علي الرز / ... أيامه الزائدة!

تصغير
تكبير
| علي الرز |

لم يجدوا ضرورة لفيديو «مفبْرك»، ولـ أبي عدس «مفبْرك»، ولمسؤول إعلامي «مفبْرك»، ولمسؤول أمني لا تتسع السيارة له ولـ«حمار» آخر «يفبْرك» كل ما من شأنه خدمة بشار الاسد. اكتفوا هذه المرّة بحركتين تشبهان اللتين رافقتا ولحقتا اغتيال الشهيد رفيق الحريري. الاولى، حملة سياسية تصاحبها شتائم وتهديدات قام بها الفريق الموالي لسورية نفسه. والثانية، ان وزيراً سورياً (هو عمران الزعبي هذه المرّة وليس فاروق الشرع) يدين التفجير بعد لحظات من حصوله من دون منح الضحية «شرف التسمية».

رحمك الله يا شهيد لبنان وسام الحسن... رغم الايمان الكامل بالقضاء والقدَر، الا انّ هناك دائماً ما كان يشي بأنك تمشي بقدميك الى قدَرك منتصب القامة. كنتَ تقول كلما التقيناك وحذّرناك ودعونا لك بطول العمر بأنك تشعر فعلاً بان ايامك زائدة منذ اللحظة التي قررتَ فيها ان ينتهي في لبنان زمن الجرائم المقيّدة إما «ضدّ مجهول» وإما ضد العدو الاسرائيلي.

«لستُ أغلى من رفيق الحريري ولا توجد جريمة ضد مجهول» كنتَ دائماً تقول، ولذلك عملتَ بطريقة مختلفة لكشف ما أمكن كشفه بالقرائن والادلة، مشيّعاً رفاق السلاح في فرع المعلومات واحداً تلو الآخر لأنّهم سقطوا شهداء على درب الحقيقة، أما بالنسبة الى العدو الاسرائيلي فلم يستطع أحد ان يزايد عليك في هذا الملف خصوصاً انك ساعدتَ «حزب الله» في كشف بعض أهل بيته، و«ساعدتَ» التيار العوني في كشف بعض أهل بيته... كان ضميرك مرتاحاً رغم كل الهمْس في أذنك: «دير بالك، اللي عم تعملو عم يعجّل تحضير السيارة».

لم يُحضروا شريط فيديو ولم يعودوا بحاجة الى ايّ «ابي عدس». صدر حكم الإعدام عليك بسيارة مفخخة، تماماً كما صدر على مَن سبقك. انما يبدو ان كشْفكَ للجريمة التي همّ بارتكابها ميشال سماحة وكانت ستُقيَّد ضدّ مجهول او ضدّ اسرائيل...

هو «الجريمة» بعينها. سماحة قال للمكلف: «بشار هيك بدو»، فكيف تجرؤ يا وسام على عصيان بشار؟ كيف تفضح هذه المنظومة الطويلة العريضة وتعمل على تغيير قواعد اللعبة؟ أراهنتَ على سجلّك الناصع البياض في مكافحة شبكات اسرائيل؟ في كشْف قتَلة الشهيد رفيق الحريري؟ في كشْف شبكة عين عَلَق السورية؟ ألم تدرك ان بشار هو كبيرهم الذي علّمهم العهر والقهر والإجرام وان رضاه في هذه المرحلة أهمّ من الممانعة وأهمّ من الاستقرار وأهمّ من لبنان بأسره؟.

أيامك الزائدة يا شهيد أعطت لبنان أياماً زائدة... يكفي أنك ارتضيتَ ان تنفجر سيارة ميشال سماحة السورية بك كي لا تنفجر في قلب لبنان... انفجرتْ في قلوبنا حزناً عليك. انفجرتْ في مآقينا دمعاً يدفعه الإجرام دفعاً الى المسير في الجنازات والعويل والليل الطويل.

تبقى خاتمة... عندما استشهد الرئيس الحريري أقام «حزب الله» مهرجاناً حاشداً في قلب بيروت بعنوان «شكرا سورية». اليوم اذا استطاع النظام السوري تنظيم مهرجان في ساحة الأمويين في دمشق ووقَف بشار الأسد (او علي مملوك) خطيباً فلمن سيوجّه الشكر وماذا سيكون العنوان؟

رحمك الله يا زين الشباب... رحمك الله يا وسام الحسن... كنتَ أوسمنا روحاً وأحسننا التزاماً وأجرأنا قلباً.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي