| عبدالعزيز صباح الفضلي |
من أخطر الأسلحة التي تستخدمها الحكومات للوقوف في وجه طلاب الحرية ومؤيدي الاصلاحات هم بعض المنتسبين للدين والمرتدين لباس التعاليم.
أولئك الذين يمكننا القول بأنهم يشرعنون الطغيان، ويمدونه بالفتاوى التي هي كجهاز التنفس الصناعي الذي يساعد في طول بقائهم.
والمتابع للأوضاع في وطننا العربي والإسلامي أصبح يميز هذا الصنف من الناس، ويعرف أسماءهم، ومن كثرة دفاعهم عن الأنظمة في الحق والباطل أصبح يشك في حقيقة العلم الذي يحملونه، والغايات التي يطمحون لها.
ومن صفات هؤلاء القوم أنهم يُخذّلون عن نصرة المجاهدين، ويُلقون عليهم الشبهات، بل ويُحذّرون الناس من دعمهم وتأييدهم، ولعل من آخر المواقف في التخاذل هو ذلك المقطع الصوتي لأحد المنتسبين إلى العلم وهو يهاجم المجاهدين في الثورة السورية، ليأتي في أقواله بالعجائب والمتناقضات.
فهو يتجرأ ويقسم بالله تعالى على أنه لا يوجد رجل واحد ممن يقاتلون في سورية يريد إعلاء كلمة لا إله إلا الله، والعجيب في الأمر أنه كيف استطاع الجزم بنياتهم ومقاصدهم والتي لا يعلمها إلا الله؟ (اطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا).
ثم هو يزعم بأن الذين يقاتلون في سورية إنما جاؤوا لحمية أو فزعة أو من أجل الديموقراطية، وأن من قتل منهم ليس بشهيد، ولا ندري هل اطلع على أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام والتي تدل على أنه من قُتل دون ماله أو عرضه أو دمه فهو شهيد، أم أن له شرحا آخر خاصا به يصرف هذه الأحاديث عن مرادها، ويجعلها لا تنطبق على الثورة السورية؟
ثم لعداوته وخلافه مع تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين جعله ينسب فعل هذا لهذا وفكر أحدهما للآخر، وذلك عندما زعم بأن القاعدة لو قامت لها دولة فإنها لن تحرص على التوحيد وتطبيق شرع الله، مستشهدا بأنهم تولوا الحكم في مصر، فلم يزيلوا قبرا أو ضريحا، ولم يدعوا إلى ذلك أو يجعلوه من أولوياتهم.
ولعل أبسط الناس يعلم أن الذي يحكم مصر الآن رئيس ينتمي إلى الإخوان وليس له علاقة بالقاعدة، وأن تنظيم القاعدة لم تقع تحت حكمه أي دولة إلى الآن؟
ثم أين أنت من المبدأ الذي تدرسه لطلبتك من عدم الإنكار على ولي الأمر في العلن؟ أم أنه إذا كان الحاكم يحمل فكر الإخوان أو منتميا لهم فالأمر مختلف؟ وكأن الفتوى أصبحت على حسب الهوى وليس الدليل!! ثم يأتي بطامة أخرى عندما يروي حادثة عن شخص مجهول ويقسم عليها أيضا!! بأن رجلا ممن يتعاطون الحشيش قام بتفجير نفسه في جيش النظام، طبعا هو يروي الحادثة مستنكرا مشاركة المحشش في محاربة النظام، وفي الحقيقة لا أعلم أحدا من أهل العلم اشترط خلو إنسان من الوقوع في الكبائر حتى يسمح له المشاركة في الجهاد، ولعل قصة أبو محجن الثقفي ومشاركته في معركة القادسية برغم أنه كان يُجلد في شربه للخمر خير رد على هذا المتعالم.
من أخطر ما قاله هو أنه يقسم على تحرجه من دعم الثورة السورية بالسلاح لأن في ذلك فتنة، وأقول ألم تسمع وتقرأ أقوال أهل العلم في الداخل والخارج ممن أوجبوا دعم المجاهدين في سورية، ومنهم إمام الحرم المكي الشيخ صالح آل طالب من فوق منبر المسجد الحرام؟
أقول لكل قارئ احذر هؤلاء الذين تواجدوا منذ العهد النبوي إلى يومنا هذا، ممن تخاذلوا عن الجهاد وعن نصرة أهله بدعوى الفتنة (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا).
يقول ابن حزم (ولا إثم بعد الكفر أعظم من إثم من نهى عن جهاد الكفار، وأمر بإسلام حريم المسلمين لهم).
نعوذ بالله من الخذلان.
twitter : @abdulaziz2002