د. مبارك الذروه / رواق الفكر / قبل فوات الأوان

تصغير
تكبير
المغول يحيطون ببغداد. ويطلقون مدافعهم المنجنيقية النارية فوق اسوار دار الخلافة العباسية ويرسلون نبالهم لقتل وترويع المسلمين... علّ خليفتهم يستسلم ويخضع... وكان ذلك في عام 656هـ!!

هناك في قصر الخلافة، يجلس الخليفة العباسي على كرسي حكمه سادرا في غيه لاهيا جاهلا بخطورة المرحلة... متصنعا بالحكمة العمياء وبين يديه ترقص جارية حسناء...

وفجأة يقتحم سهم من خلال احد الشبابيك ليستقر في عنق الجارية فتخر صريعة بدمائها...!

ترى ما الذي سيفعله الخليفة المستعصم بالله؟

هل سيقاتل ويدعو الى الجهاد والقتال والدفاع عن كرامته؟

الخليفة الضعيف... يرتعد من الخوف... ويحزن لموت جاريته ويخرج السهم فإذا مكتوب عليه رسالة لعله يدرك معناها قبل فوات الأوان وهي (إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره، أذهب من ذوي العقول عقولهم)!!

يروي هذه الرواية بمعناها المؤرخ والعالم الجليل ابن كثير رحمه الله...

ماذا فعل الخليفة بعد ذلك... قام بإغلاق الشبابيك... ولم يأمر بتجهيز جيشه او الدعوة الى الجهاد والنفير...

وما هي الا ايام اربعة حتى كان مربوطا مقيدا امام هولاكو المغول... وقتل رفسا وركلا بالأقدام... وقتل مئات من العلماء وحفظة القرآن الكريم ورجال الدولة والآلاف من الاطفال والشيوخ والنساء... ثم استباحة بغداد في مذبحة وجريمة لم تعرف بغداد اشد منها...!

هكذا تسقط الدول... وتضيع دماء المسلمين...

العدو حول العاصمة بغداد... والخليفة في لهو ورقص... ومجون...!

التاريخ اثبت ذلك، ليس هذا كلاما فارغا، فقد وصلت أقوى جيوش الارض التتارية في القرن السابع ودمرت بغداد وقتلت اهلها شر قتلة... ثم سيطرت على سورية حتى قام علماء الاسلام بعد ذلك بسنين بالنفير العام وإعلان الجهاد... عند ذاك انهزم المغول...

***

رغم التعتيم الإعلامي من قنوات العرب الفضائية الا ان صوتهم وصل الى أسماع الدنيا في كل مكان.

فقد أحسن مؤتمر علماء المسلمين حين أفتى بالإجماع بوجوب الجهاد بالمال والنفس لكل قادر مستطيع...

وأوصى في نهاية المؤتمر بتوصيات عدة منها اعتبار نصرة الامة الروسية والصينية والايرانية ووقوفهم مع حزب البعث والشيطان بمثابة حرب ضد الاسلام والمسلمين...

فقد تطورت الاحداث بسرعة مدهشة تلتها تقارير أميركية تكشف استخدام النظام السوري المجرم للسلاح الكيماوي في حربه ضد الشعب المكلوم...

وتبع ذلك بسرعة أكثر دهشة القرار الاميركي بسرعة تسليح المعارضة السورية وجيشها الحر... ثم تناغم وزير الخارجية البريطاني مع القرار الاميركي مؤكدا استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي في قتل شعبه... ما يبرر عسكريا الدعم العسكري للشعب السوري...

وكأن السيناريو العراقي وتدخل الاميركيين واسقاط النظام البعثي آنذاك بحجة الاسلحة الكيمياوية والنووية هو ذاته يتكرر استعدادا للدخول الاميركي والغربي لساحة الشام وبداية مرحلة جديدة من القتال...!

ومع اختلاف المشهدين العراقي والسوري الا ان المحصلة النهائية واحدة...

ندرك ان المصالح الغربية وتقاطعها مع الأميركيين هي المحرك لأي دعم ولربما هو إجهاض لحركة الإفتاء الجهادية الاخيرة والدعوة الى النفير العام...!

ان ارض الشام وفقا للموروث الاسلامي ومرجعياته الصحيحة هي ارض جهاد ورباط...

وان تفعيل دور العلماء المحرض للجهاد والنفير العام لن يقلب موازين المعركة مع النظام السوري الظالم فحسب بل ان مكوناته العسكرية الجهادية ستحيي مفاهيم كادت ان تموت في الامة وستقلب موازين العالم كله بعد عقود...!

لا نثق بالغرب ولا بمواقف اميركا محرك الدمار وصانعة الحروب...

اليوم تمايزت الامة وتبين من بكى ممن تباكى!

سقطت أقنعة الزيف من وجه حزب الشيطان وسياسة التوسع الإيراني وأدرك العرب ان وحدتهم كأمة هي السبيل لانتصارهم... وما لم تقف حكومات العرب موقفا واحدا فإن الحلف الشرقي سيأكلهم تباعا...!



 د. مبارك الذروة 

Dr_maltherwa @
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي