لغة الأشياء
هل مات باتمان حقا؟!
| باسمة العنزي |
«هل تتوقع بعد تدميرك لعالمي أن نمد يدينا ونتصافح؟!».
من فيلم باتمان
***
انه الرجل الوطواط الذي يفاجئنا كل مرة بقصة جديدة عن العنف المسيطر على عالمنا، انه باتمان أيقونة الخير العنيدة التي ننحاز لها دائما، وجد ليقهر الأعداء ويطارد المجرمين في ضواحي المدينة الخلفية،انه جزء من طفولتنا، ومن ذواتنا البشرية التي تبحث عن العدالة عبر الرموز، و هو أيضا مقطع صاخب من حكاية صراع أزلية بين الخير والشر ترتدي ثيابا عصرية، وهو عنصر سينمائي جاذب تقف خلفه ترسانة انتاج فنية ضخمة، تحول مغامرات البطل الغامض لفيلم يحقق أعلى الأرباح.
رغم أن بداية فيلم باتمان الجديد (The Dark Knight Rises) جاءت صادمة بعد الجريمة التي صاحبت عرضه في كولورادو يوليو الماضي، واطلاق الرصاص على رواد العرض من قبل معتوه. الا أن ذلك وان أثر على شعبيته في الولايات المتحدة تعاطفا مع الضحايا، الا أنه حقق حضورا جيدا لدى عرضه محليا.
لم اتوقع أن يتفوق الجزء الثالث من باتمان على سابقه حيث أبدع (هيث ليدجر) بدور الجوكر ونال عليه جائزة الأوسكار رغم وفاته. الجزء الثالث البطولة فيه كانت جماعية ولو أن الممثلة (آن هاثواي) سرقت الضوء من البقية لاطلالتها الجذابة، الا أن العنصر الأقوى في العمل كان الحوار المكتوب بحرفنة وعمق لم نعتد عليه مع فيلم مغامرات مليء بالمتفجرات والمطاردات و مجرمي الشوارع، وفي الوقت نفسه يناقش فقدان الأمل و الخوف ونسيان الماضي والطبقية بطريقة جديدة.
لم يعالج الحوار المركز في أغلبه أسباب الشر الكامنة فيمن يريدون تدمير مدينة (غوثام) التي يقطنها 12 مليون نسمة، انما وضع يده على العديد من اللحظات الانسانية التي وازنت بين الشر المطلق الذي لا يلجم و بين الخير المنثور بداخل من أرادوا لمدينتهم الاستمرار والخروج من المحنة. لقطات بسيطة وعبارات قصيرة جاءت باتقانها وابداعها لتضفي بعدا عميقا على عمل نجح في الوصول لأكثر من فئة من المتلقين.
الشخصيات الشريرة برع الكاتب في نزع أقنعتها، تاركا باتمان مترددا بين الكشف عن شخصيته أو اخفائها في عالم لم يعد يبالي بهوية مخلصة. كما برع في اظهار انكسار وعزلة المنقذين الذين يعودون للواقع ولعب دور البطولة مثل رجل الأمن (جيمس) ورجل الأعمال (بروس واين)، والشرطي (بلاك) الذي يرفض الأنظمة والسلطة في النهاية بعد خذلانها له.
وكما لحزن باتمان وعزلته قصة تتعلق بفقده حبيبته، جاءت الرغبة الكبيرة بتدمير المدينة من شخصيات مسكونة بالانتقام مثل (باين) و ابنة (رأس الغول)، لأنها عاشت طفولة معذبة،محرومة من الحب و السلام، فقررت أن تسلب الحرية والأمن من الآخرين.
الاخراج كان مذهلا والمؤثرات الصوتية جاءت مكتملة، والمشاهد الصعبة نفذت بدقة، ولعل أقوى المشاهد بالنسبة لي كمتلقية، الفترة الي تم سجن باتمان فيها بالبؤرة الأرضية التي لا يمكن لأحد الخروج منها، وكيف استطاعت روحه مؤازرة جسده المنهك للعبور لضوء الشمس وسط ذهول المساجين!
حتى و القنبلة الذرية تنفجر بعيدا عن (غوثام) حاملة مع دخانها تضحية باتمان بحياته من أجل الآخرين، تظهر نماذج ايجابية لا تقل عنه شجاعة كانت تحاول بسبلها الخاصة انقاذ البشرية من ورطتها.
«لدي مدينة جميلة وشعب عظيم يرتفع من الجحيم» كلمات باتمان الأخيرة لا تجعلنا نصدق مصيره الذي لا يحظى به عادة الأبطال الاسطوريون الخارجون من رحم المعاناة، هل مات باتمان حقا تاركا المجال للأبطال الواقعيين ليمارسوا أدوارهم من دون مظاهر خارقة؟! وحدهما الكاتبان الأخوان (نولان)- المرشحان للأوسكار سابقا- من يملك الاجابة وربما من سيحظى بجائزة مقبلة!
«هل تتوقع بعد تدميرك لعالمي أن نمد يدينا ونتصافح؟!».
من فيلم باتمان
***
انه الرجل الوطواط الذي يفاجئنا كل مرة بقصة جديدة عن العنف المسيطر على عالمنا، انه باتمان أيقونة الخير العنيدة التي ننحاز لها دائما، وجد ليقهر الأعداء ويطارد المجرمين في ضواحي المدينة الخلفية،انه جزء من طفولتنا، ومن ذواتنا البشرية التي تبحث عن العدالة عبر الرموز، و هو أيضا مقطع صاخب من حكاية صراع أزلية بين الخير والشر ترتدي ثيابا عصرية، وهو عنصر سينمائي جاذب تقف خلفه ترسانة انتاج فنية ضخمة، تحول مغامرات البطل الغامض لفيلم يحقق أعلى الأرباح.
رغم أن بداية فيلم باتمان الجديد (The Dark Knight Rises) جاءت صادمة بعد الجريمة التي صاحبت عرضه في كولورادو يوليو الماضي، واطلاق الرصاص على رواد العرض من قبل معتوه. الا أن ذلك وان أثر على شعبيته في الولايات المتحدة تعاطفا مع الضحايا، الا أنه حقق حضورا جيدا لدى عرضه محليا.
لم اتوقع أن يتفوق الجزء الثالث من باتمان على سابقه حيث أبدع (هيث ليدجر) بدور الجوكر ونال عليه جائزة الأوسكار رغم وفاته. الجزء الثالث البطولة فيه كانت جماعية ولو أن الممثلة (آن هاثواي) سرقت الضوء من البقية لاطلالتها الجذابة، الا أن العنصر الأقوى في العمل كان الحوار المكتوب بحرفنة وعمق لم نعتد عليه مع فيلم مغامرات مليء بالمتفجرات والمطاردات و مجرمي الشوارع، وفي الوقت نفسه يناقش فقدان الأمل و الخوف ونسيان الماضي والطبقية بطريقة جديدة.
لم يعالج الحوار المركز في أغلبه أسباب الشر الكامنة فيمن يريدون تدمير مدينة (غوثام) التي يقطنها 12 مليون نسمة، انما وضع يده على العديد من اللحظات الانسانية التي وازنت بين الشر المطلق الذي لا يلجم و بين الخير المنثور بداخل من أرادوا لمدينتهم الاستمرار والخروج من المحنة. لقطات بسيطة وعبارات قصيرة جاءت باتقانها وابداعها لتضفي بعدا عميقا على عمل نجح في الوصول لأكثر من فئة من المتلقين.
الشخصيات الشريرة برع الكاتب في نزع أقنعتها، تاركا باتمان مترددا بين الكشف عن شخصيته أو اخفائها في عالم لم يعد يبالي بهوية مخلصة. كما برع في اظهار انكسار وعزلة المنقذين الذين يعودون للواقع ولعب دور البطولة مثل رجل الأمن (جيمس) ورجل الأعمال (بروس واين)، والشرطي (بلاك) الذي يرفض الأنظمة والسلطة في النهاية بعد خذلانها له.
وكما لحزن باتمان وعزلته قصة تتعلق بفقده حبيبته، جاءت الرغبة الكبيرة بتدمير المدينة من شخصيات مسكونة بالانتقام مثل (باين) و ابنة (رأس الغول)، لأنها عاشت طفولة معذبة،محرومة من الحب و السلام، فقررت أن تسلب الحرية والأمن من الآخرين.
الاخراج كان مذهلا والمؤثرات الصوتية جاءت مكتملة، والمشاهد الصعبة نفذت بدقة، ولعل أقوى المشاهد بالنسبة لي كمتلقية، الفترة الي تم سجن باتمان فيها بالبؤرة الأرضية التي لا يمكن لأحد الخروج منها، وكيف استطاعت روحه مؤازرة جسده المنهك للعبور لضوء الشمس وسط ذهول المساجين!
حتى و القنبلة الذرية تنفجر بعيدا عن (غوثام) حاملة مع دخانها تضحية باتمان بحياته من أجل الآخرين، تظهر نماذج ايجابية لا تقل عنه شجاعة كانت تحاول بسبلها الخاصة انقاذ البشرية من ورطتها.
«لدي مدينة جميلة وشعب عظيم يرتفع من الجحيم» كلمات باتمان الأخيرة لا تجعلنا نصدق مصيره الذي لا يحظى به عادة الأبطال الاسطوريون الخارجون من رحم المعاناة، هل مات باتمان حقا تاركا المجال للأبطال الواقعيين ليمارسوا أدوارهم من دون مظاهر خارقة؟! وحدهما الكاتبان الأخوان (نولان)- المرشحان للأوسكار سابقا- من يملك الاجابة وربما من سيحظى بجائزة مقبلة!