد في العراق وتتابع مثل هذه القضايا وتؤكد مستوى الانخفاض في حجم  أعمال العنف وهو ما يدركه حتى المواطن البسيط... بالنسبة لانخفاض معدلات الإرهاب والعنف المتبادل.


إن الخطاب العام والمنحى العام مختلف تماماً عما كان في السابق وتحديداً العام الماضي وكلنا أمل ان يبقى ما حدث في ذاكرة التاريخ ليس إلا.


• والبنية التحتية؟...  مشكلة ان العراق وهذه هي السنة الرابعة أو الخامسة لكم ومازال المواطن لا يحصل على الكهرباء دون قطع.


- ليست مشكلة الكهرباء وليدة للنظام السياسي الجديد في العراق، وفي زمن النظام البائد وهو حكم العراق 35 سنة فإنه لم يوفر الكهرباء لهذا البلد وكانت الكهرباء تنقطع على المواطنين 18 ساعة وأحياناً أكثر في فصل الصيف.


نحن لم نتسلم العراق بلداً جاهزاً وفيه بنية خدمية كاملة ومناسبة تعقدت مع مجيئنا... العراق كان يفتقد وهناك انهيار في البنى التحتية والاقتصادية للبلاد.


ومن المعروف اننا خلال السنوات الخمس بدأنا بمخاض عسير... في مجلس الحكم ثم حكومة موقتة ثم حكومة انتقالية... ثم حكومة منتخبة، وهذه المسارات والتعدد في العمل جعل من عموم الوزارات والمؤسسات عرضة لاجتهادات، ولم يتيسر اتخاذ مواقف ثابتة، ومن جهة أخرى هناك الإرهاب الذي يلاحق ويستهدف شبكات الطاقة والمنشآت النفطية وصهاريج النفط التي تنقل الوقود الى محطات الكهرباء لتدور وتعمل... هناك استهداف كبير... كما ان المشاريع العملاقة تحتاج الى عدة سنوات، والآن بدأنا ننفق مئات الملايين من الدولارات على الطاقة الكهربائية وهناك منشآت ومحطات للطاقة يتم انشاؤها في العديد من المحافظات وهي تحتاج الى ثلاث أو أربع سنوات كي تعمل وبعضها يحتاج لمدة اقصر، وبعد سنة من الآن حسب تقارير وزارة الكهرباء فسوف يضاف عدد كبير من المحطات وترتفع مداخيل الطاقة الكهربائية بما ساعد على انخفاض ساعات القطع للتيار عن الناس. وان ما ينتجه العراق اليوم من طاقة كهربائية وهذا ما سمعته من وزير الكهرباء قبل ثلاثة أيام أصبح أكثر بكثير مما كان بنتيجة عهد صدام قبل سقوط النظام بالرغم من كل العمل الإرهابي الذي يستهدف المحطات والمنشآت النفطية.


 


مع السعودية


• كيف هي علاقتكم بالسعودية سيد... ألم تزوروا السعودية؟!


- كانت هناك زيارة لسماحة السيد الحكيم عندما كان رئيساً لمجلس الحكم... وبعد ذلك حصلت لقاءات في المجلس الأعلى ومع مسؤولين في الحكومة العراقية.


نحن لا نعتقد ان ذلك يمثل الطموح... لكن لدينا ارادة حقيقية في العراق للانفتاح على المملكة وهي دولة مهمة وركيزة أساسية في المنطقة ونتطلع الى توازن في علاقة العراق مع المنطقة والجوار ولكن على ما يبدو حتى هذه اللحظة... اخواننا في المملكة ظروفهم لا تسمح بالاستقبال المناسب لقوى سياسية أو كحكومة عراقية... وبالتالي نحن تواقون لتعزيز هذه العلاقات ضمن ظروفها الموضوعية.


• ألا تعتقد سيد ان لديهم شعوراً بأنكم أكثر ميلاً لإيران؟!... هم يعتبرون كما أظن أنفسهم اقرب... على الاقل من جهة العروبة؟! سأقول بصراحة أكثر... هم يشعرون ان الاخوان في العراق هواهم ايراني؟!


- لو كانت مثل هذه التصرفات وهذا الانطباع فهو ادعى لفتح الصدور وفتح القلوب والابواب، وليسمعوا منا ويستبينوا هل هناك انحياز معين... وهل... نحن معتزون بعروبتنا وبتاريخنا وبانتمائنا ومؤمنون بشكل عميق بالتوازن في علاقاتنا، ونحن لا نجد رغبة في ان تبقى الأمور كما هي... وبالتالي نحن تواقون مترصدون دائماً لاعطاء رسائل ودية وايجابية تعبر عن اعتزازنا العربي وانفتاحنا على الدول العربية من ناحية وايماننا العميق بالتوازن في علاقات العراق مع المحيط الاقليمي ودول الجوار.


نحن لا نحب ايران أكثر من السعودية... ولكن هذا يتطلب رغبة منا وانفتاح ومبادرة، وقبول من الاطراف الأخرى المعنية بهذا الشأن... والمصالح والعلاقات لا تبنى من طرف واحد، بل تحتاج الى ارادة من الجانبين، ونحن من ناحيتنا مستعدون واحياناً قد نتابع بشيء من الاستغراب ان لجاناً من المعارضة السياسية العراقية يستقبلون على أعلى المستويات في بعض الدول العربية فيما يكون هناك تحفظات أو توقف أو ظروف لا تسمح باستقبال قوى سياسية كبيرة معتمدة ومنتخبة من ابناء الشعب العراقي.


• هل المقصود أياد علاوي؟!


- أنا لم أطرح اسماء محددة... السيد أياد علاوي يشكل جهة سياسية ضمن العملية السياسية... نحن نتحدث عن استقبال لشخصيات وكيانات أساساً هي خارج العملية السياسية ووقفت لتدعم مسار العنف بشكل رسمي في خطابها العام.


• لكن هناك حوار يجري الآن مع بعثيين... مع عزت الدوري مع يونس الأحمد في دمشق؟


- هل تقصد ان المملكة تجري حواراً مع هؤلاء!


• لا نقصد جهات عراقية، فعندما اتهم رئيس الوزراء او انتقد الدكتور علاوي على حواره مع البعثيين قال علاوي بأن جهات في الحكومة تحاور البعثيين وتحاول التفاهم معهم؟


- هذا موضوع آخر لا علاقة له بعلاقة العراق مع دول الجوار... هذا ملف آخر.. ونعم فهناك حوارات ذكرت على السنة من شاركوا بها بأنهم فعلاً قاموا بالحوار مع هذه الاطراف.


نحن نعتقد ان مشروع المعالجة يجب أن يتوسع ويجب ان نعطي دوراً لمشاركة حقيقية لكل من يرغب في ان ينضم الى العملية السياسية، لكن هذا لا يجب أن يكون على حساب الثوابت في العملية السياسية ومنها اننا لا نتعامل مع مجرمين وكانوا السبب في معاناة أبناء الشعب العراقي على مدار عقود من الزمن، وبعض الاسماء التي ذكرت... هؤلاء كانوا من أوتاد النظام وشخوصه الأساسيين ومن المحاور الرئيسية للنظام السابق، فكيف يمكن أن ننفتح على هذه الأوساط.


• هناك من يطالب بإعادة تأهيل البعث الآن؟


- نحن نفرق بين البعثيين والصداميين، والبعثيون في صفهم العريضي في الماضي بإمكانهم أن يندمجوا مع الواقع الاجتماعي، ونحن طورنا القانون الخاص باجتثاث البعث الى قانون المساءلة والعدالة لنعطي فرصاً كبيرة في ان يأخذ هؤلاء مواقعهم ويندمجوا في المجتمع، أما الصداميون ومنه مثل هذه الاسماء المتورطة والمتوغلة بالدم العراقي فاعتقد ان التعامل معهم يفترض ان يكون باتجاه آخر، وليس هذا الشيء يخصنا... فكل الشعوب لم تسمح لجزاريها ان يأخذوا أدواراً في ادارة البلاد عندما تتغير الظروف ويذهبون بفعل التغيير.


• أعود لموضوع السعودية... هم تحدثوا عن مساعدات واسقاط قروض وسمو الأمير سعود الفيصل تحدث عن بعثة سعودية لإعادة فتح السفارة السعودية في بغداد... ما الذي تريدونه أكثر من السعودية؟! وبالنسبة لإرهاب القاعدة فإنها تضرب ايضاً بالسعودية؟!


- الملفات نحبذ ان نطرحها مع اعزائنا واشقائنا في المملكة... السادة المسؤولين هناك وليس على صفحات الصحف!


ونحن ننظر بإيجابية كبيرة لخطوة فتح السفارة والتمثيل الديبلوماسي السعودي واطفاء جزء من الديون العراقية الى غير ذلك... ننظر لها بتقدير واحترام... ونحن نتمنى ونتطلع لدور اكبر للمملكة العربية السعودية في مساعدة العراقيين والانفتاح على الواقع العراقي والتعامل مع كل الاطراف العراقية في ان تكون المملكة وغيرها من الدول العربية الشقيقة... ان يكونوا عنصراً مشجعاً للحمة الوطنية العراقية وللشراكة الحقيقية بين العراقيين، وهذا طبعاً الركيزة التي ننطلق منها في تحقيق كل هذه الأمور هو القبول بالعملية السياسية القائمة وافرازاتها واحترام الارادة الشعبية والانتخابات التي حصلت... هذه حكومة منتخبة وهذه العملية تحظى بثقة الشعب العراقي وحري بجميع الاشقاء ان يتعاملوا على هذا الأساس مع هذا الواقع.


• سيد هل انت متخوف من مواجهة عسكرية ايرانية - أميركية؟


- بالتأكيد.


كل المنطقة تشعر بالقلق من أي تصعيد أميركي - ايراني ينتج صراعاً معيناً فالاثار ستكون كارثية... كارثية على الولايات المتحدة، وعلى ايران ودول المنطقة ولعلنا في العراق نشعر بمخاوف اكثر من دول أخرى لظروف العراق التي قد تجعله مرشحاً ليكون ساحة لصراع معين... نحن قلقون من هذا التصعيد ونعمل جادين على نزع فتيل الأزمة.


أجرينا حوارات معمقة ومطولة مع الأميركان والايرانيين وكنا أول من دعا لحوار أميركي - ايراني  في الشأن العراقي، ولعله في وقته لم يحظ بالتفهم الكافي وفهمت بشكل خاطئ. وبعد حين تبين لكل الاطراف في العراق والمراقبين ان هذا الحوار هو واحد من المخارج الحقيقية للأزمة التي يعيشها العراق وتعيشها المنطقة. ونحن تواقون لمثل هذه الحوارات مع الشقيقة سورية ومع دول أخرى قد تكون لها هواجس معينة تجاه الواقع العراقي وافرازاته... ونريد ان تستمر هذه الحوارات بحضور العراقيين من أجل حل كل هذه الاشكاليات والوصول الى رؤية متوازنة تضمن المصالح لجميع هذه الدول.


• لعلكم تقصدون الهاجس التركي من المسألة الكردية؟ فالتوجه الأميركي للتقسيم قد يكون مزعجاً لتركيا لجهة احتمال قيام دولة كردية؟


- لا شك ان تركيا تمثل دولة كبيرة ومهمة في المنطقة وهي من دول الجوار العزيزة على العراق وتربطنا بها علاقات تاريخية طويلة ومصالح مشتركة حقيقية وكل العراقيين بما فيهم اخواننا الكرد تواقون لبناء علاقات مع تركيا كجار له دوره الكبير والمؤثر اقليمياً ودولياً وبالتالي يهمنا جداً ان يكون هناك تفهم من كل دول الجوار لما يجري في العراق وللخطوات التي يأخذها العراقيون وهذا التفهم لا يكون بطبيعة الحال الا عبر الحوار البناء والتواصل وتبديد الهواجس.


إن قرار النظام الفيديرالي اتخذه العراقيون وصاغوه بأياد عراقية في دستورهم وتم الاستفتاء على ذلك شعبياً، ولا يسعدنا ان يوصف النظام الفيديرالي بأنه تقسيم بل هو يمنع التقسيم... ومثل هذه المفردات (التقسيم) عندما تستعار لتعبر عن النظام الفيديرالي فإنها تخلق الفجوة بين العراق وأشقائه في العالم العربي والعالم الإسلامي، وتثير دول الجوار وبالتالي لا أشعر ان هذه التعبيرات صحيحة... نحن جادون في مواصلة الحوار وكانت لنا حوارات مطولة مع اعزائنا الاتراك وسنواصل ذلك لتبديد كل هواجسهم.


نحن ننظر بجد لهواجس دول المنطقة تجاه اي مشكلة في العراق.


• أود أن نتحدث عن الهجرة الداخلية... التهجير، وكذلك تكدس العراقيين المهاجرين في دول الجوار بعد ان كنا نتوقع عودة للعراقيين لا هجرة عكسية من بلدهم؟!


- المهاجرون ليس موضوعاً جديداً في العراق فهناك ثلاثة ملايين هاجروا من العراق في عهد صدام حسين والكثير منهم لم يتيسر له العودة للعراق للظروف الأمنية التي مرت بها البلاد.


لا يمكن أن ننظر لكل المهاجرين نظرة واحدة... بأنهم هاجروا بعد سقوط النظام وننسى تلك الملايين التي هاجرت بالسابق. وهذا النزوح جاء على أكثر من خلفية فهناك اغراءات مادية للحياة والتوظيف للنخب العراقية في دول الجوار وغيرها.


وبما ان الظرف في العراق... بقطع النظر عن التداعيات... ولكن لو كان نظام صدام يفتح المجال لسفر الناس بشكل طبيعي لكان ملايين من الناس غادروا العراق في عهد صدام... لكن ذلك لم يحدث لاعتبارات منع العراقيين من السفر.


هذه حقائق مهمة تخفف... فبعد سقوط النظام هناك عدد مهم هاجر ليس على خلفيات العنف وانما هاجروا لتحسين الظروف المعيشية الصعبة في العراق... وهناك من خرج من العراق لاسباب العنف... وغير الطائفي تحديداً، فإذا ذهبنا الى الاردن وسورية سنجد كثيراً من ابناء الانبار والمنطقة الغربية مثلاً وهؤلاء لم يخرجوا لعنف طائفي من مجموعات متطرفة مثلاً.


وفي سورية والأردن هناك اعداد كبيرة من لون واحد ما يعني ان هؤلاء خرجوا دون وجود عنف متبادل.


وهناك من خرج بضغط مجموعات متطرفة من اللون الآخر ويمكن ان يكون هناك من الاغراء من اهل السنة تعرضوا لضغوطات انتماء مذهبي آخر وكذا الأمر بالنسبة لاعداد كبيرة من الشيعة في مناطق مختلطة غادروا لضغوط من لون آخر... هذا صنف واحد من ستة أصناف فلا يجوز ان نرى مجموعة اللاجئين كلها من هذه النوعية فهنا نجافي الحقيقة.


ولدي ملاحظة اخرى وهي ان كل دولة تعرف عدد الذين خرجوا من شعبها فهناك جوازات ومعابر... والارقام المتوافرة للحكومة العراقية عن اعداد المهاجرين اقل بكثير من الارقام التي نسمعها من تصريحات اعلامية في تلك الدول.


• ومن هجروا من مناطق في البصرة.. وتلعفر... الهجرات التي تمت على نسق طائفي؟


- هذه هجرة غير محصورة بمجموعة واحدة فقط... والحل هو اننا كلما تقدمنا في مشروع المصالحة وكلما تطور الوضع الأمني في العراق أكثر كلما أمكننا ان يعود هؤلاء الى بيوتهم ومناطقهم... الوضع الأمني الحالي اعطى العديد من هذه العوائل لأن تعود، وعندما تطهر المناطق من الإرهاب فإن هذه العوائل قادرة على العودة بطبيعة الحال ونحن نعمل على عودة كل العوائل النازحة الى منازلها في كل المناطق.


• بعد تجميد ميليشيات الصدر... هل من امكانية لتجميد او الغاء كل الميليشيات بما فيها ميليشيا بدر؟


- لا شك اننا منذ اليوم الأول الذي قررنا فيه بناء دولة المؤسسات في العراق قلنا ان ذلك لا يجتمع مع وجود مؤسسات مسلحة وميليشيات خارج اطار الدولة، وقلنا ان هناك مجموعات مسلحة كفيلق بدر والبشمركة ومجموعات مسلحة للحزب الإسلامي، للوفاق الوطني الدكتور اياد علاوي وغيرها مما كان قائماً وقارع نظام صدام آنذاك... فجاء القرار 91 الذي يعني دمج هذه المجموعات المسلحة ضمن المؤسسة الأمنية للاستفادة من خبرة الاكفاء بهم ودمجهم بالمجتمع او احالتهم للتقاعد وهذا ما حصل.


• وبالنسبة الى بدر؟!


- طرح الشهيد الحكيم وقبل ان يتم تداول هذه المسألة ان تدمج الميليشيات بالقوى الأمنية وتم تحويل فيلق بدر الى هيئة سياسية اسمها منظمة بدر، وبالتالي لم يعد لدينا ميليشيا باسم بدر أو مسلحين يحملون هذا الاسم.


ومن كان لهم قدرات قتالية تم دمجهم بالمؤسسة العسكرية والبعض ذهبوا لأعمال مدنية والبعض الآخر تحولوا للعمل السياسي وهؤلاء لهم مواقع سياسية ومدنية وليس لهم من الحراسات إلا ما يكفي للدفاع عن المقار والأعمال شأنهم شأن كل القوى السياسية، وقد حصلت متابعات ومداهمات أميركية وعراقية ولم يتوفر اي وثيقة او دليل بأن (بدر) تمارس عملاً خارج نطاق الدولة لأن ايماننا العميق يمنع هذا الأمر... واي جهة تحمل السلاح خارج نطاق الدولة ولو ثبت ان بدر حملت السلاح فسوف نكون اول من يقف امام ذلك.


• اتهموك سيد انك تبيع النفط؟!


- هذه الاتهامات تأتي من جهات لا تعرف... او تتناسى ان العراق به وزارة نفط ومؤسسات وان تصدير النفط يتم بآليات قانونية فالآبار ليست على شاكلة ان يذهب كل مواطن ويأخذ نفطاً ويبيعه بهذا المكان او ذاك.


من الواضح في ظل الحريات في العراق، والتنافس السياسي الموجود فقد يسعى البعض لأن يختلق أموراً... وأنا اطلعت على وثيقة غريبة فيها وكأنه تخويل لي... لعمار الحكيم ان يصدر نفط العراق وفي الوثيقة ختم وتواقيع وهي ملفقة بطريقة توحي للمشاهد البسيط وكان هناك شيء من هذا القبيل متجاهلة ان للحكومة العراقية آلياتها الواضحة في تصدير النفط شأنها شأن كل الدول... والنفط يصدر وأمواله تنزل في الخزينة العراقية... لسنا في بلد يدار بهذه الطريقة العشائرية أو القبلية حتى يصدر شخص واحد النفط لحسابه الخاص... وانا لم أشترك لا من قريب ولا من بعيد بعملية تصدير النفط وحتى ليست لدي الخلفية التي تعرف تفاصيل عملية استخراج النفط او بيعه وكيف يبيع وما هي الآليات وما هي الاسواق وما هي الاسعار... لست معنياً من قريب او بعيد بأي شيء يرتبط بالنفط او بغيره من السلع.


• ما برنامجكم في الكويت؟!


- نعتمد برنامجنا في زياراتنا الرمضانية نفسه الذي كان يعتمد المرحوم الشهيد السيد محمد باقر الحكيم ونحن نحرص على لقاء ابناء الشعب الكويتي عبر دواوينهم وشخصياتهم ووجاهاتهم فتحصل حوارات طيبة، والشعبان يعيشان ظروفاً واحدة ولنا تفهم مشترك ورؤية مشتركة تساعد على تمتين المصالح بين البلدين.


• كلمة أخيرة؟!


- ما أود قوله بوضوح هو ان العراق لا يمكن ان يدار من جهة واحدة.... نحن لدينا ايمان عميق بالشراكة الحقيقية بين العراقيين، ولا نشعر بسعادة الا عندما نجد كل الالوان العراقية حاضرة بكل الالوان من أعلى المواقع الى أبسطها... وقد عبرنا عن هذه الرغبة وهذه الارادة وعملنا على تحقيقها بشكل جاد.

ونشعر بأن هناك اختلالاً في علاقة العراق مع دول الجوار والمحيط الاقليمي ونعتقد ان العراق سيندفع بقوة للانفتاح على العالم العربي فيما لو وجد في اشقائه العرب الرغبة في هذا الانفتاح والتواصل ونحن نتطلع لأن تتشابك المصالح ويكون هناك دور عربي مساند للواقع العراقي ونشدد دوماً على أهمية ان يكون هناك تفهم عربي للافرازات الجديدة في الواقع العراقي والتعامل مع العراق كما هو وليس كما يتمنى البعض... وليس كل ما يتمنى المرء يدركه، وقدر العراقيين ان يكون بهم هذا التنوع وهذا المزيج الطيب ونحن معتزون بقدرنا ونتمنى لاشقائنا ان يعتزوا او يقبلوا على الاقل هذا التنوع وهذا التعدد في الواقع العراقي وان يتعاملوا معه كما هو
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي