| عبدالعزيز صباح الفضلي |
لما رأى ابن الأثير رحمه الله ما جرى للمسلمين على أيدي التتار في بلاد ما وراء النهر كتب يقول «لقد بقيت سنين عدة معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها، كارها لذكرها، فأنا أقدم رجلا وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك، فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسيا منسيا».
لقد كتب ابن الأثير هذا في زمانه فماذا عساه أن يكتب لو أنه يعيش في زماننا وهو يرى الجريمة التي ترتكب في حق أطفال وشيوخ وحرائر سورية؟
ماذا عساه أن يقول عندما يقرأ رسالة من فتاة تستفتي المشايخ وقد رأت ما يفعله النصيريون من أتباع طاغية الشام في الحرائر وتقول «لقد حاصر الجيش والشبيحة قريتنا وهم على وشك دخولها، فهل يجوز أن أقتل نفسي قبل أن يتمكنوا مني؟»
ماذا عساه أن يقول عندما تصل رسالة إلى الجيش الحر ورجال الثورة من أخواتهم المعتقلات في سجن الطاغية يناشدنهم فيها بأن يقصفوا السجون ويدمروها عليهم لأنهن لا يستطعن الخروج للعالم وفي أحشائهن أطفال لا يعلمن أباؤهم من كثرة ما تعرضن له من اغتصاب على أيدي زبانية الجيش النصيري؟
لا تظنوا أن الجرائم البشعة والمجازر المتكررة التي تقع في سورية يتحمل مسؤوليتها النظام السوري وحده، بل إنها جريمة مشتركة، شارك فيها الطائفيون الذين يعبرون الحدود للقتال مع النظام، ويشارك فيها النظام الإيراني الذي يمد سورية بالسلاح، ويشارك فيها الروس الذين يقفون حجر عثرة في أي قرار تريد إصداره الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، وتشارك فيه الدول التي تمنع الجيش الحر والثوار من الحصول على السلاح الذي يحتاجونه للدفاع عن أنفسهم، ويشارك في الجريمة الذين يخرجون في وسائل الإعلام ليدافعوا عن النظام ويبرروا له جرائمه بأعذار هي أوهن من بيت العنكبوت.
ويشارك فيها بعض من باعوا دينهم بدنياهم من بعض مشايخ السلطة الذين يعتبرون بشار ولي أمر لا يجوز الخروج عليه، ويصاحبهم في ذلك من يحرمون الجهاد على أرض سورية حتى على أهلها.
ومن المشاركين في الجريمة الشياطين الخرس الذين تبصر أعينهم المجازر ثم لا ينكرون، ويشارك في إكمال فصولها الذين يملكون القرار والقوة والقدرة من الزعماء والرؤساء ثم لا يتحركون. ويشارك في الجريمة من يسعى لتخدير الأمة بالفن والطرب حتى لا تشعر بآلام أحد الأجزاء المهمة في جسدها.
إنها مسؤولية مشتركة سيُسأل عنها الجميع يوم القيامة، فليعد كل منهم الجواب، فإذا كان من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة فإنه يأتي يوم القيامة مكتوباً على جبينه آيس من رحمة الله فكيف بمن يمده بالسلاح أو يقاتل معه أو يدافع عنه أويبرر لجرائمه؟
لننصر إخواننا في سورية، ولنعينهم على التخلص من نظام البغي والطغيان، وشكر الله لإمام وخطيب الحرم المكي الشيخ صالح آل طالب، حين قال في خطبة الجمعة انه من استطاع نصرة الشعب السوري بالمال والسلاح ولم يفعل فهو آثم.
جاء في الحديث (ما من امرئ يخذل امرءاً مسلما في موطن يُنتقص فيه من عرضه ويُنتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته).
Twitter : @abdulaziz2002