| خالد طعمة |
لم يكن يريد أن يتكلم كي لا يتفوه بتلك الكلمات، إلا إنني استطعت تحقيق ذلك، هي بالنسبة لي لم تكن كلمات عادية أو اعترافات بسيطة بل حروف اعتصرها الألم، خرجت من فم رجل صديق عشق السياسة ودخل أحد مساراتها.
سؤالي له كان حول أسباب انسحابه الحقيقية من العملية الانتخابية بعد أن قدم أوراق ترشحه غير مبالٍ بتلك الأحداث التي عصفت بالبلد، قال وهو لا يستطيع أن يضع عينيه في عيني بكل حسرة وألم بأنه ترشح حباً وإخلاصاً للوطن ولرموزه ولكنه لم يتمكن من الدخول على المجتمع؟ فبادرته مقاطعاً له في ما يقول بأن له شعبيةً تؤهله للفوز في ذاك العام إلا أنه أسكتني عندما أعاد عبارته (الدخول إلى المجتمع) فعلياً واقعياً، هنا لم أتمكن من مقاطعته وقررت أن ألتزم الصمت منصتا له حيث بين لي أن البعض يعيشون بيننا وهم لا يعيشون كما نعيش وضرب في نفسه مثلاً بأنه تعرض إلى أزمة صحية أدخلته في غيبوبة امتدت لأكثر من شهر حتى فقد الكثير من صحته فهو يحق له الاندراج تحت طائفة ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكنه رفض كي لا ينكسر أكثر من الانكسار الذي يعيش فيه يومياً لأن وضعه المالي متوسط وأسرته ناشئة فكيف له أن يتقبل حقيقة أنه معاق.
قال لي إن تلك الانتخابات كانت تمثل له فرصة تمكنه من تحقيق رؤاه في إصلاح العديد من المثالب في واقعنا ولكن من يصدق القول مع الفعل خاض شخص من نفس مكونه الاجتماعي الانتخابات بل إن هذا الشخص كان لأسرته الفضل الكبير على أقربائه فكيف يكون ناكراً لفضلهم بالوقوف أمامهم في الانتخابات، رفع رأسه وهو يقول أقرب الناس لي ممن يتمتعون بحق التصويت والانتخاب اعتذروا لي وطالبوني بالانسحاب، قلت له ما المشكلة؟ فقال أنا صادق مع السياسة ولكن السياسة لا تصادق أحداً. الأطباء في كل ستة شهور يقولون لي بأنني سوف أغدو مقعداً وأحتاج إلى عملية في القلب وإن صارحت من هم حولي فإن أمراً غير سار سوف يحدث لي تعلم بأنني قدمت الكثير من الأبحاث إلا أنها كلها سوف تكون هباءً منثوراً فأنا مرشح منسحب من الدنيا للأبد لا في انتخابات مجلس منتخب، فظروفي لا تسمح لي. اندهشت ولم أتمكن من التفوه بأي كلمة حتى قلت له علاقتك مع الله ومن ثم جهدك على أسرتك وقلمك الصادق هم الأهم، قال مودعاً لي والحزن يتملكني بعد أن تملكه أسأل الله أن يمكنني من رعاية أسرتي بصحة وعافية وأن ينساني المجتمع حتى لا أضايقه بأي شيء صادر مني.
ترشحي كان لهم مصيبة وظهوري مثل للبعض بأنه رذيلة وخوضي في السياسة جريمة في حقهم قبل أن تكون في حقي، من أنا كي أكون من ضمنهم، فأنا بالكاد أعطي محيطي حقه أكتب عن هموم الناس ولا أعرف البوح عن همي، ماذا أستطيع أن أمنح السياسة؟ وماذا منحتني؟، هل حقوق المحيطين بي تمكنوا من نيلها؟ هل أطالب بحقوق المجتمع وأنا لا أستطيع نصرة نفسي وأهلي؟
أنا بلا صحة وآلامي في العظام لا علاج لها سوى بالقطع والاستبدال بقطع اصطناعية ولم أعد أحتمل ولا أحد يمكنه معرفة ظروفي، قلت مخاطباً نفسي.. الله المستعان.
khaledtomaa@
khaledtoma@hotmail.com