إذا أردت أن تزن إنسانا وتعرف عدالته وانصافه، فانظر إلى موقفه من الظالم والمظلوم وفي صف من يقف، فإن رأيته يقف مع الظالم لقرابة أو مصلحة أو تحزبا أو لطائفية فاجعله وراء ظهرك ولا تُقم له وزنا، واعتبره من سقط المتاع.
المشهد السوري مؤلم، والقتل على الهوية يقود سورية إلى الهاوية، تتعجب ممن يقف مع النظام السوري مؤيدا وداعما بالمال والسلاح والرجال والإعلام، برغم تجاوز عدد القتلى 100 ألف أغلبهم من المدنيين ونحسبهم شهداء عند الله. وتراه يلقي اللوم على الضحية ويتهمها بالعمالة وتنفيذ مخططات الأعداء، ولو تأملنا الواقع لتكشفت لنا الحقيقة التي تثبت أن النظام السوري هو من يحمي الصهاينة، ويكفي أنه لم يطلق طلقة واحدة منذ احتلال الجولان.
لقد دافع كثير من أهل السنة عن اللبنانيين خصوصا أثناء العدوان الصهيوني على جنوب لبنان، برغم أن الجنوب غالبية سكانه من الشيعة، وكان يقود المواجهة حزب الله الشيعي. وما زال كثير من السنة يطالب بإعطاء الشيعة حقوقهم في البحرين، وإن كان لا يتفق معهم في الوسيلة التي يستخدمونها من خلال التخريب والتدمير لأن الموضوع يتعلق بحقوق الإنسان وكرامته وحرمة دمه بغض النظر عن هويته أو طائفته.
وللأمانة نقول أن هناك بعض رموز الشيعة ممن لا يقبل بجرائم القتل الجماعي والاعتداء على الأعراض الذي يتعرض له الشعب السوري الشقيق.
يتعرض أهل مدينة القصير في سورية إلى عدوان مزدوج أحدهما من جهة النظام السوري المجرم، والآخر وللأسف من جهة المناطق اللبنانية المحاذية لهم والتي يغلب على سكانها أبناء الطائفة الشيعية، والذين يسوقون أعذارا واهية للوقوف مع النظام السوري، ومنها وجود مقاتلين من دول عربية مع الجيش الحر؟
ونقول ان القادمين العرب إنما جاؤوا لنصرة المظلوم وعونا له للتخلص من نظام لم يرعَ فيهم لا دينا ولا عروبة ولا نسبا ولا جوارا، ولم يكن من المروءة والشهامة أن ترى ضحية تُذبح ثم تتركها وأنت تملك مد العون لها لإنقاذها.
لقد كان الأجدر بحزب الله وقائده ومناصريه أن يحضوا نظام الأسد على إجراء الإصلاحات التي طالبت بها الثورة في أول انطلاقتها قبل أن تجري أنهار الدم، ولقد كان الأجدر بهم أن يطبقوا وصية النبي المختار عليه الصلاة حين قال (انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقالوا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ فقال تأخذ على يده وتمنعه من الظلم فذلك نصرته).
إن إعلان حزب الله إرسال بعض مقاتليه لدعم النظام السوري وقد كان يُخفي ذلك بداية، أعتقد بأن له سببين أولهما أن النظام السوري بدأ يتهاوى فاحتاج إلى دعم معنوي تمثل بإعلان وصول مقاتلين من الحزب، والثاني هو أن حزب الله لم يستطع إخفاء كثرة القتلى في صفوف أتباعه والذين أصبحت تصل جنائزهم واحدة تلو الأخرى إلى لبنان، ولعل ما تكبده الحزب في معركة القصير خير شاهد على ذلك.
لا أشك لحظة بسقوط النظام السوري المجرم، والتاريخ سيكتب من ناصر المظلوم ومن وقف مع الظالم، وستظل صورة من أيد المجرم وناصره قبيحة مشوهة، مهما حاول بعد ذلك أن يجري من عمليات التجميل، وستبقى صورة من وقف مع المظلوم حتى نال حقوقه ناصعة مشرقة، فليختر كل منا الصورة التي يرتضيها لنفسه.
عبدالعزيز صباح الفضلي
twitter : @abdulaziz2002