عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / لا تكن صِفراً

تصغير
تكبير
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

بعض الناس في هذه الدنيا وجوده من عدمه، إن وجد في مكان لا يُعبأ به، وإن غاب لا يُسأل عنه ولا يُفقد، ليس له من إنجاز يخدم فيه من حوله، فكل همه هو ما ينتفع به ذاتيا، لذلك تعود الناس أن يُطلقوا على مثل هذه النوعية: صفر على الشمال.

الإنسان إذا لم يقدم شيئا مفيدا في هذه الحياة فهو عالة عليها، إسأل نفسك ماذا قدمت، وهل لك من بصمة في هذه الحياة؟

لابد أن ينتقل الإنسان من التفكير المصلحي البحت إلى محبة الخير للآخرين، لذلك كان من علامات كمال الإيمان أن تُحب لأخيك ما تُحب لنفسك.

خذوا هذه الأمثلة: الرسول جعل من شعب الإيمان إماطة الأذى عن الطريق، وبيّن أنه رأى رجلا يتنعم في الجنة في غصن شجرة قطعه كان يؤذي الناس في طريقهم.

إمرأة كانت تمارس البغاء من بني إسرائيل رأت كلبا يلهث من العطش، فنزعت خفها وغرفت له من البئر وسقته، فشكر الله صنيعها وغفر لها.

النملة في عهد سيدنا سليمان عليه السلام شعرت بالمسؤولية الجماعية فحذرت أمتها من جيش سليمان وجنوده، ولو كانت كمثل بعض السلبيين في مجتمعنا لاكتفت بإنقاذ نفسها فقط.

الهدهد يرى أمة من الناس تعبد الشمس من دون الله فيأتي ليُخبر النبي سليمان عليه السلام، ليتعامل بطريقته مع هذه المفسدة العظيمة.

يختار النبي عليه الصلاة والسلام موقعا لجيش المسلمين في غزوة بدر، فيأتيه الحُباب بن المنذر، ويقدم له اقتراحا بتغيير الموقع، ويكون ذلك أحد أسباب انتصار المسلمين في تلك الغزوة بعد عون الله تعالى.

ويتكرر المشهد مع سلمان الفارسي في غزوة الأحزاب واقتراحه في حفر الخندق، وموقف نعيم بن مسعود في التخذيل ما بين كفار مكة واليهود في الغزوة نفسها.

بعض الناس اليوم يقف بجانبه عند الإشارة شاب يرتفع صوت الموسيقى الصاخبة من سيارته، فلا يجرؤ أن يطلب منه احترام آداب الطريق، يدخل السوق فيرى إعلانات تخدش الحياء فلا ينصح صاحب المحل، ولا يقدم شكوى عند إدارة المجمع.

يرى منكرات في بعض المقاهي، وفي بعض القنوات، ثم لا يتحرك لا بالنصح ولا بأي طريقة مشروعة في الإنكار، وإذا جاء في المجالس أخذ يسب ويشتم أهل المنكرات!!

كثير من الناس لا تعجبه ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، من سوء الإدارة في الحكومة، إلى تدني الأداء وأسلوب الخطاب لدى نواب مجلس أبو صوت، وتوجه البلاد إلى مزيد من كبت الحريات، ثم تبحث عن دور لبعض أهل الصوت المرتفع، فلا ترى شيئا سوى كلمات جوفاء تردد هنا وهناك، وترى البعض يحلل ويفسر وهو جالس على أريكته، ليس له دور في دعم المعارضة لا قولا ولا فعلا، ولا يحاول التوسط لإيجاد حل توافقي يخفف من حالة الاحتقان، أكبر همه هو ما المكاسب الشخصية التي يمكن أن يحققها من وراء الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، هذا الصنف يستحق عن جدارة أن يُطلق عليه : صفر على الشمال.

ولو اتجهنا إلى القضية السورية، فتسأل ما هو التحرك الذي قام به بعض من يدّعون نصرة الشعب السوري؟

ستجد أقصى ما عمله هؤلاء هو التحلطم وشتم النظام، بينما بالإمكان دعمهم بالمال وبالإعلام وبما يمكنهم من الدفاع عن أنفسهم، وحماية حرماتهم.

أيها السادة ليكن كل منا إيجابيا بحسب قدرته واستطاعته، وكما جاء في المثل الصيني: إشعل شمعة بدلا من أن تلعن الظلام.

 

twitter : @abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي