د. حمد العصيدان / كلمات ناطقة / مجلس من الزعماء ... و«المشطوبين»!

تصغير
تكبير
| د. حمد العصيدان |

في مسرحية سورية قديمة اسمها «غربة» يقوم الممثل المعروف دريد لحام (غوار الطوشة) بدور البيك مختار الضيعة، ويتحكم بكل شيء في نظام ديكتاتوري، فجاءه يوما مندوب من الحكومة وطلب منه وقف استبداده والسماح لأهل القرية بالممارسة الديموقراطية، فوافق البيك فورا، وقال للمندوب: سأريك بعينك نتائج ما تطالب به. فجمع أهل الضيعة وأخبرهم أنه سيصبح ديموقراطيا وسيقوم بتنظيم انتخابات لاختيار البيك المختار الجديد، مستفسرا منهم عمن يرغب في الترشح للمنصب، فرفع جميع رجال الضيعة أيديهم معلنين ترشحهم، فالتفت البيك إلى مندوب الحكومة وقال له (شفت بعينك كل الناس زعماء من أين نأتي بشعب يحكمه كل هؤلاء الزعماء؟).

عادت صورة المشهد المسرحي السابق إلى مخيلتي وأنا أتابع تصريحات نواب مجلس الأمة الجدد الذين ما إن أعلنت نتائج الانتخابات بفوزهم حتى تسابقوا إلى الإعلان عن ترشحهم لمنصب رئيس مجلس الأمة ونائب الرئيس وأمين السر... وحتى المقرر، وسط تساؤلات حول هذا السعي المحموم إلى تلك المناصب، هل هي نشوة الفوز التي لم يستوعبها البعض حتى ظنوا أنهم كما نجحوا بالألفين والألف صوت وحتى اقل قد يحمل مطرقة الرئيس ويكون الزعيم وسط الوجوه الجديدة في البرلمان، وما يمثله منصب الرئاسة وما على يمينه ويساره من مقاعد لهؤلاء، أم ان مجريات الأحداث التي سبقت ورافقت الانتخابات لها تأثيرها، حتى أن البعض يريد محاكاة الرموز من النواب الذين فرضوا أنفسهم على الساحة المحلية طوال الفترة السابقة كأبطال شعبيين، فأحدثوا ردة فعل لدى «الناجحين الجدد» لعلهم يبدأون مسيرتهم السياسية ببطولة عبر المنصة وإن كان بعض من يعتزم الترشح للرئاسة ليس جديدا على مجلس الأمة لكنه لم يحظ بـ «البطولة» خلال الفترة الماضية.

وللإحصاء فقد رصد عزم تسعة نواب الترشح للرئاسة وأكثر من 15 لمكتب المجلس بين نائب الرئيس وأمين السر والمقرر.

وإذا ما تجاوزنا هذه النقطة إلى نقطة أكثر أهمية، فإننا سنقف على مفارقة عجيبة تتمثل في أن قرابة ثلث أعضاء المجلس الجديد كانت اللجنة الوطنية العليا للانتخابات قد شطبت ترشحهم قبل أن تعيدهم المحكمة في اللحظات الأخيرة، فكيف سيكون تعامل الحكومة مع مجلس ثلث أعضائه لا يملكون شروط الترشح للمجلس وفق توصيف اللجنة العليا للانتخابات، فما بالك ان يكونوا أعضاء فيه؟!

أما الحديث عن التركيبة الجديدة للمجلس، فإن الحديث فيها ذو شجون بعدما غاب عن المجلس ممثلون عن ثلاثة مكونات اجتماعية من أكبر المكونات للمجتمع الكويتي وهي ثلاث قبائل كبرى ليس لها أي ممثل إلا إذا استثنينا نائبا من إحدى هذه القبائل، تقول القبيلة إنه لا يمثلها، فكيف سيكون العمل النيابي في غياب هذه المكونات التي تشكل أكبر ثقل في كفة الميزان الاجتماعي والسياسي للكويت، لا سيما وأن رموزها شكل العمود الفقري للعمل البرلماني والسياسي في الفتره الماضية، هذا عدا شريحة كبيرة من الحضر الذين اتحدوا مع تلك القبائل ليشكلوا اكبر كتلة للمعارضة التي تعيش اليوم خارج نطاق العمل السياسي والبرلماني؟

أمامنا أيام حبلى بالأحداث سننتظر ونتابع ونرى على أي فضاء ستنكشف الغمام.



@ Dr_alasidan

h.alasidan@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي