تقارير دعوية / بلد المليون ونصف المليون شهيد والأكبر مساحة ... عربياً وأفريقياً
الجزائر... تُلقب تاريخياً بأرض الإسلام ومنها انطلقت الفتوحات الإسلامية نحو الأندلس وأفريقيا
جامع كتشاوة درة مساجد الجزائر وأقدمها
الدكتور وليد العلي في ضيافة العلامة الشيخ محمد الطاهر وبصحبة بعض تلاميذه
| اعداد عبدالله متولي |
الجزائر أو رسمياً الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية دولة عربية تقوم على ثوابت وطنية هي الإسلام والعروبة والأمازيغية والأرض والتاريخ **الطويل والثقافة المشتركة التي تجمع الأمة الجزائرية.
وهي أكبر بلد أفريقي وعربي من حيث المساحة، والعاشر عالميا( المرتبة التي صعد إليها بعد انفصال جنوب السودان عن السودان في 9 يوليو 2011) تقع في شمال غرب القارة الأفريقية، تطل شمالا على البحر الأبيض المتوسط ويحدها من الشّرق تونس وليبيا ومن الجنوب مالي والنيجر ومن الغرب المغرب والصحراء الغربية وموريتانيا.
وهي عضو مؤسس في اتحاد المغرب العربي سنة 1988، وعضو في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة منذ استقلالها، وعضو في منظمة الوحدة الأفريقية والأوبك والعديد من المؤسسات العالمية والإقليمية.
تلقب بـبلد المليون ونصف المليون شهيد نسبة لعدد شهداء ثورة التحرير الوطني التي دامت 7 سنوات ونصف السنة. وتلقب تاريخيا بأرض الإسلام نظرا لتعلق شعبها بالإسلام وانطلاق الفتوحات منها نحو الأندلس وإفريقيا.
أما عن أصل التسمية فإن المصادر التاريخية تقول: ان بلكين بن زيري مؤسس الدولة الزيرية في الجزائر، حين أسس عاصمته عام 960 على أنقاض المدينة الرومانية إكوسيوم (Icosium) أطلق عليها اسم جزائر بني مزغنة نظرا لوجود 4 جزر صغيرة غير بعيدة عن ساحل البحر قبالة المدينة. وهو ما أكده الجغرافيون المسلمون مثل ياقوت الحموي والإدريسي، والعثمانيون هم من أطلقوا اسم الجزائر على كافة البلاد باشتقاقه من اسم العاصمة.
الإسلام دين غالبية الشعب الجزائري حيث يسيطر على طريقة الحياة في هذا المجتمع، ويحافظ الإسلام في المجتمع الجزائري على الهوية الاجتماعية، والثقافية ويتمتع السكان بالأخلاق الإسلامية وبالتصرف في المواقف حسب الطريقة الإسلامية، وقد توصل الإسلام إلى الجزائر في عهد الدولة الأموية في أعقاب غزو عقبة بن نافع في عملية استغرقت فترة طويلة من سنة 670 إلى سنة 711،وقد تحول البربر الى الاسلام بسرعة، إلا أن الإسلام استغرق وقتا طويلا للانتشار في أقصى الجنوب حيث لم يعتنق الطوارق الإسلام إلا في القرن الخامس عشر الميلادي.
خلال الأيام الماضية سافر الدكتور وليد العلي -إمام وخطيب المسجد الكبير واستاذ العقيدة الاسلامية في كلية الشريعة جامعة الكويت- إلى الجزائر في مهمة علمية ودعوية،واثناء تواجده هناك سجل مجموعة من الخواطر والانطباعات عن الجزائر والشعب الجزائري وتعلقه بالدين،وعن المساجد وعمارتها،وبعض الامور المتعلقة بثقافة الشعب الجزائري وموروثاته، وبعض العلماء الجزائريين الذين كان لهم الفضل بعد الله في قيام الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي،وفي تعليم الشعب اصول دينه، اضافة الى بعض العادات الاجتماعي والاخلاقية وغيرها.. فتابع معنا:
يقول الدكتور وليد العلي في خواطره التي سجلها في هذا التقرير: ما وصلت إلى الجزائر حتى اطمأن القلب؛ وانشرح الصدر؛ برؤية ازدحام المصلون في مساجد عاصمة الجمهورية الجزائرية؛ وذلك من شتى فئات هذا المجتمع.
تأثر أحد الجزائريين لما أخبرته أن الطلبة الكويتيين في زمن والدي كانوا يدعمون المجاهدين المقاومين للفرنسيين وأنهم كانوا يحفظون نشيدهم الوطني.
قال لي أحد التجار الجزائريين: لو قدر للجزائر أن تجاور إسرائيل؛ لزالت إحدى الدولتين: إما الجزائر؛ وإما إسرائيل؛ انتصارا لإخواننا الفلسطينيين.
مما أعجبني بالجزائر في الفجر؛ مما هو مفتقد بمساجدنا بهذا العصر: طول قراءة الإمام حيث قرأ بنصف الفرقان، وتتابع المصلين حتى وصلوا لآخر الصف.
قد تشنفت أذني بقراءة: الأئمة الحفاظ الجزائريين؛ ودقة إتقانهم؛ وشدة ضبطهم: سواء منهم من قرأ برواية ورش عن نافع، أو من قرأ برواية حفص عن عاصم.
رأيت حرص كبار السن في مساجد الجزائر على السنن في أفعال الصلاة وأقوالها، فأُخبرت: أن طلبة العلم قد علموهم بلسان حالهم قبل مقالهم: هدي النبوة.
جميع المساجد التي صليت فيها في الجزائر قد بناها أهل الحي، ثم وضعوا له لجنة أهلية تشرف على جميع أموره وما يستدعيه من ترميم أو توسيع ونحو ذلك.
من محاسن وجود لجنة أهلية تشرف على المسجد الذي بناه أهل الحي كما رأيته بالجزائر: حصول الرابطة الاجتماعية الوثيقة بين أهل الحي كبيرهم وصغيرهم.
مشهد ما رأيته إلا بالحرمين الشريفين: وهو امتلاء الصفوف الأولى بمساجد الجزائر بالمصلين قبل صلاة الجمعة بساعة ونصف الساعة، اللهم لولا أنت ما اهتدينا.
أينما حللت؛ وأينما ارتحلت؛ بالعاصمة الجزائرية: سمعت ترحيب الناس وتهليلهم، فمن قائل: (وِشْرَاك؟)، ومن قائل: (لا باس؟)، ومن قائل: (مرحبا بيك).
ربيعنا هو الجزائر: عبارة قرأتها في الشوارع، وهي تعكس مدى الاستقرار المعيشي؛ وتوحي بدوام الأمن الاجتماعي، اللهم أدم عليهم نعمة الأمن والأمان.
الشيخ عبدالله رمضاني رحمه الله؛ الذي يدين له أهل الجزائر بفضل التعليم والدعوة: حج ماشيا، ومات في المسجد، ومن تلامذته: الشيخ أبوبكر الجزائري.
شرفت بزيارة كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر، والتقيت بأساتذتها وطلابها، واستحسنت تسمية قاعاتها الدراسية: بأسماء أعلام الإسلام المغاربة.
دخلت محل قطع غيار السيارات بباب الواد في الجزائر؛ لأسدي شكري الجزيل لصاحب المحل على اللوحة التي علقها على باب محله: (مغلق في أوقات الصلوات).
أحسب أن من أسباب العافية بالجزائر: عدم وجود المطاعم العالمية السريعة، والمطاعم الشعبية قليلة لأن الناس قد اعتادوا على تناول أطعمتهم ببيوتهم.
استمتعت في الجزائر: بزيارة شاطئ (سيدي فرج) العائلي؛ المطل على البحر الأبيض المتوسط، وأعجبني ما رأيته من محافظة العوائل على هويتها الإسلامية.
تختلف المساجد في الجزائر عن بقية دول الشرق والغرب التي زرتها: بأن أهل المسجد يبدأون بالصلاة فيه بمجرد تشييد هيكله الأسود ولا ينتظرون إتمامه.
وجدت التجانس في الجزائر بين: البلاد والعباد، فأرضها تصلح لغرس الأشجار والثمار، وشعبها صالح لتربية وتنشئة الدعاة الأخيار، فهي طيبة التربة؛ عذبة الماء.
ثمان حلقات تحفيظ القرآن الكريم تعقد بين المغرب والعشاء بمسجد السلام في باب الواد؛ التي يعد مسجدها وحيها: من أقدم مساجد وأحياء عاصمة الجزائر.
من المعالم التي لا تنسى: قصبة الجزائر، التي تم بناؤها في العهد العثماني؛ على الجبل المطل على البحر الأبيض المتوسط: لتحرس القطر الجزائري كله.
جلست في درس السيرة النبوية للشيخ سليم حكيمي في محراب مسجد الأنصار في العاصمة الجزائرية، فإذا الناس من أمامي؛ وعن يميني؛ وعن شمالي: مد البصر.
كنت أتأمل خريطة الجزائر الجغرافية: فإذا هي تشبه قلب الإنسان، وجمهوريتها تعد: أكبر بلد أفريقي وعربي من حيث المساحة، وهي العاشرة عالميا.
أعطاني والدي الكريم: رقم أحد المعتمرين الجزائريين الذين لقيهم بالمسجد النبوي بالعشر الأواخر، فلما هاتفته قطع مسافة (400كم) لزيارتي من وهران.
لو لم تعرقل الفتنة المسلحة بالأمس المسيرة العلمية بالجزائر وتورثها العطب: لأصبح علماؤها وطلبة العلم اليوم هم قبلة الراغبين في التحصيل والطلب.
جبال الأوراس: هي جبال عالية القمم تقع شمال شرقي الجزائر، ومنها اندلعت ثورة المجاهدين ضد المحتل الفرنسي، وقد نسب إليها فندق الأوراسي بالعاصمة.
دعاني صاحب الوالد الكريم: على حفل عشاء في فندق الأوراسي في الجزائر، وقد أخبرني بأنه الفندق الذي احتضن احتفالية سفارة الكويت بمناسبة التحرير.
قمت بزيارة وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر، وحظيت بلقاء رئيس الديوان محمود زواي، ومدير التكوين سعيد معول، ومدير الثقافة بوزيد بومدين.
قد أثنى المشرف العام على مسابقات حفظ القرآن الكريم الدكتور محند مشنان على مستوى المتسابقين الكويتيين الذين شاركوا في مسابقة الجزائر الدولية.
أسس (لافيجري) المنصر الفرنسي جمعية المبشرين عام 1868م، وكان يهدف إلى تحويل مسلمي الجزائر إلى نصارى، وقد سمي هذا المكان بعد ذلك باسم المحمدية.
أخبرني رئيس ديوان وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر محمود زواي: أن الوزارة ستدشن مشروع (جامع الجزائر) مكان جمعية (لافيجري) التنصيرية.
أخبرني المسؤولون في وزارة الشؤون الدينية بالجزائر: بأن عدد مساجد الجزائر 15.000 بعدد الأيام التي بينهم وبين يوم التحرير من الاحتلال الفرنسي.
من أعلام الجزائر: الشيخ أحمد سحنون رحمه الله (1907 - 2003)، وقد زرت دار القرآن التي أوصى ببنائها بجانب مسجد أسامة بن زيد الذي كان يدرس فيه.
وزارة المجاهدين بجمهورية الجزائر: تعنى بشؤون المجاهدين الذين انتصروا على المحتل الفرنسي؛ وبشؤون أرامل الشهداء الذين قضوا نحبهم في سبيل الله.
أكرمني الله تعالى بزيارة: الأستاذ الأديب؛ المجاهد الأريب: محمد الصالح الصديق (89عاما) في بيته بالعاصمة الجزائرية، ولو لم أرحل إلا إليه: لكفى.
قال الشيخ محمد الصالح الصديق 89عاما: ترأست وفد الجزائر الذي زار الكويت عام1982م لحضور مؤتمر الأوقاف، وأكرمونا من بين الوفود بسكنى الشيراتون.
اعتاد المؤرخ محمد الصديق (89عاما) أن يؤلف كتابا في كل زيارة، فلما زار الكويت عام1982م: شغلته رئاسة الوفد، فدعوته الآن لزيارتها للكتابة عنها.
شرفت بزيارة سماحة الشيخ العلامة؛ فضيلة المفتي الفهامة؛ الدكتور محمد الشريف قاهر (81عاما) رئيس لجنة الفتوى في مكتبه بالمجلس الإسلامي الأعلى، وعندما دخلت على سماحته رحب بي قائلا: أهلا وسهلا بأهل الكويت: العزيزة على قلوب أهل الجزائر.
لقيني أحد الشباب في طرقات العاصمة الجزائرية؛ فلم يجد ما يعبر به عن حبه لدولة الكويت: إلا أنه أراني أنه يرتدي فانيلة (نادي القادسية الرياضي).
استمتعت بزيارة (تيبازا) إحدى مدن الجمهورية الجزائرية الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط؛ وتبعد عن العاصمة الجزائرية مسافة (75كم) غربا، وقد قمت فيها بجولة تاريخية في قرية التراث العالمي المشتملة على الآثار الرومانية التي تعود لقرن الميلاد الثاني.
قمت بزيارة المكتبات الإسلامية بباب الواد أقدم مدن الجزائر: دار الإمام مالك، دار ابن باديس، سبيل الاستقامة، دار الرشيد، دار الرغائب والنفائس.
الشعب الجزائر: موسوم بالرجولة؛ وموصوف بالفحولة، إذا عرض لك عرض؛ فالتمست تحصيل غرض: قالوا بلهجتهم العامية: (ما تكسرش راسك)، أي: لا تشغل بالك.
في يوم (8مايو) من (عام1945م): قام المحتل الفرنسي بمجازر ضد الشعب الجزائري؛ حين طالبهم بالوفاء بوعودهم المتمثلة بإعطائهم حق الاستقلال.
مسك ختام الزائر؛ وختام المسك بالجزائر: زيارة العلامة المعمر؛ ومجالسة المربي المؤثر: الشيخ محمد الطاهر بن الشيخ أمقران آيت علجت: ((98)) عاما، وهو من نسل العلامة يحيى العيدلي أحد علماء الجزائر بالقرن التاسع الذي ينتهي نسبه للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال لي العلامة محمد الطاهر: لما قرر الشعب الجزائري التوقف عن العمل: توعدهم المحتل الفرنسي بأن يحرقهم جميعا، فأمرتهم بالرجوع فرجعوا.
حدثني العلامة محمد الطاهر في بيته: عن الأعمال الوحشية التي قام بها المحتل الفرنسي في الجزائر؛ ثم قال: وكانت لهم من الوحشية ما لهم.
قال العلامة المعمر محمد الطاهر لما زرته في بيته في عاصمة الجزائر: لو اتبع الأبناء اليوم؛ سبيل الآباء بالأمس: لهابتنا الدول الكبرى.
في 1964م: عين العلامة محمد الطاهر في وزارة الأوقاف الجزائرية؛ ليضطلع بمهمة تأليف الدروس العلمية: لتكوين الأئمة في بداية الاستقلال. رأيت من أحوال وأفعال وأقوال العلامة المعمر محمد الطاهر (98)عاما وأنا في بيته: ما لا يخطر في البال؛ ولا يدور أبدا في الخيال، فالله خير حافظا.
قال الدكتور محمد مشنان؛ التلميذ البار للعلامة المعمر محمد الطاهر: إذا انصرفتم فبادروا بأخذ أحذيتكم؛ قبل أن يقوم الشيخ بإحضارها لكم.
قال لي العلامة المعمر محمد الطاهر ؛ عند باب بيته: أنت مسافر؛ ودعاء المسافر مستجاب، فادع الله لي، فتأثرت من تواضعه، وقبلت رأسه ويده.
استوصيت العلامة المعمر محمد الطاهر قبل خروجي من بيته بالجزائر. فقال: بل أنت أوصني. فألححت عليه، فأوصاني بوصيتين: الصبر، وسعة الصدر.
لما هممت بالخروج من بيت العلامة المعمر محمد الطاهر (98)عاما: أهداني ثوبا جزائريا وقال: البسه بالعافية؛ ولا تنساني. فقلت له: وهل سأنساك يوما؟
عندما أخذ بيدي علامة الجزائر المعمر محمد الطاهر لباب بيته؛ همس بأذني بكلمات هزت وجداني: أعدُّ زيارتك لي من الكويت من أسعد أيام حياتي.
قال علامة الجزائر المعمر محمد الطاهر بلطف: لا بد أنك سترجع إلينا قريبا، لأنك ستسافر إلى الكويت بجسد بلا روح، لأنك تركت روحك عندنا.
ودعني علامة الجزائر المعمر محمد الطاهر عند باب بيته قائلا: بلغ سلامي لأهلي وأحبابي بدولة الكويت، والتمس منهم أن يدعو الله تعالى لي.
أبى علامة الجزائر المعمر محمد الطاهر إلا أن يوصلني إلى باب السيارة، وبادر إلى فتح باب السيارة، وما دخل بيته حتى توارينا عن ناظريْه.
لما زرت العلامة المعمر محمد الطاهر في بيته في الجزائر؛ وقد متعه الله بسمعه وبصره وقوته: تذكرت قوله عليه السلام: (احفظ الله يحفظك).
مدة زيارتي لعلامة الجزائر محمد الطاهر: أكثر من سبعين دقيقة، وقد استمسكت بحمد الله تعالى في مجلسه بعروة: أكثر من سبعين فائدة وثيقة.
ودعني محفظ أولادي بالمدينة المنورة؛ وأخي الذي ماولدته والدتي الموقرة؛ عمار رمضاني: بمثل ما استقبلني به بمطار الجزائر؛ جزي بخير ما جزى مضيف لزائر.
اصطحبني بمطار الجزائر صاحب والدي الكريم: العم الوجيه عيسى إسماعيل (72)عاما: من فرط تواضعه؛ وحفظا لمعروف الأخوة التي بينهما؛ حتى باب الطائرة.
غمسني الجزائريون ببحور فضلهم غمسة كادت تنسيني فضل من زرت من الشعوب، وهكذا يصنع لعمر الله تعالى الإحسان والبر والمعروف إذا خالطت بشاشته القلوب.
رأيت في مطار هواري بومدين: شابا جزائريا؛ قد فارق والديه للعمل، فذكر أنهما اصطحباه للمطار؛ وأوصياه بالمحافظة على دينه، ثم بكى الشاب؛ فأبكاني.
أكثر من (200) تغريدة غردتها بأجواء جمهورية الجزائر؛ هي بحمد الله سبحانه: نزهة الناظر وقرة عين الزائر، {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}.
كما ودعني أهل الجزائر باللطافة والنداوة: فقد استقبلني ابنها البار بالظرافة والحفاوة: الدكتور الطاهر خذيري؛ خير ما أهدته الجزائر إلى الكويت.
علّامة الجزائر الشيخ محمد الطاهر
هذا تعريف موجز بأحد أبرز علماء الدعوة الإسلامي في جمهورية الجزائر العلامة الفقيه الإمام بقية السلف وقدوة الخلف الشيخ محمد الطاهر آيت علجت، وهو نموذج للعالم العامل الذي حمل قضايا وطنه على عاتقه منذ سنوات عمره الأولى والتي قاربت المئة عام قضاها جميعها في الدعوة والجهاد ومازال العطاء مستمرا.
اسمه ونسبه
هو الشيخ محمد الطاهر بن الشيخ أمقران آيت علجت.
من نسل الشيخ العلامة سيدي يحيى العيدلي، من علماء الجزائر في القرن التاسع الهجري، الذي ينتهي نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المؤسس الأول لزاوية تَمُقرة في ولاية بجاية.
مولده
ولد بتمقرة، دائرة أقبو، ولاية بجاية، بتاريخ 5 محرم 1335هـ الموافق 7 فبراير 1917م، من عائلة شريفة محافظة على العلم والقرآن.
تكوينه العلمي في قريته تمقرة. حفظ القرآن الكريم وعمره لا يتجاوز (12) عاما على والده الشيخ أمقران، وعلى غيره من شيوخ تمقرة كالشيخ صالح أوقاسي، والشيخ محمد، وعلي الطيب وغيرهم رحمهم الله، كما تلقى بعض المبادئ العلمية الأولية.
في زاوية سيدي أحمد بن يحيى
واستقر به المقام في هذه الزاوية مدة خمس سنوات، أخذ فيها علوما كثيرة منها تجويد القرآن، والفقه، والأصول، وعلوم اللغة نحوا وصرفا وبلاغة...، إضافة علم الفلك والحساب وبعض المعارف الاجتماعية على شيوخ منهم:
- الشيخ السعيد اليجري أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين - الشيخ الفقيه لحلو الخياري نسبة إلى قرية «آيت خيار» التي تقع حاليا بلدية بني معوش، ولاية بجاية - الشيخ صالح أوقاسي الضليع في علوم القراءات وعلوم العربية - الشيخ محمد وعلي الطيب.
في الزاوية الحملاوية
انتقل الشيخ وعمره 16 عاما إلى الزاوية الحملاوية، وبقي فيها 3 سنوات. هذه الزاوية التي أسسها الشيخ عبد الرحمن الحملاوي، وجلب لها مشايخ من مختلف أنحاء الجزائر، وتونس، والمغرب، وفيها تلقى الشيخ العلم عن هؤلاء العلماء الأعلام ومنهم:
- الشيخ مصباح التونسي الزيتوني - الشيخ محمد الميزوني التونسي الزيتوني- الشيخ محمود قريبع التونسي الزيتوني - الشيخ أحمد الخالدي خريج جامع القرويين - الشيخ سعيد بن مالك اليعلاوي.
في جامع الزيتونة
وانتقل في سنة 1957 إلى تونس، واغتنم وجوده هنالك، واستغل بعض أوقاته للاستزادة من علمائها، فأخذ عن:
ـ الشيخ الزغواني. ـ الشيخ اللقاني. ـ الشيخ الفاضل بن عاشور.
والشيخ أحمد بن الميلاد. ـ الحبيب بن خوجة وغيرهم.
اشتغاله بالتعليم والتدريس
وفي شهر أكتوبر سنة 1937م، اجتهد مع غيره من منطقة تمقرة في تجديد زاوية سيدي يحيى العيدلي المذكورة سابقا، بعد أن هدمتها سلطات الاستعمار الفرنسي. واختاره أعيان الناحية رغم حداثة سنه (20 سنة) معلما ومديرا، مع أساتذة آخرين من خريجي هذه الزاوية ومن الزيتونة كالشيخ الطاهر أوشعيت، والشيخ محمد أمقران دليل، والشهيد عبد الرحمن بن موفق، والشيخ محمد الطيب عبلاوي، والشيخ أحمد أقروفة وغيرهم.
التحاقه بصفوف الثورة التحريرية
بقي الشيخ معلما ومشرفا على الزاوية وقائما عليها إلى بداية الثورة، حيث قنبلها الجيش الفرنسي بطائراته الحربية، ثم أكمل ما بقي من أطلالها بالحرق، لمّا علم الاستعمار أنها مركز من مراكز الثورة. وبعد تهديم الزاوية التحق الشيخ وطلبته بجيش التحرير، فعمل في صفوفه قاضيا، ومرشدا، ومتفقدا سِرِّيا لأحوال المدنيين والعسكريين درءا للمظالم. واستشهد الكثير من طلبته، وتحتفظ زاوية تمقرة بأسمائهم في لوحة تذكارية في ساحة الزاوية الآن.
رحلته إلى تونس
سبقت الإشارة إلى أن الشيخ قد رحل إلى تونس وأخذ عن علمائها في جامع الزيتونة، وكانت هذه الرحلة أواخر سنة 1957م بتكليف من العقيد عميروش أحد كبار قادة الثورة التحريرية، ليتولى الشيخ محمد الطاهر آيت علجت مهمة الإشراف على طلاب الولاية الثالثة في تونس.
ومن هؤلاء الطلبة: الشيخ أرزقي كتاب، والدكتور محمد شريف قاهر، والشيخ بوبكر زروق، والشيخ البشير المجذوب، والشيخ الصالح وشام، الشيخ السعيد بوداود، والشيخ السعيد بن غانم.
فأشرف الشيخ على تعليمهم وإعدادهم للانخراط في مدارس تونس الرسمية، وتوزيع طلاب البعثة على مختلف المعاهد والكليات العسكرية في البلاد الشقيقة والصديقة.
العودة إلى الجزائر قبيل الاستقلال
وبعد تكوين الحكومة الموقتة، عين الشيخ من وزارة الشؤون الاجتماعية معلما ومبرمجا ومتفقدا بديار الطفولة الجزائرية إلى أكتوبر 1961م.
السفر إلى ليبيا
وبعد أكتوبر 1961، اختير الشيخ ضمن البعثة الديبلوماسية للحكومة الموقتة الجزائرية، حيث عين ملحقا ثقافيا في البعثة الجزائرية بليبيا إلى غاية يوليو 1963م.
العودة إلى الجزائر بعد الاستقلال
عاد الشيخ إلى الجزائر بعد يوليو 1963، وفي العام 1964م عين بوزارة الأوقاف إلى سبتمبر 1964، واضطلع بمهمة تأليف الدروس الفقهية والعلمية لتكوين الأئمة في بداية الاستقلال ومساعدتهم على أداء مهمتهم في المساجد.
عمله في قطاع التعليم
ثم التحق بالتعليم، فدرس في متقنة الحراش سنة واحدة، وفي أكتوبر 1966م عين أستاذا في ثانوية عُقْبَة بالجزائر العاصمة إلى سنة 1972م، ثم انتقل إلى ثانوية عمارة رشيد إلى أن تقاعد في سبتمر 1978م.
تطوعه بالعمل المسجدي
بعد أن أحيل على التقاعد في سنة 1978، اقترح عليه وزير التعليم الأصلي والشؤون الدينية الأستاذ مولود قاسم نايت بلقاسم رحمه الله قائلا: ((إن كنت متقاعدا، فلا ينبغي أن تبقى قاعدا، فالتحق بوزارة الأوقاف متعاقدا))، فلبَّى الشيخ هذه الدعوة، وبقي منذ ذلك التاريخ قائما بالتعليم المسجدي مع الأئمة ومع الشباب إلى يوم الناس هذا، وقد جاوز التسعين من العمر.
الجزائر أو رسمياً الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية دولة عربية تقوم على ثوابت وطنية هي الإسلام والعروبة والأمازيغية والأرض والتاريخ **الطويل والثقافة المشتركة التي تجمع الأمة الجزائرية.
وهي أكبر بلد أفريقي وعربي من حيث المساحة، والعاشر عالميا( المرتبة التي صعد إليها بعد انفصال جنوب السودان عن السودان في 9 يوليو 2011) تقع في شمال غرب القارة الأفريقية، تطل شمالا على البحر الأبيض المتوسط ويحدها من الشّرق تونس وليبيا ومن الجنوب مالي والنيجر ومن الغرب المغرب والصحراء الغربية وموريتانيا.
وهي عضو مؤسس في اتحاد المغرب العربي سنة 1988، وعضو في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة منذ استقلالها، وعضو في منظمة الوحدة الأفريقية والأوبك والعديد من المؤسسات العالمية والإقليمية.
تلقب بـبلد المليون ونصف المليون شهيد نسبة لعدد شهداء ثورة التحرير الوطني التي دامت 7 سنوات ونصف السنة. وتلقب تاريخيا بأرض الإسلام نظرا لتعلق شعبها بالإسلام وانطلاق الفتوحات منها نحو الأندلس وإفريقيا.
أما عن أصل التسمية فإن المصادر التاريخية تقول: ان بلكين بن زيري مؤسس الدولة الزيرية في الجزائر، حين أسس عاصمته عام 960 على أنقاض المدينة الرومانية إكوسيوم (Icosium) أطلق عليها اسم جزائر بني مزغنة نظرا لوجود 4 جزر صغيرة غير بعيدة عن ساحل البحر قبالة المدينة. وهو ما أكده الجغرافيون المسلمون مثل ياقوت الحموي والإدريسي، والعثمانيون هم من أطلقوا اسم الجزائر على كافة البلاد باشتقاقه من اسم العاصمة.
الإسلام دين غالبية الشعب الجزائري حيث يسيطر على طريقة الحياة في هذا المجتمع، ويحافظ الإسلام في المجتمع الجزائري على الهوية الاجتماعية، والثقافية ويتمتع السكان بالأخلاق الإسلامية وبالتصرف في المواقف حسب الطريقة الإسلامية، وقد توصل الإسلام إلى الجزائر في عهد الدولة الأموية في أعقاب غزو عقبة بن نافع في عملية استغرقت فترة طويلة من سنة 670 إلى سنة 711،وقد تحول البربر الى الاسلام بسرعة، إلا أن الإسلام استغرق وقتا طويلا للانتشار في أقصى الجنوب حيث لم يعتنق الطوارق الإسلام إلا في القرن الخامس عشر الميلادي.
خلال الأيام الماضية سافر الدكتور وليد العلي -إمام وخطيب المسجد الكبير واستاذ العقيدة الاسلامية في كلية الشريعة جامعة الكويت- إلى الجزائر في مهمة علمية ودعوية،واثناء تواجده هناك سجل مجموعة من الخواطر والانطباعات عن الجزائر والشعب الجزائري وتعلقه بالدين،وعن المساجد وعمارتها،وبعض الامور المتعلقة بثقافة الشعب الجزائري وموروثاته، وبعض العلماء الجزائريين الذين كان لهم الفضل بعد الله في قيام الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي،وفي تعليم الشعب اصول دينه، اضافة الى بعض العادات الاجتماعي والاخلاقية وغيرها.. فتابع معنا:
يقول الدكتور وليد العلي في خواطره التي سجلها في هذا التقرير: ما وصلت إلى الجزائر حتى اطمأن القلب؛ وانشرح الصدر؛ برؤية ازدحام المصلون في مساجد عاصمة الجمهورية الجزائرية؛ وذلك من شتى فئات هذا المجتمع.
تأثر أحد الجزائريين لما أخبرته أن الطلبة الكويتيين في زمن والدي كانوا يدعمون المجاهدين المقاومين للفرنسيين وأنهم كانوا يحفظون نشيدهم الوطني.
قال لي أحد التجار الجزائريين: لو قدر للجزائر أن تجاور إسرائيل؛ لزالت إحدى الدولتين: إما الجزائر؛ وإما إسرائيل؛ انتصارا لإخواننا الفلسطينيين.
مما أعجبني بالجزائر في الفجر؛ مما هو مفتقد بمساجدنا بهذا العصر: طول قراءة الإمام حيث قرأ بنصف الفرقان، وتتابع المصلين حتى وصلوا لآخر الصف.
قد تشنفت أذني بقراءة: الأئمة الحفاظ الجزائريين؛ ودقة إتقانهم؛ وشدة ضبطهم: سواء منهم من قرأ برواية ورش عن نافع، أو من قرأ برواية حفص عن عاصم.
رأيت حرص كبار السن في مساجد الجزائر على السنن في أفعال الصلاة وأقوالها، فأُخبرت: أن طلبة العلم قد علموهم بلسان حالهم قبل مقالهم: هدي النبوة.
جميع المساجد التي صليت فيها في الجزائر قد بناها أهل الحي، ثم وضعوا له لجنة أهلية تشرف على جميع أموره وما يستدعيه من ترميم أو توسيع ونحو ذلك.
من محاسن وجود لجنة أهلية تشرف على المسجد الذي بناه أهل الحي كما رأيته بالجزائر: حصول الرابطة الاجتماعية الوثيقة بين أهل الحي كبيرهم وصغيرهم.
مشهد ما رأيته إلا بالحرمين الشريفين: وهو امتلاء الصفوف الأولى بمساجد الجزائر بالمصلين قبل صلاة الجمعة بساعة ونصف الساعة، اللهم لولا أنت ما اهتدينا.
أينما حللت؛ وأينما ارتحلت؛ بالعاصمة الجزائرية: سمعت ترحيب الناس وتهليلهم، فمن قائل: (وِشْرَاك؟)، ومن قائل: (لا باس؟)، ومن قائل: (مرحبا بيك).
ربيعنا هو الجزائر: عبارة قرأتها في الشوارع، وهي تعكس مدى الاستقرار المعيشي؛ وتوحي بدوام الأمن الاجتماعي، اللهم أدم عليهم نعمة الأمن والأمان.
الشيخ عبدالله رمضاني رحمه الله؛ الذي يدين له أهل الجزائر بفضل التعليم والدعوة: حج ماشيا، ومات في المسجد، ومن تلامذته: الشيخ أبوبكر الجزائري.
شرفت بزيارة كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر، والتقيت بأساتذتها وطلابها، واستحسنت تسمية قاعاتها الدراسية: بأسماء أعلام الإسلام المغاربة.
دخلت محل قطع غيار السيارات بباب الواد في الجزائر؛ لأسدي شكري الجزيل لصاحب المحل على اللوحة التي علقها على باب محله: (مغلق في أوقات الصلوات).
أحسب أن من أسباب العافية بالجزائر: عدم وجود المطاعم العالمية السريعة، والمطاعم الشعبية قليلة لأن الناس قد اعتادوا على تناول أطعمتهم ببيوتهم.
استمتعت في الجزائر: بزيارة شاطئ (سيدي فرج) العائلي؛ المطل على البحر الأبيض المتوسط، وأعجبني ما رأيته من محافظة العوائل على هويتها الإسلامية.
تختلف المساجد في الجزائر عن بقية دول الشرق والغرب التي زرتها: بأن أهل المسجد يبدأون بالصلاة فيه بمجرد تشييد هيكله الأسود ولا ينتظرون إتمامه.
