الأجوبة المفيدة / عن أسئلة العقيدة
الدكتور وليد العلي
|الدكتور وليد العلي| زاوية نعرض من خلالها لكل ما يعن لقراء «الراي» الأعزاء من أسئلة تتعلق بالعقيدة الاسلامية، وتحتاج الى توضيح وبيان،** يجيب عنها الأستاذ الدكتور وليد محمد عبدالله العلي، امام وخطيب المسجد الكبير، واستاذ العقيدة بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت.
وللتواصل أرسلوا بأسئلتكم عبر إيميل الجريدة (w-alali@hotmail.com) أو فاكس رقم: (24815921)
الْقَوِيُّ الأَمِينُ
انَّ من نواميس السُّلوك وقوانينه التي لا تتغيَّر ولا تتبدَّل، وقواعده الكُليَّة المُطَّردة المُنضبطة التي لا تزول ولا تتحوَّل: أنَّ الأخلاق الحميدة المُستقيمة: يُولِّد بعضُها بعضاً، كما أنَّ الأخلاق الذَّميمة السَّقيمة: يُولِّد بعضُها بعضاً.
فمعالي الأخلاق تولِّد في قلب المُوظَّف استشعاره بالمسؤوليَّة وأنَّه مُؤتمنٌ ومُحاسبٌ على ما وُسِّد اليه من وظيفة، وسفساف الأخلاق تُهوِّن في صدره حمل أمانةٍ ثقيلةٍ تنوء بحملها السَّماوات والأرض والجبال وتُريه أنَّها خفيفة، قال الله تعالى: (اِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِنسَانُ اِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً).
فمتى ما اكتنف المُوظَّفَ الظُّلمُ والجهلُ: كان موصوفاً في وظيفته بسفساف الأخلاق الذَّميـمة، ومتى ما تدثَّر برداء العدل وازار العلم: كان مُتحلِّياً في أداء عمله بمعالي الأخلاق القويـمة، فيُنزَّه عن الظُّلم: المُوظَّفون الأقوياء الأُمناء، ويُبرَّأ من الجهل: العاملون الحُفَّاظ العُلماء.
فاطراء المُوظَّف القويِّ الأمين: جاء في مُحكم الكتاب المُبين: (قَالَتْ اِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ اِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ). ومدح العامل الحفيظ العليم: جاء في آيِ الذِّكر الحكيم: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ اِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
فهذه أربع أوصافٍ تدلُّ على متين الدِّيانة ورصين الصِّيانة: وهي أن يتحلَّى المُوظَّف بحلية الحفظ والعلم والقُوَّة والأمانة.
فما زُكِّيَ مُوظَّفٌ بمعالي الأخلاق في مسيرته: الا لأنَّه منعوتٌ بالحفظ والعلم في سريرته، وموصوفٌ كذلك بالقُوَّة والأمانة في سيرته.
وضدُّ ما تقدَّم آنفاً من معالي الأخلاق الأربعة القويمة النَّفيسة: ما استُهجن من سفساف الأخلاق الأربعة الذَّميمة الخسيسة.
فوصف المُوظَّف بحفظ العمل: يُقابله وصفه بالتَّضييع والزَّلل، ووصف العامل بالعلم الرَّفيع: يقابله وصفه بالجهل الوضيع، ووصف القائم بالقُوَّة وشدَّة البأس: يقابله وصفه بالعجز وخَوَر النَّفس، ووصف المُكلَّف بخصلة الأمانة: يقابله وصفه بضدِّها وهي الخيانة.
وانَّ من أمانة التَّعليم، المُرشد لتعليم الأمانة: دلالة أرباب الفطر المُستقيمة، وهداية أصحاب العُقول السَّليمة، الى معرفة أثر كُلٍّ من: معالي الأخلاق الرَّفيعة في الأداء الوظيفيِّ المُستقيـم، وسفساف الأخلاق الوضيعة في الأداء الوظيفيِّ السَّقيـم.
وانَّ الله تعالى جبل البريَّة على المُشاكلة، وفطر الخليقة على المُماثلة، وقابل هذه الجبلَّة التي فطر النَّاس عليها، ببيان معالي الأخلاق التي يهتدون اليها، حيث جمع معالي الأخلاق في الأُسوة الحسنة، وأودع أشراف الأُمور في القُدوة المُستحسنة، حيث أثنى على نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم وزكَّاه، في قوله تعالى: (وَاِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). ثُمَّ أرشد أُمَّته الى التَّأسي بمحاسن شمائله وهُداه، في قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).
لذا فقد تمَّم صالح الأخلاق وغشيته مكارمُها: من لاحت له أنوار السُّنَّة واستبانت معالمُها، فأخذ من ميراث النُّبوَّة بحظٍّ وافرٍ، وتضلَّع من أثارة الرِّسالة بقسطٍ ظافرٍ، فسعد بمُتابعة السِّيرة العظيمة، وفرح بمُماثلة المسيرة القويمة، وهنئ بمُوافقة السَّريرة الكريمة، فعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (انَّما بُعثت لأُتمِّم صالح الأخلاق) أخرجه أحمد.
فتتميم الأخلاق وتحسين السَّجايا يدلُّ على أنَّها قابلةٌ للزِّيادة فيرتقي أربابها الى محاسن الأُمور وأشرافها، ومُلاحظة الشِّيم ومُعالجة الطِّباع يُرشد الى أنَّها مُعرَّضةٌ للنُّقصان فيشقى أصحابها بمساوئ السُّلوك وسفسافها.
والرَّبُّ تبارك وتعالى انَّما بعث رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم بما يُحبُّه ويرضاه، فمن تتبع المحبوب المرضيَّ وتجنَّب المبغوض المسخوط رضي الله عنه وأرضاه، فعن حُسين بن عليٍّ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (انَّ الله يُحبُّ معالي الأُمور وأشرافها، ويكره سفاسفها) أخرجه الطَّبرانيُّ. وعن سهل بن سعدٍ السَّاعديِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (انَّ الله عزَّ وجلَّ كريمٌ يُحبُّ الكرم، ويُحبُّ معالي الأخلاق، ويكره سفسافها) أخرجه الطَّبرانيُّ والحاكم والبيهقيُّ.
وأشراف الأخلاق ومعالي الأُمور في بهجتها وحُسنها ذوات أفنانٍ، لكنَّها قد تتبدَّل أو تتغيَّر بحسب ما يُقابلها من انسانٍ أو زمانٍ أو مكانٍ، فقد تستدعي أشراف الأخلاق في مقامٍ الاحجام، وقد تتطلَّب معالي الأُمور في موطنٍ آخر الاقدام، وقد تكون الشِّدَّة في منزلٍ نعتاً ممدوحاً، وقد يكون اللِّين في موقفٍ شدة وصفاً مقدوحاً، فما من خُلُقٍ من الأخلاق الا له مقامٌ معلومٌ، وهو المقام الذي تستلطفه النُّفوس وتُدركه الفُهُوم.
فمحاسن الأخلاق الوظيفيَّة، وأشراف السَّجايا المهنيَّة، وصالح الشِّيم العمليَّة، ومعالي الطِّباع الحرفيَّة: لا يُتصوَّر قيام ساقها الا على: الحفظ، والعلم، والقُوَّة، والأمانة.
فمنشأ جميع الأخلاق والسَّجايا والشِّيم والطِّباع - التي هي من أمارات الفضائل الوظيفيَّة والمهنيَّة والعمليَّة والحرفيَّة - من هذه الخصال الأربع، ومنشأ جميع الأخلاق والسَّجايا والشِّيم والطِّباع - التي هي من علامات الرَّذائل الوظيفيَّة والمهنيَّة والعمليَّة والحرفيَّة- من أضدادها الأربعة: التَّضييع، والجهل، والعجز، والخيانة.
وملاك ذلك كُلِّه أصلان: اعتدال النَّفس بالقُوَّة، أو اختلال النَّفس بالعجز.
فيتولَّد من اعتدال النَّفس بالقُوَّة -الذي هُو ثمرةٌ من ثمار قُوَّة ايمانها-: معالي الأُمور ومحاسن الأخلاق، من الحفظ والعلم والأمانة، ويتولَّد من اختلال النَّفس بالعجز - الذي هُو أثرٌ من آثار ضعف ايمانها-: سفساف الأُمور ومساوئ الأخلاق، من التَّضييع والجهل والخيانة.
ويدلُّ على هذيْن الأصليْن: ما أخرجه مُسلمٌ عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (المُؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ الى الله من المُؤمن الضَّعيف، وفي كُلٍّ خيرٌ، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وان أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أنِّي فعلت كان كذا وكذا، ولكن قُل: قَدَرُ الله، وما شاء فعل، فانَّ لو تفتح عمل الشَّيطان).
وللتواصل أرسلوا بأسئلتكم عبر إيميل الجريدة (w-alali@hotmail.com) أو فاكس رقم: (24815921)
الْقَوِيُّ الأَمِينُ
انَّ من نواميس السُّلوك وقوانينه التي لا تتغيَّر ولا تتبدَّل، وقواعده الكُليَّة المُطَّردة المُنضبطة التي لا تزول ولا تتحوَّل: أنَّ الأخلاق الحميدة المُستقيمة: يُولِّد بعضُها بعضاً، كما أنَّ الأخلاق الذَّميمة السَّقيمة: يُولِّد بعضُها بعضاً.
فمعالي الأخلاق تولِّد في قلب المُوظَّف استشعاره بالمسؤوليَّة وأنَّه مُؤتمنٌ ومُحاسبٌ على ما وُسِّد اليه من وظيفة، وسفساف الأخلاق تُهوِّن في صدره حمل أمانةٍ ثقيلةٍ تنوء بحملها السَّماوات والأرض والجبال وتُريه أنَّها خفيفة، قال الله تعالى: (اِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِنسَانُ اِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً).
فمتى ما اكتنف المُوظَّفَ الظُّلمُ والجهلُ: كان موصوفاً في وظيفته بسفساف الأخلاق الذَّميـمة، ومتى ما تدثَّر برداء العدل وازار العلم: كان مُتحلِّياً في أداء عمله بمعالي الأخلاق القويـمة، فيُنزَّه عن الظُّلم: المُوظَّفون الأقوياء الأُمناء، ويُبرَّأ من الجهل: العاملون الحُفَّاظ العُلماء.
فاطراء المُوظَّف القويِّ الأمين: جاء في مُحكم الكتاب المُبين: (قَالَتْ اِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ اِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ). ومدح العامل الحفيظ العليم: جاء في آيِ الذِّكر الحكيم: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ اِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
فهذه أربع أوصافٍ تدلُّ على متين الدِّيانة ورصين الصِّيانة: وهي أن يتحلَّى المُوظَّف بحلية الحفظ والعلم والقُوَّة والأمانة.
فما زُكِّيَ مُوظَّفٌ بمعالي الأخلاق في مسيرته: الا لأنَّه منعوتٌ بالحفظ والعلم في سريرته، وموصوفٌ كذلك بالقُوَّة والأمانة في سيرته.
وضدُّ ما تقدَّم آنفاً من معالي الأخلاق الأربعة القويمة النَّفيسة: ما استُهجن من سفساف الأخلاق الأربعة الذَّميمة الخسيسة.
فوصف المُوظَّف بحفظ العمل: يُقابله وصفه بالتَّضييع والزَّلل، ووصف العامل بالعلم الرَّفيع: يقابله وصفه بالجهل الوضيع، ووصف القائم بالقُوَّة وشدَّة البأس: يقابله وصفه بالعجز وخَوَر النَّفس، ووصف المُكلَّف بخصلة الأمانة: يقابله وصفه بضدِّها وهي الخيانة.
وانَّ من أمانة التَّعليم، المُرشد لتعليم الأمانة: دلالة أرباب الفطر المُستقيمة، وهداية أصحاب العُقول السَّليمة، الى معرفة أثر كُلٍّ من: معالي الأخلاق الرَّفيعة في الأداء الوظيفيِّ المُستقيـم، وسفساف الأخلاق الوضيعة في الأداء الوظيفيِّ السَّقيـم.
وانَّ الله تعالى جبل البريَّة على المُشاكلة، وفطر الخليقة على المُماثلة، وقابل هذه الجبلَّة التي فطر النَّاس عليها، ببيان معالي الأخلاق التي يهتدون اليها، حيث جمع معالي الأخلاق في الأُسوة الحسنة، وأودع أشراف الأُمور في القُدوة المُستحسنة، حيث أثنى على نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم وزكَّاه، في قوله تعالى: (وَاِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). ثُمَّ أرشد أُمَّته الى التَّأسي بمحاسن شمائله وهُداه، في قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).
لذا فقد تمَّم صالح الأخلاق وغشيته مكارمُها: من لاحت له أنوار السُّنَّة واستبانت معالمُها، فأخذ من ميراث النُّبوَّة بحظٍّ وافرٍ، وتضلَّع من أثارة الرِّسالة بقسطٍ ظافرٍ، فسعد بمُتابعة السِّيرة العظيمة، وفرح بمُماثلة المسيرة القويمة، وهنئ بمُوافقة السَّريرة الكريمة، فعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (انَّما بُعثت لأُتمِّم صالح الأخلاق) أخرجه أحمد.
فتتميم الأخلاق وتحسين السَّجايا يدلُّ على أنَّها قابلةٌ للزِّيادة فيرتقي أربابها الى محاسن الأُمور وأشرافها، ومُلاحظة الشِّيم ومُعالجة الطِّباع يُرشد الى أنَّها مُعرَّضةٌ للنُّقصان فيشقى أصحابها بمساوئ السُّلوك وسفسافها.
والرَّبُّ تبارك وتعالى انَّما بعث رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم بما يُحبُّه ويرضاه، فمن تتبع المحبوب المرضيَّ وتجنَّب المبغوض المسخوط رضي الله عنه وأرضاه، فعن حُسين بن عليٍّ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (انَّ الله يُحبُّ معالي الأُمور وأشرافها، ويكره سفاسفها) أخرجه الطَّبرانيُّ. وعن سهل بن سعدٍ السَّاعديِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (انَّ الله عزَّ وجلَّ كريمٌ يُحبُّ الكرم، ويُحبُّ معالي الأخلاق، ويكره سفسافها) أخرجه الطَّبرانيُّ والحاكم والبيهقيُّ.
وأشراف الأخلاق ومعالي الأُمور في بهجتها وحُسنها ذوات أفنانٍ، لكنَّها قد تتبدَّل أو تتغيَّر بحسب ما يُقابلها من انسانٍ أو زمانٍ أو مكانٍ، فقد تستدعي أشراف الأخلاق في مقامٍ الاحجام، وقد تتطلَّب معالي الأُمور في موطنٍ آخر الاقدام، وقد تكون الشِّدَّة في منزلٍ نعتاً ممدوحاً، وقد يكون اللِّين في موقفٍ شدة وصفاً مقدوحاً، فما من خُلُقٍ من الأخلاق الا له مقامٌ معلومٌ، وهو المقام الذي تستلطفه النُّفوس وتُدركه الفُهُوم.
فمحاسن الأخلاق الوظيفيَّة، وأشراف السَّجايا المهنيَّة، وصالح الشِّيم العمليَّة، ومعالي الطِّباع الحرفيَّة: لا يُتصوَّر قيام ساقها الا على: الحفظ، والعلم، والقُوَّة، والأمانة.
فمنشأ جميع الأخلاق والسَّجايا والشِّيم والطِّباع - التي هي من أمارات الفضائل الوظيفيَّة والمهنيَّة والعمليَّة والحرفيَّة - من هذه الخصال الأربع، ومنشأ جميع الأخلاق والسَّجايا والشِّيم والطِّباع - التي هي من علامات الرَّذائل الوظيفيَّة والمهنيَّة والعمليَّة والحرفيَّة- من أضدادها الأربعة: التَّضييع، والجهل، والعجز، والخيانة.
وملاك ذلك كُلِّه أصلان: اعتدال النَّفس بالقُوَّة، أو اختلال النَّفس بالعجز.
فيتولَّد من اعتدال النَّفس بالقُوَّة -الذي هُو ثمرةٌ من ثمار قُوَّة ايمانها-: معالي الأُمور ومحاسن الأخلاق، من الحفظ والعلم والأمانة، ويتولَّد من اختلال النَّفس بالعجز - الذي هُو أثرٌ من آثار ضعف ايمانها-: سفساف الأُمور ومساوئ الأخلاق، من التَّضييع والجهل والخيانة.
ويدلُّ على هذيْن الأصليْن: ما أخرجه مُسلمٌ عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (المُؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ الى الله من المُؤمن الضَّعيف، وفي كُلٍّ خيرٌ، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وان أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أنِّي فعلت كان كذا وكذا، ولكن قُل: قَدَرُ الله، وما شاء فعل، فانَّ لو تفتح عمل الشَّيطان).