عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / الرئيس الخادم والأجير

تصغير
تكبير
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات، بعد نتائج انتخابات الرئاسة المصرية وفوز الدكتور محمد مرسي بكرسي الرئاسة وهذه النتيجة وإن كانت لم تعلن رسميا إلى ساعة كتابة المقال، إلا أنه يحق لنا ولجميع أبناء الأمة العربية والإسلامية أن نفرح بوصول أول رئيس دولة عربي يتم اختياره بالانتخاب الحر والنزيه.

ولهذا الفوز طعم خاص، فجماعة الإخوان التي تأسست منذ أكثر من 80 عاما تجني الآن إحدى ثمرات هذه الدعوة المباركة بوصول أحد أبنائها إلى سدة الحكم بعد سنوات طويلة عانت فيها الجماعة وأبناؤها شتى صنوف الإقصاء والتنكيل ما بين السجن والاعتقال والتعذيب والتصفية الجسدية والمحاكم المزيفة والإعدام.

يذكرني هذا الموقف بقوله تعالى ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحذرون ) وها هو ربنا تعالى يري الأميركان واليهود والغرب وفلول النظام السابق ما كانوا يحذرون من وصول مرشح الثورة والإخوان إلى سدة الحكم.

ما نراه اليوم هو تحقيق لسنة إلهية في الكون وهو التمكين بعد الابتلاء والتمحيص، ومن يقرأ سيرة الأنبياء والمصلحين يرى حقيقة هذه السنة، فهذا يوسف عليه السلام من بعد السجن يصبح وزيرا على خزائن الدولة.

أتذكر مع وصول مرشح الإخوان للرئاسة وصية النبي عليه الصلاة والسلام لابن عباس حين قال (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلت من تسليط وسائل الإعلام لتشويه المرشح مرسي والتشكيك في جماعته، وبرغم الأموال التي ضخت لدعم منافسه من بقايا الفلول إلا أن الله تعالى أخزاهم ورد كيدهم إلى نحورهم.

من غرائب الانتخابات المصرية أو إن شئت فقل من موافقات القدر أن تظهر النتائج في يوم 18 يونيو، وهو اليوم الذي يسمى بمصر (يوم الجلاء) تخليدا لجلاء البريطانيين من مصر في مثل هذا التاريخ من عام 1954، وبالفعل هذا يوم الجلاء للعسكر ولشفيق ولبقايا النظام السابق وفلوله.

برغم ظهور النتائج بفوز الدكتور مرسي بالرئاسة، إلا أنها لن تكون آخر حلقات الصراع مع العسكر والذين يعز عليهم ترك الكرسي لمرسي أو للثورة، لذلك سيسعون جاهدين لإفشال هذا النجاح ولمسك خيوط اللعبة حتى يكون الرئيس القادم تحت رحمتهم ولعبة في أيديهم، وهو ما سعى الجيش لتحقيقه من خلال الإعلان الدستوري المكمل، والذي ينزع كثيرا من الصلاحيات من الرئيس ويجعلها بيد الجيش، إلا أنني واثق بأن الثورة ورجالها سيقفون لهذا العبث بالمرصاد، ولن يمكنوا الجيش من تحقيق طموحاته ولو كان ثمن ذلك الدماء والأرواح.

أعتقد أن الإخوان الذين كانت لهم تجربة مريرة مع جمال عبدالناصر غير مستعدين لتكرار التجربة وتسليم لحاهم للجيش أو الوثوق به، ولذا سيستمرون في ثورتهم حتى اكتمال النصر وإزاحة الجيش من الدوامة السياسية ليكون في محله الطبيعي وهو حماية البلد من الأطماع الخارجية.

أغرب ما في هذه الانتخابات هي الرسالة التي ألقاها الرئيس الجديد مرسي بعد النتائج شبه النهائية حين خاطب أبناء شعبه بأنه سيتعامل معهم كالأخ والأب والأجير والخادم، وهذا خطاب لم نسمعه من قبل من أي رئيس عربي، وهو خطاب لم تتعود عليه الشعوب العربية من قبل، فهنيئا لشعب مصر هذا النصر العظيم.

الرسالة

لإخواني وأحبائي من جماعة الإخوان، تواضعوا عند النصر، وتذكروا أن ما تم إنما هو بحول الله وقوته، ثم بوقوف بقية الشرفاء من أبناء مصر مع مرشح الثورة، وبعد النجاح في ابتلاء المحنة، جاء الاختبار في ابتلاء التمكين، ونسأل الله تعالى أن يسدد خطاكم ويثبتكم على الحق، والله أكبر ولله الحمد.



عبدالعزيز صباح الفضلي

Twitter :@ abdulaziz2002

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي