| عبدالعزيز صباح الفضلي |
قرأت عن الأسباب التي تدفع بعض الأطفال كي يكون عدوانيا، فوجدت منها : القسوة الزائدة من أولياء الأمور، واستيلاء من هو أكبر منه سنا على ممتلكاته بالقوة، والكبت الذي يمارس ضده، وحرمانه من أبسط حقوقه، وحالة الإحباط التي تعتريه من عدم تلبية متطلباته واحتياجاته أو عدم قدرته على تحقيق غاياته.
فوجدت أن كثيرا من هذه الأسباب هي التي تولد التطرف والعنف في مجتمعاتنا، وخاصة الموجّه نحو الحكومات. فأسلوب القسوة الذي تتعامل به بعض الدول مع المخالفين، والذي يتعدى السجن والاعتقال والتعذيب، والوصول إلى أن يتم تهديد المعارِض بالاعتداء على عرضه وحرماته إن لم يعترف بما لم يقترف أو يتعهد بعدم العودة إلى معارضته، فمثل هذه القسوة كيف لا تُولد التطرف وردات الفعل العنيفة؟
ربما يقول البعض ان على هذا الصبر واحتساب الأجر على الله، ولكن هل كل الناس يقدر على ذلك؟ كيف لا تنفجر الشعوب في وجوه حكوماتها وهي ترى أن هذه الحكومات تستولي على خيرات البلد وتوزعها على خاصتها وتحرم منها السواد الأعظم من المواطنين والذين يعانون الفقر والبؤس والجوع؟ ففي الوقت الذي يأكل فيه أبناء الحكومات بملاعق الذهب، يبحث بعض أبناء الوطن الآخرين عن طعامهم في أكوام القمامة.
عندما يمنع الإنسان من التعبير عن رأيه، ويحرم حتى من التحدث عن الأمنيات التي يحب أن يرى عليها بلاده من تنمية للبشر قبل البنيان، ومن إيجاد مؤسسات برلمانية تضم شخصيات ينتخبها الشعب بإرادته وكامل حريته، ومن تعليم حقيقي يرتقي بالبلاد إلى مصاف الدول المتقدمة، وإلى مراكز صحية تتعامل مع المرضى كبشر، وتبذل كل ما في وسعها لإنقاذ أرواحهم. كيف لا تنفجر الشعوب في وجه حكوماتها وهي تراها تتناقض في التعامل مع أبناء الوطن الواحد، فتفصل هذا وتُرقي ذاك، وتذم واحدا وتمدح الثاني.
لقد انفجرت القنابل الشعبية في تونس ومصر وليبيا واليمن وأطاحت بمن ظلمها وكبت حريتها، وبإذن الله ستطيح بطاغية الشام وأعوانه، ولذلك ننصح بقية الدول أن تراجع حساباتها وأن تُحسن التعامل مع مواطنيها، وأن تسعى لتحقيق العدالة بينهم، ولتعلم أن العاقل من اتعظ بغيره.
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى.. فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
أبو غيث
سليمان أبو غيث أحد أبناء هذا الوطن، دافع عنه أثناء الغزو العراقي، وعرض حياته مرات عدة لأجله، كلماته تتفجر منها الغيرة على دينه وكرامة أمته، اختار طريقا رأى فيه العزة والكرامة قد يتفق معه قوم ويختلف معه فيها آخرون، لكنه في النهاية يظل ابنا للكويت، وكم هو مؤلم أن تتخلى الدولة عنه حينما أراد العودة لها، وتركته ليقع في أيدي دولة لم تراعِ حقوق الإنسان ولا آدميته، ويشهد على ذلك معتقل غوانتانامو وسجن أبو غريب.
لقد كانت الشهامة والمروءة تتطلب أن تقف الحكومة مع أحد أبنائها في شدته ومحنته كما وقف معها من قبل، لكنها للأسف تخلت عنه، وعلى كل حال هو مؤمن بالرسالة التي يحملها، ولا أشك بأنه قد هيأ نفسه لتحمل تبعاتها، وأقول لوالدته إن الذي رد يوسف عليه السلام إلى أبيه، وموسى عليه السلام إلى حضن أمه قادر على أن يرجع سليمان إلى أحضان والدته ووطنه، وما ذلك على الله بعزيز.
فصبر جميل والله المستعان على ما يصفون.
Twitter :abdulaziz2002