رأي اقتصادي / ما الذي يدفع المستثمرين للتفاؤل بعام 2013؟

تصغير
تكبير
| بقلم حيدر توفيق |

ما الذي يبعث المستثمرين على التفاؤل بعام 2013؟

بالنظر إلى الاقتصاد بشكل عام، والقطاع الاستثماري بشكل خاص، يمكن استشراف إشارات جيدة حول توجهات الأسواق عندما تنتشر الكثير من الأخبار السيئة التي يتجاهلها المستثمرون، فتواصل الأسواق ارتفاعها غير عابئة في أغلب الأوقات بهذه الأخبار السيئة.

ومع ذلك يجب على المستثمرين العالميين القيامَ دائماً بعملهم بشكل صحيح لمعرفة مجموعة الأخبار السيئة التي يتم تجاهلها والأسواقِ المعنية بها. وأود في هذا الخصوص الحديثَ عن المنطق الذي يبرر استبشاري كما سأعدّد الأسبابَ التي تشجعني على التفاؤل بخصوص أداء أسواق الأسهم العالمية في عام 2013.

لن نغض النظر تماما عن كافة الأخبار السيئة التي يتم تناولها بشكل يومي، ولكن الواقع يفرض تواجد الأخبار السيئة على الدوام وبقاءها. لقد سمعنا جميعاً عن السلبيات المتعلقة بالوضع الاقتصادي وبأداء مختلف أسواق الأسهم، ذلك أن وسائل الإعلام تحب نقل الأخبار، ولكنها تحب أكثر تكرارَها في كل نشرة إخبارية وفي كل برنامج تحليلي.

وبصفة عامة تقول هذه الأخبار إنّ الاقتصاد العالمي يعاني من ضعف، وان الشباب لا يجد فرص عمل، وانّ معدلات البطالة مرتفعة وسوف تواصل الارتفاع، وانّ البنوك ترفض تقديم القروض، وانّ منطقة اليورو تعرف أزمة واليابان تعيش حالةَ انكماش. ولكن إذا اخترنا التشاؤم، فهناك الكثير من الأخبار التي يمكن أن تبعث السرور في أنفسنا.

كان بالإمكان قول نفس الشيء منذ عام 2008 مما كان سيفوّت على المستثمرين استغلالَ الكثير من الفرص الاستثمارية الكبيرة والتمتعَ بالعوائد الجيدة. لذلك، دعونا نركّز على الأسباب التي يجب أن تبعث المستثمرين على التفاؤل بحلول عام 2013:

1 - معدلات الفائدة طويلةِ وقصيرةِ الأجل العالمية منخفضةٌ ومن المحتمل أن تنخفض أكثر، وهذا بالطبع يمثل خبرا جيدا جداً لأولئك الذين بإمكانهم الاقتراضُ والاستثمارُ، ولكنه في الوقت نفسه خبرٌ سيئ للمدخرين. لقد استغلّت كل من الشركات العالمية متعددة الجنسيات الكبيرة والحكومات على السواء هذه المعدلاتَ المنخفضة للفوائد وعملت على الاقتراض بشكل كبير طوال عام 2012. وقد كدّست الشركات الأميركية أكثر من 2.5 تريليون دولار نقداً، وحذت حذوها الشركات البريطانية التي راكمت أكثر من 1.5 تريليون دولار، وفعلت الكثيرُ من الشركات الأخرى مثلها. وتُعتبر المعدلات المنخفضة جدا مؤشرا إيجابيا لكل الأشخاص المَدينين، وعددهم كثير جدا.

2 - معدلات التضخم العالمية منخفضة ومن المحتمل أن تنخفض أكثر، ولكن لنأمل ألا تصل إلى مستوى النمو السلبي. لقد تراوحت أسعار النفط الخام بين 90 و 100 دولار خلال السنوات الخمس الماضية، وتراجعت أسعار الكثير من السلع الصناعية الأخرى بشكل كبير خلال العامين الماضيين كما هو الحال أيضاً بالنسبة للسلع الزراعية. ستساعد هذه الانخفاضات في الأسعار على تحسين هوامش الربح للشركات التي تنتج البضائع والمنتجات الصناعية وهو ما سوف يؤدي بالتالي إلى زيادة القدرة الشرائية للمستهلكين.

3 - تقييمات الأسهم العالمية منخفضة، وهي في بعض الأسواق رخيصة جداً. ومن الواضح أنه عندما نتحدث عن رُخص هذه التقييمات فإننا نقارنها على أساس تاريخي. وبناء على ذلك، بإمكاننا القولُ أن نسبة الكسب للسعر في عمليات التداول في أسواق الأسهم الأميركية والأوروبية تُراوح 12 مرة، مقارنةً بالتقييمات التاريخية التي لِنَقُل إنها تتجاوز 15 مرة بقليل. قد يقول البعض إن ما حصل في الماضي هو أمر حقيقي وواقعي لأنه حصل بالفعل ولكن المستقبل يبقى غير مؤكد. وهذه وجهة نظر صحيحة بالفعل ولكننا سمعنا الكلام نفسه في الماضي أيضاً. لقد تحدثت آنفاً عن (الأكوام) الضخمة من السيولة المتراكمة لدى الشركات العالمية متعددة الجنسيات وعن فرصة إعادة هذه الشركات لجزء من تلك النقود إلى المساهمين، وسأتطرّق في النقطة التالية إلى عائدات الأرباح على الأسهم.

4 - عائدات الأرباح على الأسهم أعلى بكثير من الودائع وفي بعض الحالات أعلى من السندات الحكومية طويلة الأجل، شخصيا أعتقد أن هذا حدثٌ تاريخي ولكنني لست متأكداً إن كان سيستمر لفترة أطول. لقد استثمر المستثمرون ومنذ عام 2008 كمياتٍ ضخمة من الأموال في السندات الحكومية وسندات الشركات وبنسبة أقل بكثير في الأسهم، وعلينا في وقت ما خلال الأشهر المقبلة أن نتوقع تحوّلا من الاستثمار في السندات إلى الأسهم. وسيكون لذلك أثر كبير على الأسهم.

5 - يُعتبر ظهور مستهلكين جدد في جميع أنحاء العالم عمليةً مستمرة، أدت إلى فتح أسواق جديدة ضخمة في مختلف أنحاء العالم أمام الشركات العالمية متعددة الجنسيات التي تمتلك علامات تجارية عالمية. ومن الواضح أن المستهلكين في آسيا والشرق الأوسط وروسيا والبرازيل وبالتأكيد الصين يملكون نقودا ينفقونها أكثر من أي وقت مضى. وتساهم هذه الأسواق الجديدة بشكل تدريجي وبنسبة أكبر في نمو الاقتصاد العالمي، وهي عملية صحية تساعد على إعادة التوازن إلى الاقتصاد العالمي. إن شهية هؤلاء المستهلكين الجدد لأي شيء مُنتج في الغرب لا حدود لها. وسوف تستفيد من ذلك أكثرَ من غيرها، الشركاتُ متعددة الجنسيات التي تعمل في مجال إنتاج السلع وتقديم الخدمات مثل السيارات، والأدوات والمعدات الكهربائية والإلكترونية، والهواتف الذكية، والملابس والسلع الفاخرة، والخدمات الصحية والتعليمية. أعتقد أن نسبة المستهلكين الجدد في جميع أنحاء العالم والتي تشكّل أكثر من 70 في المئة من تعداد سكان العالم سوف تكون الفئة التي تستهدفها الشركاتُ العالمية متعددة الجنسيات.

6 - نجحت الشركات العالمية في تحقيق نتائج جيدة وأرباحا أكثر على مدى العامين الماضيين. وقد يفسّرُ هذا النسقَ التصاعدي الذي تعرفه الأسواق. أعتقد أن أرباح هذه الشركات ستواصل الارتفاع أكثر خلال العامين المقبلين. وتجدر الإشارة إلى أن البيئة الاقتصادية بالنسبة لهذه الشركات العالمية لم تكن جيدة كما هي اليوم ولكن المستثمرين قد قاموا بالفعل بمكافأتها بسخاء.

7 - شهد مستوى الانكشاف على الأسهم العالمية تراجعاً خلال السنوات الأربع الماضية. ونعتقد أن هذه الأخبار يجب أن تكون جيدةً بالنسبة للأسهم التي تحقق أداءً جيداً للأسباب التي سبق وأن ذكرتُها. سيبدأ المستثمرون على الأجل الطويل في مرحلة ما في الأشهر المقبلة في زيادة مستوى انكشافهم على الأسهم مرة أخرى. ويجب عليهم خلال هذه العملية الحرصَ على عدم إيذاء أنفسهم بإغراق الأسواق بالسندات، وبناء عليه يجب أن تكون هذه العملية مدروسة وهو أمر سوف يستغرق بعض الوقت. ويُعتبر هذا الأمر جيدا بالنسبة للمستثمرين العالميين ليجدوا لأنفسهم موقعا جيدا، ذلك أن الأمرَ الأهمَّ هو التوقيت الذي يتم اختياره للاستثمار في الأسهم.

يجب على المستثمرين في قطاع الأسهم التفكيرَ بعقلانية وبذل جهد لتجاهل مشاعرهم عند الاستثمار في الأسهم. ولا شك أنّ قول ذلك أسهل من القيام به، ولذلك عمدت إلى تِعداد هذه الأسباب على أملِ أن يُفكر المستثمرون بأنفسهم ويتجنبوا العناوينَ التي تُكررها وسائل الإعلام ويبتعدوا عن التفكير بعقلية القطيع.





• نائب الرئيس لادارة الاصول في شركة ديمة كابيتال للاستثمار

HT@dimah.com.kw
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي