| عبدالعزيز صباح الفضلي |
من الذكريات التي لا يمل حديثها ولا يسأم من تكرار مواقفها: السيرة النبوية، وإذ تمر بنا هذه الأيام ذكرى حادثة الإسراء والمعراج، فقد رأيت من الجميل أن نقف على بعض دروسها وعبرها.
قبل حادثة الإسراء تعرض الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الأذى من أهل الطائف، الذين لم يحسنوا استقباله والاستجابة لدعوته! وزادوا على سوئهم بأن سلطوا عبيدهم وغلمانهم فأساؤوا اليه وأدموا قدميه، فما كان منه عليه الصلاة والسلام الا التوجه إلى من يسمع الشكوى ويغيث الملهوف وكان من دعائه (اللهم اليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس)، والمتأمل لأحوال اخواننا في سورية لا يشك لحظة بأنهم يرددون الدعاء نفسه ويبثون الشكوى ذاتها، فهم يشتكون إلى الله من ضعف قوتهم العسكرية مقابل ترسانة الجيش الأسدي، ويشتكون من قلة الحيلة أمام ضعف الجامعة العربية ومماطلة مجلس «العفن» لا الأمن والذي لم يحقق الأمن لطالبيه وهو يشاهد المجزرة تلوى الأخرى، والتي ترتكب في حق المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء، وأكبر عون قدمه هو ارسال المراقبين من أجل ذر الرماد في العيون.
يشتكي السوريون من هوانهم على الناس، فدماؤهم من أرخص الدماء، ولو أن عشر الدماء أو القتلى كانوا نصارى أو يهود لرأينا تحركا جادا لوقف حمام الدم من الزعماء العرب قبل الغرب، ولكن عزاءهم أن قتلاهم في الجنة شهداء باذن الله.
من أعظم الدروس التي أتمنى الاستفادة منها في هذه الحادثة أن الله تعالى لا يتخلى عن عباده الموحدين متى ما صدقوا في الاتجاه اليه وطلب العون منه، وهو ما رأيناه من آيات النصرة التي أنعم الله تعالى بها على نبيه، فما أن انتهى رسولنا الكريم من دعائه حتى أتاه ملك الجبال ليكون تحت امرته ولو أمره أن يُطبق الجبلين على المشركين لفعل.
وبعد عودته من رحلة الإسراء والتي كانت من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى واخباره الناس بها طلبوا منه أن يصف بيت المقدس، فلما خفي عليه بعض أوصافه، جاءته النصرة اذ جلى الله تعالى بيت المقدس أمام ناظري الرسول ليصفه وصفا دقيقا.
هناك قاعدة عظيمة وسنة الهية تتمثل في قوله تعالى (ان تنصروا الله ينصركم)، واليوم نحن نرى أهل سورية قد نصروا دين الله، فلم يسجدوا الا لله ولم يلجؤوا لأحدهم سوى الله وصار شعارهم (يا الله ما لنا غيرك يا الله)، وأقول جازما بأن الله تعالى سينصرهم ولن يخذلهم، فمعظم الشعوب العربية تقف معهم، ويكسبون إلى صفهم داعمين جددا يوما بعد آخر، بينما يتخلى عن نظام الطغيان الحليف تلو الحليف حتى يجد نفسه في النهاية بين يدي الثائرين.
انني أشاهد بشائر النصر من خلال توحد كلمة الحركات الثورية والجهادية وقوة التنسيق بينها، وأرى البشائر في ذلك التعاطف الشعبي في الكويت وخارجها، والكل يتسابق لنصرة الشعب السوري بتقديم ما يستطيع، ومن أعجب صور النصرة أن أحد الأخوة الدعاة من القائمين على جمعيات التبرعات أخبرني أن أحد المتبرعين قال له لا أملك سوى كليتي، ولو أجد من يشتريها لتبرعت بثمنها.
ومن البشائر أن دائرة الخناق بدأت تضيق على بشار وأعوانه، وأعداد المنشقين من الجيش في ازدياد، بل وكما صرحت كلينتون بأن معظم المدن السورية أصبحت خارج نطاق سيطرة النظام السوري.
ومن البشائر تحول عمليات الجيش الحر والحركات الجهادية من الدفاع إلى الهجوم ما أربك النظام وشتت جهوده وأربك حساباته، هذا وغيره يجعلنا نستبشر بأن الحسم قريب، وأن نرى هلاك بشار ليلحق بمن سبقه من طواغيت تونس وليبيا ومصر واليمن.
رسالة
شكر وتقدير لكل من ساهم في دعم الشعب السوري من وسائل إعلام أو لجان خيرية، من مؤسسات أو أفراد، من شعوب أو حكومات، أولئك الذين حققوا مفهوم الأخوة الاسلامية، وأما المتخاذلون والمشككون أو الموالون للنظام السوري فنقول (سيهزم الجمع ويولون الدُبُر) والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
Alfadli-a@hotmail.com
Twitter :@ abdulaziz2002