| فهد توفيق الهندال |
في مجموعتها القصصية الأخيرة، طرحت الأديبة ليلى العثمان نماذج اجتماعية عدة عما يعانيه المجتمع في علاقة أفراده في ما بينهم، ولو أن تركيزها جاء على شخصية المرأة في تشابك حياتها مع من حولها، لكون المرأة الأكثر قدرة على التعبير عما يجيش في قلبها تحت ضغط العواطف الحساسة التي لا يمكن أن تخبئها كما الرجل الذي يستطيع مداراة عواطفه تحت أقنعة مختلفة. لهذا، فعندما تتهم المرأة أنها عاطفية أكثر من الرجل، فهي حقيقة واقعية تليق بها، لرهافة طبيعتها ومشاعرها، ولا يقلل أبدا من شخصيتها كمفكرة لصالح مجتمعها. إن ذلك لا يعني أنها لا تعاني كما الرجل من سلبيات، وتلبس أيضا أقنعة مختلفة!
من جملة قصص المجموعة، ثمة قصة تحمل عنوان «سوق الألقاب» وهي تغوص في هشاشة مجتمع يتصور بعض أفراده أنهم يستطيعون بما يملكون أن يكونوا قطب الحدث اليومي وقبلة الاهتمام المجتمعي بما تملكه من ثقل اجتماعي / اقتصادي ليس بالضرورة أن يوازنه ثقل معرفي / ثقافي وإنساني في رؤيتها للحياة أو أن تملك وعيا بأهمية شراكة الآخرين لها في هذا العالم، فهذه الأصناف ممن يفترض أنهم جزء من مجتمع إنساني كبير وحافل بتناقضاته وهوياته المختلفة، لا تفكر إلا بما تراه عاكسا لصورتها في مرايا الوهم وأحلام الوسادة المخملية التي لا تزيد اليقظة إلا إيغالا بالسراب.
فكم من فعالية سياسية ثقافية و اجتماعية إلا وتزاحمت الصفوف الأولى بين هذه النوعية من عشاق النجومية والميكروفونات ذات الفلاتر الرخيمة والصور الملونة والمعدّلة تقنيا بعدما أقصت عنها أصالة النيجاتيف، بما سخرته من وسائل الغش والخداع والنفاق الإعلامي.
باختصار.. قصة «سوق الألقاب» لم تبح بكل ما نبح به كائن القصة الأليف والمغلوب على أمره في خدمة سيدة قبيحة ليست بشكلها فحسب، بل بنواياها وسعيها بأي شكل لتكـون من اصحـاب المقامات الرفيعة بعيدا عن حقيقة شخصيـتها الوضيعة!
فاصلة أخيرة
قدمت الأديبة ليلى العثمان للمكتبة العربية الكثير من الإصدارات التي انتقدت المجتمع ومظاهره وصوره بلغة عالية بالإنسانية، متعالية على جروح الزمن، داعمة لأبناء وطنها، خاصة الشباب، بما خصصته لهم من جائزة معنوية، لتكرمها الدولة أخيرا بجائزتها التقديرية لمسيرتها الأدبية المشرّفة، لتتشرف الجائزة بها، وهو تكريم جاء متأخرا جدا، برغم تكريمها على مستوى الوطن العربي والدولي. آملا أن تخطو الدولة للأمام بالاستعانة بهؤلاء المكرمين خاصة الأدباء في المجالس العليا للتخطيط والتطوير والتنمية لذهنية المجتمع قبل تنمية مرافقه الحيوية.
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
Kwt1972@gmail.com