| د. فهيد البصيري |
بعد صباح الخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإلخ من الكلام الزائد، ندخل في الموضوع وهو موضوع مهم وليس من قبيل التهويل السياسي، أو التضليل الإعلامي السائد هذه الايام، بل مسألة تمس حياتنا اليومية في الصميم، إنها مسألة حياة أو موت، مسألة قطع أرزاق. والله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر. وقد بسطها لنا في دول الخليج ردحا من الزمن دون فائدة - وربما قرب اليوم الذي فيه سيُقدِر.
فعالم اليوم أصبح على أعتاب مرحلة اقتصادية جديدة، وحتى لا نتوه في دهاليز الاقتصاد، فإنني سأتكلم فقط عن النفط لأننا أمة تعيش على البراميل، والقصة وما فيها أن أسعار النفط هذه الأيام لا تبشر بالخير، وقد تصل إلى قاع القدر ونكون عندها من الهالكين، ولن ينقذنا عندها، تسديد القروض ولا مجلس أمة بألف صوت، ولا قوى (عظمة)، ولا غوص على اللؤلؤ، ولا ناقة ولا جمل، وأقسم بالله إنني لا أملك بئر نفط ولا حتى بئر ماء، وليس لدي علاقة بشركة الداو، ولكن المسألة دخلت في مرحلة الجد، فالاكتشافات الهائلة للغاز في الصين وفي اميركا وغيرها من دول العالم، وثورة التكنولوجيا التي سارعت في استخلاص النفط الصخري بدأت بالفعل تؤثر على سعر برميل النفط، والمشكلة أن الدول الخليجية وتوابعها من الدول العربية ليس لها من حطام الدنيا إلا هذه البراميل، وما دام سعر البرميل مرتفعا فأبشر بشعوب (لها الصدر دون العالمين أو القبر)، ولكن إذا ما انخفض سعر البرميل فابحثوا لهذه الامم عن القبر، فموازنات الدول الخليجية - وبطريقك خذ العربية - ستسقط في دوامة العجز المتراكم، وعندها من سيدفع تكاليف خطط التنمية المزعومة؟ وكيف سنقضي على البطالة؟ ومن أين سنسدد القروض المتراكمة؟ وعلى حساب من ستدفع الحكومات فواتير الولاء السياسي؟ والاهم من ذلك من سيساند القضايا العربية التي امتدت من فلسطين إلى لبنان ثم سورية ومصر وليبيا وتونس والبحرين وعمان (والحبل على الجرار)؟ ثم بالله عليكم كيف سنتبرع لإنقاذ حيوانات العالم من الانقراض إذا كنا نحن مهددين بالانقراض.
والخطر هذه المرة كعين الشمس في شهر يوليو، فأسعار النفط بدأت تتذبذب وبالفعل انحنى مؤشر السعر أمام الأمر الواقع، وبات انخفاضه لمستويات اقل من الثمانين دولارا ممكنا.
والمشاكل عند الدول الخليجية ستكون بالجملة، وفي البداية ستكون المشكلة في انخفاض سعر النفط، ثم ستأتي مشكلة البحث عن المشتري - لا اقصد الكوكب رغم أنه أقرب - ومعلوم أن أغلب النفط الخليجي يذهب لشرق اسيا ومنها الصين، واليوم الصين ستصبح مصدرة للغاز، وربما للنفط الصخري وستكون الاولوية لها في سوق شرق آسيا، وعندها سنبلط بنفطنا الشوارع، أو سنطلي به الابل التي أصبحت أغلى من الطائرات.
ومشكلة المشاكل أو (أم المشاكل) أننا مازلنا نوزع الهبات، وندعم الثورات، ونحاول إنقاذ الدولار من السقوط، وندعم استقرار اليورو، علما بأن ميزانية شركة واحدة من الشركات العالمية، أكبر من ميزانية المملكة العربية السعودية.
وحتى لا نوصم بالغباء، فإننا نطبق النظرية الغربية في الرأسمالية رغم أننا لا نملك من العوامل الاقتصادية إلا البراميل، فنحاول المحافظة على مستوى الانفاق المرتفع، ونضخ الاموال في الملاعب، وندفع الاسعار للارتفاع وكأنها رقم قياسي يجب تحقيقه، وندعي أننا نفكر في خطة تنمية، بينما الواقع يقول اننا في أمس الحاجة لخطة طوارئ، أو خطة إنقاذ على مستوى دول الخليج، فقطار الزمن انطلق بدول العالم، وتركونا على البراميل.
fheadpost@gmail.com