| عبدالعزيز صباح الفضلي |
عندما يتميز إنسان وينجح في أحد مناحي الحياة (سياسية - اقتصادية - اجتماعية....) فإن هناك نظرتين تتجهان إليه، إحداهما نظرة إعجاب وتقدير، تتبعها رغبة في الاقتداء والتقليد، ونظرة أخرى يملؤها الحسد والبغض، يتبعها هجوم وانتقاص، وربما زادت لتصل إلى التآمر ومحاولة التعطيل.
وبلا شك أن من الشخصيات السياسية التي حازت على الإعجاب واكتسبت التقدير والاحترام هي شخصية رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان.
هذه الشخصية التي تحدثت عنها إنجازاتها قبل عباراتها، وكانت لها مواقفها البطولية والشجاعة سواء على المستوى الإسلامي أو العالمي، ولأنها خطفت الأضواء من كثير من الزعامات الفاشلة، ولأنها فضحت بعض الزعامات الطائفية، كان لا بد من شحذ السكين عليها، وتسليط الألسن ضدها، للتشكيك في مواقفها وإنجازاتها.
وإلا فهل هناك عاقل ينكر موقف أردوغان البطولي في مؤتمر دافوس، بعد اعتراضه على رئيس الوزراء الاسرائيلي، في الوقت الذي عجز فيه أمين الجامعة العربية في ذلك الوقت عمرو موسى من أن ينطق بكلمة، وظل تائها لا يدري كيف يتصرف؟
هل من المعقول أن تتحول نصرة أردوغان لأهل غزة من خلال السماح للسفن التركية أن تبحر من أجل كسر الحصار عن أهل غزة، أن نعتبر ذلك مجرد بطولات وهمية؟
وأتساءل ماذا يمكن أن نسمي إخضاعه لليهود وإجبارهم على الاعتذار بعد تعديهم على اسطول الحرية وقتل بعض الأتراك؟ في الوقت الذي لم تعتذر فيه إسرائيل لأي زعيم عربي أو إسلامي؟ ألا يعد ذلك إنجازا وبطولة؟... لكنها العداوة والبغضاء التي تعمي الأبصار.
ما يقوم به البعض اليوم من التقليل من انجازات أردوغان، ووصفه بالدكتاتور، يذكرني بموقف المنافقين في عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والذين لم يسلم من أذاهم أحد، فعندما تبرع تجار الصحابة بأموال كثيرة لتجهيز أحد الجيوش قال المنافقون إنما دفعوا هذه الأموال رياء وسمعة، وعندما ساهم فقراء الصحابة بأموال قليلة، قال المنافقون «الله تعالى غني عن أموال هؤلاء».
عندما قاتل الصحابةُ المشركين وكسبوا غنائم مع الفتح، قال المنافقون إنما قاتلوا رياء وسمعة ولأجل الغنائم، ولما قُتل بعض الصحابة في غزوة أحد ونالوا شرف الشهادة، الذي جبن المنافقون عن طلبها، قالوا عن قتلى الصحابة (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قُتلوا).
وهكذا هو حال الحساد والخصوم وهم بذلك يذكرونني بقول الشاعر
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه... فالناس أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلنا لوجهها... حسدا وبغضا إنه لدميم
وأقول لمن يريد المقارنة بين تعامل أردوغان مع المتظاهرين في بلده، وما جرى من تعامل القوات الخاصة مع المعارضة في بلادنا، لقد أبعدت النجعة، وأخطأت المقارنة لسببين الأول أن المظاهرات في تركيا لم تكن سلمية بل صاحبها تخريب وإتلاف للممتلكات، وهذا لم يحصل في الكويت، والأمر الثاني أنه في المظاهرات التركية تم القبض فعليا على عناصر أجنبية لها انتماءات خارجية كانت تشارك في المظاهرات وتؤجج الشارع، بينما عجزت وزارة الداخلية عندنا ووسائل الإعلام الحكومية أن تثبت وجود عنصر واحد غير كويتي من بين المتظاهرين.
الذين يحلمون بربيع تركي أقول لهم أنتم واهمون، فلقد أعلنها أردوغان بنفسه بأن بلاده لا تحتاج إلى ربيع تركي لأنه وقع بالفعل عندما وصل هو وحزبه إلى الرئاسة عبر صناديق الاقتراع، وقاموا بإزاحة الجيش والنظام السابق الفاسد من دون أن تطلق رصاصة واحدة، وهذا هو الفرق.
ولقد شهدتُ محبة الناس وتأييدهم لأردوغان عندما كنتُ في تركيا قبل أيام وعند خروجي من المطار وجدت ازدحاما شديدا وأعدادا ضخمة من المتظاهرين كادت تغلق أغلب الطرق، وقلت هل وصل معارضو أردوغان إلى هذه القوة والكثرة العددية، فأخبرني سائق الأجرة بأن هؤلاء جاءوا للترحيب بأردوغان بعد عودته من تونس، ولقد شاهدات طوابير السيارات الممتدة لمسافات بعيدة، كما تنوعت هيئات المتظاهرين ما بين الملتحي والحليق، وما بين المحجبة ونقيضتها، الكبار والصغار، الكل يهتف تأييدا لأردوغان، فموتوا بغيظكم أيها الحساد.
twitter : @abdulaziz2002