| عبدالعزيز صباح الفضلي |
مليارا دولار هي الخسارة الظاهرة التي ستدفعها الكويت كغرامة نظير إلغائها العقد المبرم مع شركة داو كيميكال، مليارا دولار كم كانت ستسد من رواتب للموظفين؟ وكم كانت ستساهم في مشاريع تنموية؟ وكم كانت ستدفع لشراء احتياجات ضرورية للبلاد؟ لكنها خسارة فادحة تسببت فيها أطراف متعددة، تسبب فيها رئيس الوزراء السابق من خلال تردده في القرارات، ولأجل الخوف من اعتلاء منصة الاستجواب، تسبب فيها خصوم تجاريون لم يستطيعوا الفوز بحصة أكبر من الكعكة البترولية، فسخروا صحفهم للهجوم على المشروع والتشكيك في القائمين عليه، تسبب في الخسارة خصوم سياسيون للحركة الدستورية رأوا ان إفشال مشروع يقوده رمز من رموز الحركة وهو الأخ الفاضل والوزير السابق المهندس محمد العليم سيكون انتصارا لهم واهتزازا للحركة التي تنافسهم شعبيا، تسبب فيها نواب رأوا أن في الهجوم على رئيس الوزراء السابق من خلال أحد المشاريع التي تتبناها حكومته ــ حتى ولو كان ذلك المشروع ناجحا ــ ثم اجباره على إلغائه هو كسب لقواعد شعبية جديدة.
ولكن هل هذه هي الخسارة الوحيدة؟ لا اظن ذلك، لقد قرأت ما كتبه أحد المتخصصين في المجال النفطي وهو الوزير السابق الدكتور عادل الصبيح، حيث اشار إلى أن الكويت خسرت بإلغاء الاتفاق سمعتها في أن تكون شريكا معتمدا وموثوقا مع الشركات العالمية، وخسرت الكويت أن تكون لاعبا رئيسا في مجال صناعة البتروكيماويات، وخسرت الشراكة مع شركة عالمية استطاعت تحقيق أرباح مضاعفة من المشروع نفسه، وأوجدت مركزا اقليميا آخر لمشاريعها وهي المملكة العربية السعودية.
وأضيف على ذلك أن الكويت خسرت رجلا نزيها ومخلصا كالمهندس محمد العليم، بل وقتلت الكثير من الطموح عند العديد من أبناء البلد المتميزين وأصحاب الأفكار المبدعة والذين سيترددون آلاف المرات للعمل في أي مشروع قادم، خوفا من أن تضيع جهودهم سدا، ولقد رأينا كيف قدم بعض أعضاء المجلس الأعلى للبترول استقالته احتجاجا على إلغاء المشروع.
ها هي اليوم تتكشف الحقائق، وينكشف الضرر الذي لحق بالكويت، وكالعادة يحاول كل طرف إلقاء التهمة على الآخر، حتى وصل بالبعض وبدلا من أن يعترف بخطئه في الاعتراض على المشروع إلى مهاجمة البند الجزائي فيه، وكما أشار الدكتور الصبيح أن البند لم يكن ضد الكويت وإنما كان نوعا من الحماية لكلا طرفي الاتفاق، وقد وقعت الحكومة ولم يكن يدور في ذهنها أنها ستلغيه بعد أن تمت جميع الموافقات الرسمية عليه صيغة ومحتوى.
لنتق الله في الكويت ولنتجنب المكاسب الانتخابية والمناكفة السياسية والتمسك بالكراسي، إذا كان على حساب تضييع ثروة البلاد أو تعطيل عجلة التنمية فيها.
نار مرسي ولا جنة شفيق
تجربة انتخابية فريدة عاشها الأشقاء في مصر، من خلال التصويت على اختيار رئيس للبلاد عبر انتخابات نزيهة، وإن كانت النتيجة صدمة للبعض بسبب حصول احد فلول النظام السابق على فرصة دخول انتخابات الإعادة وهو أحمد شفيق مع مرشح الإخوان محمد مرسي.
لقد أطلق كلا المرشحين وعودا، وسعى كل منهما لجذب شرائح جديدة لصالحه، وقدم كل منهما عروضا للأحزاب الأخرى لتكون ضمن فريقه، وأقول للأشقاء في مصر احذروا وعود شفيق، فهي في ظاهرها رحمة وفي باطنها عذاب، وتذكرني بوعود المسيح الدجال الذي حذرنا النبي عليه الصلاة والسلام منه، حين أخبر أن من دخل جنته عُذب ومن دخل ناره نجا.
وأقول لكل اسلامي أو وطني أو حزبي متردد في دعم محمد مرسي، أو لا يرغب في التصويت في جولة الإعادة لأي مرشح على افتراض أن كلا المرشحين لا يصلح، أقول إن هناك قاعدة شرعية تدعو إلى ارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما، وبلا شك أو خلاف أن مصيبة وصول شفيق للرئاسة أعظم من وصول مرسي للكرسي ( لو افترضنا أن وصول مرسي مصيبة ) لأن وصول شفيق هو عودة للنظام السابق ولكن بحُلة جديدة، لذا نقول نار مرسي ولا جنة شفيق.
Twitter : abdulaziz2002