لن تجد رئيسا أو حاكما إلا ولديه مستشارون يدخلون عليه ويقدمون له النصيحة وهم نوعان كما أخبر بذلك الحديث (ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصم الله تعالى). البخاري
والبطانة هم من يدخلون على الرئيس في خلوته ويفضي لهم بأسراره، وهم من يخبرون الرئيس عن ما خفي عنه من أحوال رعيته، والمصيبة عندما تكون البطانة من النوع الثاني، ممن ينقلون للرئيس صورة بخلاف الواقع مما ينتج عنه قرارات في غير محلها فتفسد أكثر مما تصلح وتُخرب أكثر مما تعمر.
مشكلة عندما تكون البطانة من التجار الجشعين الذين يقدمون النصح بما يزيد ثراءهم على حساب الإنسان البسيط، قرارات تدعم الاحتكار وتضيق على باحثي الرزق من أصحاب المشاريع الصغيرة.
ومصيبة عندما تكون البطانة من الذين يعتقدون أنهم أصحاب دماء زرقاء، فتنعكس استشاراتهم وتوصيات إلى مزيد من التفرقة بين أفراد المجتمع وزيادة الطبقية بين أبنائه.
وبلوى عظيمة عندما تكون البطانة ممن لا يرون الحل مع مطالب الشعب إلا بالحلول الأمنية والاعتقالات، مما يحول الوطن إلى سجن كبير، تنتهك فيه الخصوصيات وتقيد فيه الحريات، وتنتزع فيه أبسط حقوق الإنسانية.
وتزيد البلوى عندما تكون البطانة من الجيش والعسكر، والذي لا يتعامل إلا بالبندقية والسلاح، فإذا خرجت مظاهرات ومطالبات مدنية سلمية قُوبلت بالرشاش والمدفع.
الشواهد على فساد البطانة كثير في القديم والحديث، فبطانة فرعون قالوا له ( أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك ) وهل كان موسى يريد شيئا سوى الخير لأهل مصر؟
فرعون الذي رأى أن هؤلاء شرذمة قليلون استجاب لبطانة السوء فكان في ذلك هلاكه و زوال ملكه، وهو نفس الخطأ الذي وقع في (زين العابدين، وحسني، والقذافي، وعلي صالح).
اليوم جزار الشام يكرر أخطاء من سبقه، ويستجيب لبطانة السوء لكنها هذه المرة تتكلم اللهجة الفارسية والعراقية واللبنانية والروسية والصينية، وهؤلاء سيوردونه المهالك كحال سابقيه وأسأل الله تعالى أن يكون ذلك قريبا.
كان عمر بن الخطاب يحرص على تفقد حال الرعية بنفسه ليتلمس الواقع على حقيقته، وهو عمل قل أن تجد مسؤولا يقوم به لذلك غالبا ما تكون القرارات المتخذة غير صائبة.
أصبحنا في الكويت منذ سنوات وإلى الآن نعاني من أزمات متكررة، فما تنتهي أزمة إلا وتلد أخرى، ولا أشك أن أحد أسبابها بطانة السوء.
أدعو الله تعالى أن يرزق حكام الخليج وعموم المسلمين بالبطانة الصالحة التي تدعوهم إلى الخير وتعينهم عليه، وأن يجنبهم بطانة السوء من مدنيين وعسكريين. والذين يفسدون في الأرض أكثر مما يصلحون.
عبدالعزيز صباح الفضلي
Twitter : @abdulaziz2002