| فهد توفيق الهندال |
بالرغم أنه ليس المهرجان الثقافي الوحيد خلال العام، إلا أنه الأبرز والأكثر تنوعا في فعالياته. مهرجان القرين الثقافي في دورته التاسعة عشرة قد لا يختلف كثيرا عن دوراته السابقة في نوعية الفعاليات التي يجتهد القائمون عليه في تجديدها شكليا، في محاولة للحاق بمهرجانات ثقافية سبقتنا بأشواط كبيرة في منطقتنا، وهنا لا نحمّل إدارة المهرجان أو الأمانة العامة للمجلس الوطني فوق طاقتها، بل نحترم اجتهاداتهم هنا وهناك، ومحاولة تحريك الساكن في المشهد الثقافي، وبرغم ذلك، فإن الأمر لا يخلو من تساؤلات مكررة، نطرحها خلال انعقاد مثل هذه الفعاليات :
متى يتحول الموسم الثقافي في الكويت إلى مشروع متكامل ومتناسق على مدار العام؟
تتوقف إجابة السؤال على آخر مستجدات تحديث أو توسيع البنية التحتية لأي مشروع، وأعني المرافق الخاصة والمناسبة لإقامة الأنشطة الثقافية باختلاف أنواعها، إلى جانب العقلية المخططة والمنفذة لمثل هذه المشاريع والخبرات المطلوبة لدعمه إعلاميا وتسويقيا، فلا ضير من أن يتلازم ذلك عبر مسارين... ثقافي واقتصادي. فالكويت تكاد تكون البلد الوحيد الذي تقدم فيه الفعاليات الثقافية باختلاف مستوى الأنشطة والأسماء المدعوة دون أي مقابل مادي من الجمهور، من باب تشجيع الحضور ويحسب لها ذلك. إلا أن الرسالة المفترضة هي تثقيف المجتمع واعتماد توسيع حجم المشاركة الشعبية في هذه الرسالة السامية بتحمل جزء من مسؤوليتها وأعبائها، ليتحول التثقيف مهمة لا يشترك بها إلا الجادون والواعون لأهمية العمل الثقافي، لأن الهدف ليس ربحيا بحتا، بقدر ما هو التزام ونظام، يحد من فوضى الفضول على حساب الحضور الجاد في المشاركة في ترويج العمل الثقافي ودعمه من قبل الجمهور. وبالنهاية العائد المالي سيكون موردا أساسيا داعما للأنشطة المقبلة، لتقليل أعباء الثقافة وتكاليفها المرهقة من على كاهل ميزانية الدولة عموما. فالثقافة تعني ايضا الخبرات الإنسانية التي يكتسبها الواحد منها فوق قيمه الاجتماعية وتحصيله العلمي، وهي جزء لا يتجزأ مفترض من اي حراك اجتماعي نحو المزيد من دعم الحريات والإبداع الإنساني.
فاصلة أخيرة
في الأمسية الموسيقية الأوكرانية التي أحيتها أوركسترا تشايكوفسكي خلال مهرجان القرين كان اختيار مسرح المتحف الوطني غير موفق، لكثافة الحضور المتعطش لمثل هذه الفعاليات النادرة، كما زاد الطين بلة برغم برودة الليلة لدرجة التجمد، اصطحاب البعض لأطفال ووجود أبواب خشبية خارجية التي لم تكف عن التصفيق هي الأخرى، كادت تفسد الأمسية. وهذا مثال صغير لأهمية وجود مسرح خاص ومتكامل ومتسع، ولإعادة النظر بمجانية بعض الأنشطة الثقافية غير الاعتيادية، دون ان نطالب بخلع الباب أو قطع رقبة البواب!!
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
Kwt1972@gmail.com