| عبدالعزيز صباح الفضلي |
من الأمراض النفسية التي تصيب بعض الأشخاص مرض يسمى بعقدة النقص، وهو شعور الفرد بالضيق والتوتر بسبب رؤيته أن غيره أفضل منه أو لنقص أو عيب فيه فيعتقد بأنه أقل شأنا من الآخرين مما يدفعه إلى محاولة تعويض ذلك النقص بشتى الطرق ومنها القوة أو التعالي والغرور.
ومن أشهر هؤلاء ( نابليون ) والذي كان يعاني من قصر القامة حتى سميت هذه العقدة باسمه، لذلك حاول نابليون أن يعوض هذا العيب بالتسلط والجبروت.
وجدتُ هذه العقدة عند أقوام عجزوا أن يكسبوا مودة الناس واحترامهم، فلجؤوا إلى تسفيههم والانتقاص من شأنهم والتشكيك في ولائهم، فأخذوا بوصفهم بأنهم ( لفوا وهيلق ومزدوجين، ومندسين وغير أصليين ).
واكتشفت هذه العقدة عند بعض من عجزوا عن مجاراة بعض المشايخ والدعاة ممن اجتمع الناس على محبتهم ومتابعة محاضراتهم وندوات هم وبرامجهم، وزيادة شعبيتهم، مما جعل أصحاب النقص يوجهون سهامهم إلى هؤلاء الدعاة في محاولة لتشويه سمعتهم أو تشكيك الناس في مقاصدهم وأهدافهم، حتى وصلت الجرأة بأحد المعقدين نفسيا من الكتاب الليبراليين في إحدى دول الخليج، بأن يطلب من الشيخ محمد العريفي أن يلبس النقاب كي لا يفتن النساء بجماله، لأن أكثر متابعيه من الفتيات كما يزعم الكاتب، وهن إنما يتبعنه لحسن وجهه وليس لطرحه أو فكره!!!
رأيت عقدة النقص عند بعض النواب الذين لا يملكون من قرارهم شيئا لأنهم كالدمية التي يحركها بعض المتنفذين وغيرهم، فلذلك يحاولون تعويض النقص بالهجوم على النواب الشرفاء من أصحاب الضمائر الحية والأيادي النظيفة التي لم تتلطخ بالصفقات ولا بالتحويلات المليونية.
ومن العجب أنهم يوجهون أسئلة للوزراء لا تتعلق بالشأن العام وإنما تتصل بنواب سابقين من باب الغمز واللمز، وهي صورة من صور التعويض عن نقص الكرامة التي فقدوها، ودلالة على درجة الفجور في الخصومة التي وصلوا إليها.
مشكلة عقدة النقص عندما تتسع وتكبر فتنتقل من تصرف وشعور فردي إلى أن يكون شعورا لدى كتل أو أحزاب أو دول، فتجد أن هذه الأحزاب أو التكتلات التي انصرف عنها الناس تتجه للهجوم على غيرها مما اكتسب احترام الناس وتقديرهم، وتبلغ الخطورة في عقدة النقص عندما تكون توجها من قادة دول يضايقها اتجاه دول أخرى نحو الديموقراطية والمشاركة الشعبية والوصول إلى اختيار رئيسها عبر انتخابات شعبية مباشرة، فتحاول تعويض ذلك النقص من خلال دعم كل ما من سبيله إفساد تلك التجربة، وتخريب تلك الخطوة المتقدمة لدول عانت سنين طويلة من حكم الفرد، وخير دليل على ذلك ما تتعرض له مصر الشقيقة من تدخلات خارجية وللأسف أن بعضها عربي.
حاولت البحث في أفضل طريقة للتعامل مع هذا الصنف من الناس ممن أصيبوا بعقدة النقص، فوجدت وصايا ومنها الشفقة لحاله كونه مريضا نفسيا، والصبر عليه ثم الدعاء له أن يخلصه الله من هذه العقدة فلعله أن يصلح حاله.
وأما المصاب بهذا المرض فعليه أن يسعى إلى تعويض النقص لا بالانتقاص من الآخرين أو التعالي المزيف عليهم وإنما باكتساب فضائل الأخلاق وتحقيق الإنجازات العملية والواقعية.
رسالة
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ناصحا ولده : لا تصاحب الفاجر فإنه يُزيّن لك فعله، ويودّ لو أنك مثله.
Twitter :@ abdulaziz2002