عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / خواطر سلوفاكية

تصغير
تكبير
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

في السفر يستزيد الإنسان من المعرفة، ويكتشف ثقافات جديدة، ويمر بتجارب متعددة، وتتشكل لديه صور أكثر وضوحا عن الآخرين، وربما اكتشف سلوكيات ما كان ليعرفها لو بقي في بلده.

خلال تواجدي في جمهورية سلوفاكيا مرافقا لوالدتي في رحلة علاجها مرت بي عدة مواقف، كان لها عندي عدة معاني،وحرصت على أن أذكر بعضها بحسب ما تسمح به مساحة المقال.

هل العرب جرب؟

في السابق كنت أرى أن الغرب متحامل جدا علينا كعرب ومسلمين، وأنهم لكراهيتهم لنا يصفوننا بالتخلف وعدم النظافة، لكني وبعد مشاهدتي لتصرفات بعض العرب قلت نحن من رسخ هذه الأفكار في أذهان الغربيين.

عندما تمشي في الشارع ثم تسمع صوتا عاليا وإزعاجا، يصبح لديك شعور أن مصدره بعض العرب وبالفعل لا يخيب ظنك، من ميزة سلوفاكيا وخاصة مدينة (بيشتني) أن طبيعتها جميلة وهواءها عليل والناس تحب المشي وركوب الدرجات الهوائية، بعض العرب وكونه مصطحبا لأبنائه يقوم باستئجار الدراجات الهوائية، ولا يخفى عليكم الفوضى التي تعم المكان الذي يتواجدون فيه، ناهيك عن مخالفة قواعد السير والمرور، بل ويحدثني أحد الشباب أنه كان هناك حفل زفاف وإذ ببعض الأطفال العرب يقتحمون الحفل بدراجاتهم الهوائية حتى كادوا يفسدونه وسط سخط أهل الحفل والضيوف.

أردت استبدال غرفتي في الفندق بأخرى، فأخبروني بأن الانتقال ربما سيأخذ مزيدا من الوقت، فسألت موظفا عربيا يعمل منسقا للعرب القادمين من الخليج عن السبب فقال ان الغرفة التي أريد الانتقال إليها تسكنها امرأة عربية، وفي الغالب العرب لا يغادرون الغرف إلا ببعض التلفيات، لذلك يريد الفندق التأكد من أن الغرفة سليمة أم انها ستأخذ وقتا أطول في التجهيز.

من طبيعة والدتي أنها تحب الترتيب، وقد حدثتها عاملة تنظيف الغرف من خلال المساعدة أنها تختلف عن كثير من العرب الذين يأتون إلى هذا المكان، لأنها ــ العاملة ــ غالبا ما تعاني خلال تنظيفها لغرفهم من الأوساخ التي يتركونها، فمتى يا بني يعرب نلتزم بمبادئ إسلامنا ونعطي صورة حقيقية عن أخلاقنا.

الاحتلال التركي

ذهبت في رحلة إلى منطقة تترا الجبلية وهي تبعد عن مدينة (بيشتني ) 250 كيلومترا، وفي الطريق شاهدت بعض القلاع على بعض القمم، فحدثني سائق التاكسي بأن العثمانيين كانوا هنا قبل مئتي عام وأنهم قاموا بقتلهم واحتلال أرضهم، التفت إلى صاحبي وقلت إنه يتحدث عن الفتوحات العثمانية، ثم تذكرت تاريخ المسلمين السابق وواقعهم الحالي فجرى في الذهن قول الشاعر:

ملكنا هذه الدنيا قرونا... وأخضعها جدود خالدونا

وسطرنا صحائف من ضياء... فما نسي الزمان ولا نسينا

وما فتئ الزمان يدور حتى... مضى في المجد قوما آخرونا

وآلمني وآلم كل حر... سؤال الدهر أين المسلمون؟

تُرى هل يرجع الماضي فإني... أذوب لذلك الماضي حنينا

قيمة لغتنا العربية

لم أكتشف أن للغتنا العربية قيمة عند الآخرين إلا عندما أردت استبدال الموظفة التي تقوم بمساعدة الوالدة في حضور جلسات العلاج بأخرى، وعندما قام المكتب بإحضارها أُخبرت بأن سعر ساعات عملها أغلى من السابقة فقلت لم؟ قال لأنها تعرف عربيا! ذكرني هذا براتب بعض خادمات المنازل والتي يرتفع سعرها إذا كانت تعرف عربيا، قلت سبحان الله أعانك الله يا لغتنا العربية فأنت مظلومة بين أبنائك الذين لا يستحسنون الحديث بك بلغة سليمة، ومظلومة عند الغرب الذي لا يعترف بها، فعندما تسافر أو تشتري بعض العلاجات أو الأجهزة، أو غيرها فنادرا أن تجد إرشادات باللغة العربية. وما أرى إلا أننا أضعنا لغتنا فضاعت، وقمنا بإهانتها بيننا فهانت عند أعدائنا.



Twitter :@ abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي