عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / شفيق وحسني وجهان لعملة واحدة

تصغير
تكبير
بعد إعلان الحكم على الديكتاتور السابق حسني مبارك وأعوانه تبين للجميع بما لايدع مجالا للشك أن ثمة التفافا واضحا على الثورة لإفساد ثمرتها وإفشال أهدافها، فالحكم بالمؤبد على الطاغية السابق ووزير داخليته، بينما الحكم بالبراءة على أبنائه وعلى المعاونين لوزير الداخلية والذين أريقت دماء أبناء الثورة على أيديهم أو بأوامر منهم، بحجة عدم كفاية الأدلة، يعتبر إهدارا لتلك الدماء وإضاعة للتضحيات التي قدمها المصريون على اختلاف توجهاتهم ومذاهبهم.

هذا الحكم تسبب في خروج مئات الآلاف من المصريين إلى ميدان التحرير لإرسال رسالة واضحة إلى المجلس العسكري وفلول النظام أن الثورة لم تمت، وأن إجهاض نتائجها هو ضرب من الخيال.

شفيق الذي تراجعت أسهمه بعد إعلان الأحكام بدأ هجوما سريعا على خصومه كي لا يستثمروا تلك الأحكام ضده، وبدأ يهاجم الإخوان، ويصفهم بعملاء النظام، وبأنهم صورة التخلف والرجعية، والديكتاتورية الدينية، وكأنه بذلك يريد تطبيق المثل القائل: نتغدى فيهم قبل ما يتعشون فينا.

شفيق الذي بدا في خطابه متعاليا متعجرفا، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل المصريون أن يجعلوه على كرسي الحكم، فلا يعقل أن يسقط الشعب طاغية ليحل آخر بدلا منه؟

لقد بدأ تصويت الإخوة المصريين الذين في خارج الجمهورية، وسيتبعه الذين في الداخل، ومن العجب هو تصريح بعض أحزاب الثورة بأنهم سيمتنعون عن التصويت بحجة أن كلا المرشحين لا يصلح، والعجب ممن يحكمون على مرسي وهو لم يحكم بعد بينما يتناسون دماء الشهداء والتي لم تجف بعد!

والأعجب من تلك الأحزاب بعض مشايخ الدين والذين يدعون أيضا إلى الامتناع عن التصويت، وأقول لهؤلاء أين علمكم الشرعي؟ أين القواعد الفقهية التي درستموها في ما يتعلق بالمصالح والمفاسد؟ لو افترضنا جدلا أن مرسي سيئ أليس شفيق سيكون أسوأ منه؟ أليست هناك قاعدة فقهية تدعو ــ عند تزاحم المصالح والمفاسد ــ إلى ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع الأكبر منها؟ أم أن هذه القواعد الفقية تُغمض الأعين عنها لأن من سيتولى الحكم أحد الإخوان المسلمين؟ أعجبني قول أحد الإعلاميين حين قال انه في حال نجاح شفيق في الانتخابات، فإنه يتوجب على من وقف في وجه الحكام المتسلطين أن يقدم لهم الاعتذار، لأن الشعوب العربية أثبتت بالفعل أنها لا تستحق إلا أن تحكم بالحديد والنار.

وهذا الكلام من باب المبالغة في استنكار التصويت لشفيق كأحد فلول النظام السابق، وإلا فالشعوب العربية قالت كلمتها في تونس وليبيا، وأسقطت الأحزاب الموالية للسلطة كما في المغرب، وفي اعتقادي أن الشعب المصري لن يسمح لشفيق بالوصول إلى كرسي الرئاسة، وإن تم التلاعب خلف الكواليس وفاز شفيق فإن مصر ستشتعل نارا ولهيبا، وساعتها سيتم إسقاط حكم العسكر بالقوة ما داموا يعبثون ويتدخلون في الاختيارات الديموقراطية النزيهة.

رد القوانين أزمة جديدة

إلى ساعة كتابة المقال لم يتضح إن كانت الحكومة سترد قانون جامعة جابر، وقانون المسيء للذات الإلهية رسميا، فإن فعلت فإنها بلا شك ستدخل البلاد في أزمة جديدة، ستؤدي إلى زيادة سخونة الجو السياسي ليفوق حرارة الجو المناخي، فالحكومة التي صوتت بالموافقة على هذين القانونين بعد التعديلات التي تم الإتفاق عليها مع المجلس، لا يمكن أن تستمر في حال ردها للقانونين، لأن المجلس لن يقبل التعامل مع حكومتين، وأعتقد أن أول قرار لا بد وأن يتخذه الوزيران (العدل والتربية) في حال رد القانونين هو الاستقالة، فلا بارك الله في منصب لا يحفظ للإنسان كرامته.

رسالة

في خاطري رسالة أود أن أوجهها إلى بعض الزملاء من الأئمة والخطباء في موضوع سورية خاصة، وأقول لكل إمام أو خطيب لم يتكلم عن أحداث سورية في خطبة، ولم يقنت لهم في صلاة، ولم يحض الناس على نصرتهم بمقال، ولم يذكر الناس بمحنتهم في خاطرة، ولم يشر لمعانتهم في تويتر ولو بتغريدة، أنصحكم لوجه الله أن تقدموا استقالاتكم، وتبحثوا عن وظيفة أخرى فالأمة الإسلامية في غنى عن خدمات من لا يتأثر بمعاناتها أو يعبر عن مشاعرها.



عبدالعزيز صباح الفضلي

Twitter : @abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي