| عبدالعزيز صباح الفضلي |
لا يستطيع أحد أن ينكر الهدف الاستراتيجي لإيران بالسيطرة على دول المنطقة وبسط نفوذها عليها وخصوصا المناطق المطلة على الخليج العربي الغنية بالبترول، وهو مخطط تسعى لتحقيقه حتى قبل الثورة الخمينية، وهذ المخطط قد ينكره الساسة الإيرانيون في العلن، ولكن في الجلسات الخاصة ومع بعض المقربين، أو حتى مع بعض الخصوم فإن بعض المسؤولين الإيرانيين لا يتردد في الإعلان عنه لحاجة في نفوسهم.
ويكفي للتدليل على ما نقول هي تلك الممارسات التي تقوم بها إيران في المنطقة والمحيط العربي والإسلامي حتى ندرك أنها لن تتخلى لحظة عن تصدير ثورتها أو تحقيق هدفها التوسعي.
لا يخفى على أحد الدعم اللامحدود الذي قدمته إيران ولا تزال للحكومات العراقية المتعاقبة، ولا أحد يستطيع أن ينكر دعم إيران للنظام السوري المجرم المتحالف معها والذي إن سقط فسيؤدي إلى ضعف نفوذها في المنطقة، كذلك دعمها لحزب الله في لبنان والذي يدين بولائه وطاعته للمرجع الشيعي خامنئي.
دعم إيران لثورة الحوثيين في اليمن، وتدريب عناصرهم في جزر (دهلك) والتي استأجرت إيران ثلاثة منها من أرتيريا وهي مقابلة لليمن، لسهولة نقل المقاتلين عبر البحر الأحمر، ومما يؤكد دعم إيران لهؤلاء هو قبض اليمن على سفينة إيرانية كانت تعبر البحر الأحمر وهي مملوءة بالسلاح.
يتساءل كثير من أبناء الخليج عن مدى إدراك حكومات دول مجلس التعاون لهذا الخطر؟ وهل لديها مراكز لجمع المعلومات؟ وهل لديها إحصائيات أو دراسات عن حجم التوسع الإيراني في الخليج؟
ويتبع هذه التساؤلات لدى المواطنين أسئلة أخرى وهي إن لم يكن لدى دول الخليج معلومات كافية فماذا تنتظر لجمعها؟ وإن كان لديها إدراك لهذا الخطر فما الذي عملت لدفعه؟
البعض يطرح فرضيات لضعف التحرك الخليجي تجاه التهديدات الإيرانية للخليج، ومنها عدم الشعور الفعلي لدى الحكومات الخليجية بحقيقة الخطر التوسعي، وهذا الشعور إن كان موجودا بالفعل فهو مصيبة.
وهناك رأي آخر يرى أن السبب ناتج عن التحالفات العسكرية والأمنية التي تعقدها هذه الدول مع أميركا، والتي تجعل الأخيرة لا يمكنها التخلي عن دول الخليج لحاجتها إلى البترول، وأعتقد أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي والتي أشار فيها إلى تمكن بلاده حاليا من تحقيق الاكتفاء الذاتي من البترول دون الحاجة إلى الاستيراد، لا بد وأن تدق ناقوس الخطر عند دول الخليج العربي من إمكانية تخلي هذا الحليف عن دعمها.
بل إن مما ينبغي الانتباه له هو إمكانية تحول أميركا إلى عقد تحالف استراتيجي مع إيران نفسها بدلا من دول الخليج، ولن يمنعها شيء من ذلك، لأن في عالم السياسة ليس هناك عدو أو صديق دائم بل مصالح مشتركة.
ومما يزيد من قوة فرص التحالف الأميركي الإيراني هو أن هناك لجنة في واشنطن تأسست منذ عام 2004 وهي (اللجنة الدائمة للحوار الأميركي الإيراني ) ولقاءاتها مستمرة إلى الآن، كما أن تجربة التعاون الذي تم بين أميركا وإيران والذي ساهم وساعد في احتلال أفغانستان والعراق، وإسقاط حكومة طالبان وصدام، يدعم بقوة إعادة مثل هذا التحالف.
ومن هنا، فإننا كشعوب خليجية نطالب حكوماتنا بأن تضع التهديدات الإيرانية في عين اعتبارها، وأن تبذل كل ما في وسعها لتحقيق الوحدة الحقيقية في ما بينها عسكريا واقتصاديا، فإننا كشعوب أمانة في رقبة المسؤولين والله تعالى سائل كل راع عمن استرعاه أحفظ أم ضيع.
كما أطالب بعض نواب المجلس أبو صوت والذين أزعجونا بتحذيراتهم الوهمية وتخويفهم من الإخوان المسلمين في الكويت والوطن العربي أن يسمعونا صوتهم تجاه التهديدات الإيرانية الحقيقية والمستمرة للكويت والخليج، إن كانت بالفعل قلوبهم حريصة على هذا البلد وتخاف على أمنه. فهل تتوقعون أنهم سيفعلون؟
Twitter :@ abdulaziz2002