| عبدالعزيز صباح الفضلي |
عندما أقرأ اللحظات الأخيرة التي سبقت مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو يطلب من إخوانه وأصدقائه ومن له عليه طاعة أن يغادر منزله، ولا يشارك في الدفاع عنه حقنا لدماء المسلمين، ثم يُقتل شهيدا صابرا محتسبا، فيضحي بنفسه من أجل أمته، وأُقارن بين هذا الموقف مع كثير من مواقف بعض حكام اليوم، والذين يقتّلون شعوبهم ويُدمرون بلادهم من أجل المحافظة على كراسيهم، فلا أملك إلا أن أقول شتّان ما بين النور والظلماء، وما بين الثرى والثريا.
إن من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان مرض الأنانية، والذي يجعل الفرد لا ينظر إلى العالم إلا من خلال رغباته ومصلحته الشخصية.
والسياسي الأناني هو الذي لا يقيم للمبادئ أي قيمة وإنما يتخذ موقفه ويختار قراره بحسب توافقها مع مصلحته، وأقرب مثال على ذلك مشاركة وترشح البعض للمجلس الحالي (أبو صوت)، والذي قاطعه ورفضه غالبية الشعب، كل ذلك لمصالح شخصية ما كان له أن يحققها لو كانت الانتخابات على نظام الدوائر الخمس والأصوات الأربعة.
نرى الأنانية عند بعض الزوجات والتي من أجل مصلحتها ورغباتها ورفاهيتها وحريتها والتي قد تتصادم مع (لا) الزوج فإنها إما أن تُحوّل البيت إلى جحيم كي يستسلم الرجل ويرفع الراية البيضاء طلبا لراحة الرأس، وإما أن يقابل ذلك بالعناد، والذي قد لا يجدي مع الزوجة الأنانية مما تكون نتيجته انفصال الزوجين، وتكمن الخطورة بوجود الأبناء والذين سيكونون الضحية الأولى لهذه الأنانية، وهم أكثر من يستجرّع مرارة الطلاق.
ولا أريد هنا أن أرفع اللوم عن بعض الرجال، والذين بلغت الأنانية فيهم إلى درجة التخلي عن جميع مسؤولياتهم تجاه أسرهم إما بسبب جريهم وراء زيادة الأرصدة والاستثمارات أو بقضاء أوقات الرفاهية الطويلة بصحبة الأصدقاء.
الأنانية موجودة عند بعض التجار والذين يبحثون عن الربح السريع ولو على حساب زيادة الحمل على كاهل المستهلك، وهي عند اللاعب في الألعاب الجماعية والذي يسعى لتحقيق إنجازات شخصية تسجل باسمه ولو أدت تلك الأنانية إلى هزيمة فريقه، وهي موجودة عند الغني الذي يكنز ماله ولا ينفق شيئا منه في رفع معاناة المحتاجين.
كل واحد منا تنازعه محبة الذات والحرص عليها، ولكن السعيد من تغلب على نفسه وروّضها كي تسمو إلى إسعاد الآخرين وإيثارهم على النفس مصداقا لقوله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
أيها السادة من عاش لنفسه فسيعيش صغيرا ويموت صغيرا ومن عاش لغيره فسيعيش كبيرا ويموت كبيرا (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون).
Twitter : @abdulaziz2002
Alfadli-a@hotmail.com