| فهد توفيق الهندال |
ضمن مشروع ثقافي عالمي، كانت لنا فرصة حضور الفعالية الخاصة ببرنامج Book Wings الذي يعتمد الربط الكترونيا بين الفعاليات المنتشرة حول العالم عبر الشبكة العنكبوتية متجاوزين الحدود الجغرافية والقيود البيروقراطية التي غالبا ما تعكر ذهنية الثقافة المتفتحة وتحد من حرية إبداعاتها وجدية مشاريعها.
ففي مبادرة ثقافية نادرة، نسقت لها الأديبتان استبرق أحمد وهديل الحساوي، تم الربط بين موقعين مسرحيين، أحدهما في جامعة أيوا الأميركية والآخر مسرح موسكو للفنون حيث تم عرض عدد من الأعمال المسرحية التي تعتبر مشاريع تخرج للطلبة لتكون في متناول أكبر عدد من المتلقين في العالم، خارج أي وصاية مهما كانت، دون أن يؤطرها قانون مكان أو مزاج مسؤول!
لقد كانت عروضا مسرحية جديرة بالمتابعة لما تناقشه من أفكار واقعية معاشة ومتداولة في حياتنا، تحتاج لمنظور إبداعي جديد يعيد قراءة موروثها السابق وانتاج أفكارها المستقبلية، ضمن حوار وتفكير متبادل بصوت عال يوقظ منابت الابداع والتفكير الحر الذي حاولت كافة أشكال الوصاية تحجيمها والتقليل من أهميتها اليوم.
إن استغلال التطور التقني والابداع التكنولوجي وثورة الاتصالات الهائلة في خدمة هذا النوع من الأنشطة الثقافية والابداعية لهو سير في الطريق الصحيح نحو تشكيل وعي معاصر يقدر جسامة وأهمية الواقع الخطير وتحدي الغد المجهول.
ولعل وسائل التواصل الاجتماعي هي الأسرع في ذلك، والأقدر على ربط العالم بمختلف ثقافاته وهوياته في لغة واحدة مشتركة تستند على أن الجميع شركاء في الثقافة العالمية.
ومن ضمن العروض المسرحية، كان هناك نص مشترك في الفكرة، اختلف المنظور الأميركي والروسي في التعاطي معه مسرحيا، ما يدلل على اختلاف الثقافتين والرؤية بين ضفتي العالم الشرقية والغربية.
كم نحن بحاجة لمثل هذه المبادرات التي تقفز بنا إلى الأمام مسافات ضوئية تتجاوز كل الأفكار القديمة والمتكررة والمستهلكة التي تثبت كل يوم حاجتنا لثورة ثقافية تكنولوجية لصالح تنمية الإنسان والمجتمع وإنهاء فترة السبات الإبداعي بالمزيد من التجريب الواعي والابتكار الحميد واستثمار الوقت بالمفيد من الأفكار والمشاريع بأقل التكاليف والجهود.
إن مثل هذه المشاريع الثقافية كـ Book Wings وغيرها من الأفكار المحلقة وحدها يمكن أن تشكّل هاجسا جميلا في تشكيل نوع المسؤولية المطلوبة في بناء الإنسان في عالم واحد، يتخطى كل عراقيل البيروقراطية، وبروتوكولية الثقافة الجامدة.
فاصلة أخيرة
كنت أتمنى أن أجد مثل هذا التجريب التقني في المهرجانات المسرحية العربية والمحلية، حتى تتسع دائرة التلقي والتأثير الثقافي بصورة أكبر، منطلقة نحو فضاءات أبعد، إلا أنه يبدو أن شغف المهمات الرسمية، وكرم الضيافة الحاتمي، والقوائم المتكررة للمشاركين.. وربما الفائزين، برغم البيروقراطية المصاحبة لها، هي «الأوفر» في كل شيء، وافضل من اختصار المسافة والعروض المتاحة وتحليق الأفكار!
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
kwt1972@gmail.com