| عبدالعزيز صباح الفضلي |
عندما حدثت ثورة 25 يناير والتي أطاحت بحسني مبارك فرح لها المصريون وشاركهم الفرح الكثير من أبناء الأمة العربية والإسلامية، لتخلصهم من نظام جثم على صدورهم لأكثر من 30 عاما ذاق معها الشعب المصري أشكالا من المهانة، والتفرقة، ونهب الثروة، وتركزها في أعداد قليلة من العوائل القريبة والموالية للنظام، نظام كان مواليا للغرب وخادما لمخططاته في المنطقة، فكانت الفرحة مستحقة.
ولكن بالله عليكم أخبروني على أي شيء يفرح من سمع بخبر الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس مرسي؟ هل أسقط الانقلاب رئيسا جاء على ظهر دبابة؟ أو قام بسرقة أموال الشعب؟ أو حكم الناس بالحديد والنار؟ أو عين أبناءه وأقرباءه بوظائف مرموقة وبرواتب خيالية؟
لقد تم إسقاط أول رئيس مصري منتخب، رئيس حرص على أن تملك مصر قرارها، وتستغني عن الغير في غذائها ودوائها وسلاحها، رئيس كان يطمح أن يعيش شعبه في عزة وكرامة، وتعامل معه بعدالة ومساواة. فعلى أي شيء تفرح يا من سمعت بإسقاط حكم الرئيس مرسي؟ هل تفرح بإسقاط حاكم مدني ليحل بدلا منه حكم عسكري؟ أم تفرح وأنت ترى رئيسا حافظا للقرآن يتم استبداله برئيس نصراني؟ وهل تفرح على سقوط رئيس شارك في إقصائه، فلول النظام السابق وبعض العلمانيين، ودعاة التحرر من الدين والأخلاق، ورجال الكنيسة؟ إنه بالفعل أمر يثير العجب!!!
وإذا أردت أن تعرف أسباب الانقلاب فتأمل مواقف الرئيس ومحاربته للمفسدين في الداخل من عسكريين ومدنيين، وموقفه الداعم لغزة والذي جعل الصهاينة يشيرون إلى أن وجود مرسي في الحكم يهدد أمن إسرائيل واستقرارها، وانظر إلى موقفه من الثورة السورية ودعمه لها، وفتح المجال لعلماء المسلمين كي يعقدوا مؤتمرا لدعم الثورة السورية والاعلان من خلاله عن رفع راية الجهاد، وتأمل موقف الرئيس من مشروع تطوير وتنمية محور قناة السويس، والذي كان سيدرّ على مصر مليارات الدولارات إلا أنه سيؤثر على اقتصاد دولة خليجية، فلم تتردد في مناصبته العداء.
أعتقد أن إسقاط حكم الرئيس مرسي يعتبر وصمة عار في وجه من فرح أو ساهم بذلك من دعاة الديموقراطية من الليبراليين والعلمانيين، وعار في حق شيخ الأزهر الذي دبج وخرّج الفتوى التي تبيح مثل هذا الانقلاب، وهو عار على حزب النور السلفي الذي لمصالح شخصية ولغباء سياسي، قام واصطف مع من اسقطوا الرئيس، ويكفيه فضيحة أن من شارك في هذا الانقلاب ونطق تأييدا له راعي الكنيسة حامل الصلبان.
برغم الجرح العميق الذي خلفه الانقلاب في قلب كل محب لأم الدنيا، إلا أن فيه فوائد، ومنها أن الله كشف معادن الرجال والأحزاب، فميز الناس فيه بين الخبيث والطيب، وتبين للناس حقيقة الانقلاب ومساوئه والذي تمثلت ممارساته في كبت الحريات من خلال إغلاقه للقنوات الإسلامية، واقتحامه وقطعه الإرسال عن بعض القنوات الإخبارية والتي تنقل الحقيقة واعتقاله لبعض رموز معارضيه، وهي أمور لم يفعلها الرئيس المنتخب مرسي مع مخالفيه، ولم تقدرها المعارضة في عهده، واليوم تبين من الذي يسعى لإسكات الصوت والرأي الآخر.
نقول لكل محب لحكم مرسي، لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير، وكونوا على يقين بأن تصريف الأمور إنما هو بيد الله، وأن أرواح الشهداء لن تضيع هدرا، وأن صفّا فيه الوجوه المتوضأة والقلوب الطاهرة، من الساجدين القانتين، لن يهزم بإذن الله، والأيام دول، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
twitter :@abdulaziz2002