| فهد توفيق الهندال |
يروى في كتاب التاريخ أنه عندما تندلع الحروب والنزاعات بين الممالك والدول، يرسلون اثناءها للتفاوض خير السفراء، ويشترطون فيهم الحيلة والدهاء والديبلوماسية.. وأيضا المهارة في لعب الشطرنج!
يروى أن المعتمد بن عباد أرسل صديقه الشاعر ابن عمار للتفاوض مع سانشو ملك قشتالة على فك حصار برشلونة، وعند مقابلة سانشو، اقترح ابن عمار عليه لعب جولة بالشطرنج، عارضا على الإسبان برشلونة ونصف الغنائم في حال تغلب سانشو، وللمسلمين برشلونة في حال تغلب ابن عمار. وافق سانشو خصوصا انه كان بارعاً جداً في لعبة الشطرنج التي كانت حكراً على الملوك في ذلك الوقت. عاتـب المعتمد مستشاره ابن عمار على المقترح الخطير، إلا أن ابن عمار اقنع ملكه بالفكرة، فجلس سانشو وابن عمار على رقعة الشطرنج، وتغلب الثاني على الأول بعد جولة واحدة طويلة كانت الحيلة والحكمة فيها حليف ابن عمار. وبذلك تسلم ابن عمار مفاتيح برشلونة من سانشو الذي أسرّ لخاصيته : أن ملكا يحظى بهذا السفير الداهية، فهو ملك قوي!
من هنا، تكمن أهمية العقل البشري في إدارة أموره الحياتية على مختلف الأصعدة، ولا يمكن مجاراته بأي تكنولوجيا متقدمة، فلو كان الإنسان ذاته وهو مخترعها ومطورها يقع في أخطاء بسيطة قد يترتب عليها كوارث كبيرة، فما بال التكنولوجيا وهو سيدها؟
سئل مرة الأسطورة العالمية بلعبة الشطرنج الروسي غاري كاسباروف عن السبب في أن مباريات الشطرنج اليوم أصبحت بين الإنسان والكمبيوتر تلقى إقبالا أكثر من المباريات بين الإنسان والإنسان؟
فأجاب: لأن الشطرنج ميدان فريد من نوعه للصراع بين الكمـــــبيوتر والإنســـان، فالمنطق الإنساني والخيال والذكاء كل هذا في مواجهة عمليات حسابية ومعارف تراكمية وضعها الإنسان نفسه، وهكذا ففي الشطرنج يمكننا المقارنة بين هذين الأمرين لنجدد مستقبلنا، فهل سيقهر الكمبيوتر العقل الإنساني أم أنه يستطيع النجاة بنفسه؟
والجدير بالذكر، أن كاسباروف وبعد حياة مليئة بالانجازات العالمية احتفظ من خلالها على اللقب العالمي على مدى 15 سنة متتالية، اعتزل كل مجده الرياضي بعدها ليتفرغ للعمل السياسي!
فاصلة أخيرة
اعلنت جائزة البوكر العالمية بنسختها العربية لائحتها الطويلة لأسماء المرشحين لجائزة هذا العام، وكم أسعدنا وجود اسم أول روائي كويتي ضمنها وأعني الروائي سعود السنعوسي الذي فتح ترشحه الباب عريضا أمام مجايليه من الشباب الكويتي في الترشح والمنافسة على مثل هذه الجوائز العالمية، آملين أن يواصل حضوره في الجولات اللاحقة وسط المنافسة الشديدة بين دور النشر الكبرى على انتزاع الجائزة في صراع لا يخلو من لعب البوكر!
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
Kwt1972@gmail.com