أوضح الكلام

في شرح أحاديث الأحكام

تصغير
تكبير
| د.عبدالرؤوف الكمالي |
زاوية فقهية خاصة بشهر رمضان المبارك نتعرض فيها بالشرح والتوضيح لبعض الاحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالاحكام، يعرضها لكم الداعية الاسلامي المعروف الدكتور عبدالرؤوف الكمالي استاذ الفقة في كلية التربية الاسلامية.

باب الرجل يسمع النداء والإناء على يده

الحديث:
عن ابي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذا سمع احدكم النداء والاناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه».
تخريج الحديث:
اخرجه ابوداوود (2333)، كما اخرجه أحمد في «مسنده» (2/423) والحاكم في «مستدركه» (1/203، 426) وصححه ووافقه الذهبي، وقال الشيخ الالباني - رحمه الله - في «صحيح ابي داود» (2060): «حسن صحيح» اي حسن الاسناد، صحيح المتن لما له من طريقة اخرى صحيحة الاسناد، اخرجها - ايضا- أحمد (2/510) والحاكم (1/203، 205) وصححه، وطاله من شواهد ذكر الشيخ الالباني في «السلسلة الصحيحة» (3/382/384)، تحت الحديث رقم (1394).
شرح الكلمات:
«النداء»: اي اذان الصبح.
«والاناء»: اي الذي يأكل منه او يشرب منه.
«حتى يقضي حاجته منه»: اي بالاكل والشرب.
ولما كان هذا الحديث مخالفا لظاهر الكتاب العزيز، في قول الله عز وجل: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر)، كان للعلماء اجوبة متعددة عنه:
-1 ان الحديث محمول على من سمع الاذان ولم يتبين له طلوع الفجر، بل هو شاك فيه، او عالم بعدم طلوعه. وهذا تأويل بعيد، ليس في الحديث ادنى اشارة اليه، وكيف يؤذن المؤذن - الذي هو احرص الناس على الوقت واعلمهم به - والفجر لم يطلع؟! وكيف يصح هذا الجواب مع اطلاق الحديث وعمومه الذي يتناول ويشمل كل اذان؟!
-2 ان المقصود بقوله: «النداء» الاذان الاول للفجر الذي لايحرم الطعام. وهذا التأويل ضعيف - ايضا- كما ترى، فان لفظ «النداء» اذا اطلق انصرف إلى الثاني، ثم ان التقييد بقوله: «والاناء على يده» مع الترخيص بالاكل والشرب، يدل على ان سماع النداء حصل في وقت ينهى فيه عنهما.
-3 ان المدار على منع الاكل والشرب هو تبين الفجر لامجرد طلوعه، كما هو نص الآية الكريمة، فالعبرة باستطارة الفجر وانتشاره لا بأول طلوعه، فالتبين يتأخر عن اوائل الفجر بشيء، والمؤذن لانتظاره يصادف اوائل الفجر، فيجوز - حينئذ - الاكل والشرب إلى ان يتبين الفجر.
وهذا الجواب وان كا له وجه، وقد قال به بعض السلف، الا انه خلاف ما عليه عامة اهل العلم، قال ابن القيم - رحمه الله -: «وذهب الجمهور إلى امتناع السحور بطلوع الفجر، وهو قول الائمة الاربعة، وعامة فقهاء الامصار، وروي معناه عن عمر وبن عباس».
ثم ان الاخذ بهذا التسفير - ان التبين هو انتشار الضوء - يؤدي إلى عدم الانضباط والدقة في الوقت الذي يحرم فيه الاكل والشرب للصائم.
كما انه مخالف لصريح بعض الاحاديث الصحيحة في ان المنع انما هو بمجرد الطلوع، ففي حديث عائشة رضي الله عنها المرفوع عند البخاري: «كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن ام مكتوم، فانه لايؤذن حتى يطلع الفجر». وفي «صحيح مسلم» من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: «سمعت محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: لايغرن احدكم نداء بلال من السحور، ولا هذا البياض حتى يستطير»، وفي رواية: «حتى يبدو الفجر».
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - في «شرح العمدة»: «والصحيح... انه اذا دخلت الصلاة (اي وقتها) حرم الطعام، لان الله تعالى قال: (حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر).



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي