| خالد طعمة |
عندما تخاطب شخصاً أمامك فإنك عادةً ما تتداول معه موضوعاً يكون مهماً لك وله، ودائماً يحرص كل طرف أن يبين رأيه ويطرح وجهة نظره ويبين شخصيته ومعتقداته من خلال الحوار، ويمر الحوار في معظم الأحيان بتنازل من قبل الطرفين أو أحدهما للآخر وبشكل ودي حتى يتنازل عن رأيه ويغلب رأي من يتحاور معه.
بعد الأخذ بعملية التحليل وإسقاطها على مثل هذه المواقف يكون متضحاً أمام القائم بالتحليل أن الإنسان (حر) في اتخاذ ما يؤمن به من اختيار القرار فلا يكون مغيباً أو مقيداً إنما شخص يحدد ويقارن ويفرق بين الصالح والطالح وبين المفيد والضار، وهنا يعبر وتظهر شخصيته عبر ما يتخذ من قرارات، فيكون أمام عبدالله وسعد ومحمد وحسين ونميز في ما بينهم ونعرف آراءهم بالأخذ بعملية التحليل تلك، والتي لابد وأن تكون واضحة بأنها ليست بالضرورة واضعةً لهذا الفرد أو ذاك ضمن إطار وتصنيف معين إنما بوضع تعاريف بسيطة محددة تبين لنا ماهية هذا الفرد وبطاقة تعريفية عنه، إلا أن جمعا من الناس يوضح ويشرح مراراً وتكراراً أن وضع الناس ضمن قوالب فكرية معينة هي الأنجع لكونها تمثل تطوراً يشهده الفكر البشري، واتخذت بشأنه التعريفات العديدة، منها تلك المسماة بالليبرالية والاشتراكية والرأسمالية والقومية والاثنية، متناسين أن الله عز وجل قد بين لنا سبحانه وعبر آيات القرآن الكريم بالتفرقة بين الشرك والإيمان النور والظلال وغيرها من عمليات تفرقة مبنية على أساس خلق الإنسان وهو بأنه في مرحلة من الدنيا موقتة يعبد الله عبر إقامة أركان الإسلام، فيكون ناجحاً بالأسس والأوامر الإلهية المحددة والواردة في القرآن الكريم، فيبين لنا سبحانه وتعالى أن الإنسان له الحرية في اتخاذ القرار وهو حر في رأيه، وهو بذلك يسلك السلوك الذي يؤهله إما إلى جنة ورضوان أو إلى نار جزاء العصيان، وبين لنا أهمية النية في العمل وبين لنا قاعدة مهمة متمثلة في القول (لكل امرئ ما نوى)، ومع ذلك أخذ الإنسان في التفرق وضياع الرؤية وتبدد البصيرة منه، فيكون متذبذاً لا قرار له يقاد من فكر سياسي إلى آخر ومن تشرذم وتفرق إلى آخر، ولم يفكر ويجلس مع نفسه من أن هذه السبل هي تفرق ومبينة في كتاب الله.
ولكن يصر الإنسان على السير خلف أفكار مبنية على أسس التعصب والتفرد في القرار، ففي الماضي دأبوا على تعزيز الفرقة واليوم يجنون ثمارها، فهم ينظرون إلى الشخص بعين الاستغلال لا عين الشفقة أو الحنان، ينظرون إليه على اعتبار أنه جماد تطؤه أقدامهم لكي يستطيعوا عبره الوصول إلى أهدافهم وهو بذلك الدور يكون مؤمناً بأن دوره كعتبة يرتقي عليها مهماً جداً لأجل الوصول إلى الهدف الفكري، فمن من بني البشر أكرمه الله عز وجل بنعمة العقل والقدرة على التمييز من القيام بمثل هذا الدور، لماذا لا نكون نحن جميعاً أصحاب أهداف من ضمن إطار إسلامي حر لا يتقيد بتنظيم أو حزب أو فكر يتعصب أصحابه له ولتحقيق أهدافه، حتى يقال إن الفكر تمكن أو الحزب أقام بكذا وكذا؟ لماذا لا يسعى البشر إلى العمل وفق الطريق الذي بين لهم في القرآن الكريم؟، العمل الجماعي مطلب ولكن بشكل لا يتقيد بقيود أو تحده حدود رسمت لكي تعيق ووضعت حتى تحرم، تنظم ولا تهدر، لماذا يقبل الشخص بأن يكون أداةً بيد الغير ولا يكون هو أداةً للطاعة لخالقه لكي يكون عبداً صالحاً عابداً عاملاً معمراً واصلاً إلى جنة عرضها السماوات والأرض؟ هي دعوة صادقة إلى التحرر. فهل تقبلون بهذا التحرر؟!
khaledtoma@hotmail.com
@khaledtomaa