وجدت التجانس في الجزائر بين: البلاد والعباد، فأرضها تصلح لغرس الأشجار والثمار، وشعبها صالح لتربية وتنشئة الدعاة الأخيار، فهي طيبة التربة؛ عذبة الماء.
ثمان حلقات تحفيظ القرآن الكريم تعقد بين المغرب والعشاء بمسجد السلام في باب الواد؛ التي يعد مسجدها وحيها: من أقدم مساجد وأحياء عاصمة الجزائر.
من المعالم التي لا تنسى: قصبة الجزائر، التي تم بناؤها في العهد العثماني؛ على الجبل المطل على البحر الأبيض المتوسط: لتحرس القطر الجزائري كله.
جلست في درس السيرة النبوية للشيخ سليم حكيمي في محراب مسجد الأنصار في العاصمة الجزائرية، فإذا الناس من أمامي؛ وعن يميني؛ وعن شمالي: مد البصر.
كنت أتأمل خريطة الجزائر الجغرافية: فإذا هي تشبه قلب الإنسان، وجمهوريتها تعد: أكبر بلد أفريقي وعربي من حيث المساحة، وهي العاشرة عالميا.
أعطاني والدي الكريم: رقم أحد المعتمرين الجزائريين الذين لقيهم بالمسجد النبوي بالعشر الأواخر، فلما هاتفته قطع مسافة (400كم) لزيارتي من وهران.
لو لم تعرقل الفتنة المسلحة بالأمس المسيرة العلمية بالجزائر وتورثها العطب: لأصبح علماؤها وطلبة العلم اليوم هم قبلة الراغبين في التحصيل والطلب.
جبال الأوراس: هي جبال عالية القمم تقع شمال شرقي الجزائر، ومنها اندلعت ثورة المجاهدين ضد المحتل الفرنسي، وقد نسب إليها فندق الأوراسي بالعاصمة.
دعاني صاحب الوالد الكريم: على حفل عشاء في فندق الأوراسي في الجزائر، وقد أخبرني بأنه الفندق الذي احتضن احتفالية سفارة الكويت بمناسبة التحرير.
قمت بزيارة وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر، وحظيت بلقاء رئيس الديوان محمود زواي، ومدير التكوين سعيد معول، ومدير الثقافة بوزيد بومدين.
قد أثنى المشرف العام على مسابقات حفظ القرآن الكريم الدكتور محند مشنان على مستوى المتسابقين الكويتيين الذين شاركوا في مسابقة الجزائر الدولية.
أسس (لافيجري) المنصر الفرنسي جمعية المبشرين عام 1868م، وكان يهدف إلى تحويل مسلمي الجزائر إلى نصارى، وقد سمي هذا المكان بعد ذلك باسم المحمدية.
أخبرني رئيس ديوان وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر محمود زواي: أن الوزارة ستدشن مشروع (جامع الجزائر) مكان جمعية (لافيجري) التنصيرية.
أخبرني المسؤولون في وزارة الشؤون الدينية بالجزائر: بأن عدد مساجد الجزائر 15.000 بعدد الأيام التي بينهم وبين يوم التحرير من الاحتلال الفرنسي.
من أعلام الجزائر: الشيخ أحمد سحنون رحمه الله (1907 - 2003)، وقد زرت دار القرآن التي أوصى ببنائها بجانب مسجد أسامة بن زيد الذي كان يدرس فيه.
وزارة المجاهدين بجمهورية الجزائر: تعنى بشؤون المجاهدين الذين انتصروا على المحتل الفرنسي؛ وبشؤون أرامل الشهداء الذين قضوا نحبهم في سبيل الله.
أكرمني الله تعالى بزيارة: الأستاذ الأديب؛ المجاهد الأريب: محمد الصالح الصديق (89عاما) في بيته بالعاصمة الجزائرية، ولو لم أرحل إلا إليه: لكفى.
قال الشيخ محمد الصالح الصديق 89عاما: ترأست وفد الجزائر الذي زار الكويت عام1982م لحضور مؤتمر الأوقاف، وأكرمونا من بين الوفود بسكنى الشيراتون.
اعتاد المؤرخ محمد الصديق (89عاما) أن يؤلف كتابا في كل زيارة، فلما زار الكويت عام1982م: شغلته رئاسة الوفد، فدعوته الآن لزيارتها للكتابة عنها.
شرفت بزيارة سماحة الشيخ العلامة؛ فضيلة المفتي الفهامة؛ الدكتور محمد الشريف قاهر (81عاما) رئيس لجنة الفتوى في مكتبه بالمجلس الإسلامي الأعلى، وعندما دخلت على سماحته رحب بي قائلا: أهلا وسهلا بأهل الكويت: العزيزة على قلوب أهل الجزائر.
لقيني أحد الشباب في طرقات العاصمة الجزائرية؛ فلم يجد ما يعبر به عن حبه لدولة الكويت: إلا أنه أراني أنه يرتدي فانيلة (نادي القادسية الرياضي).
استمتعت بزيارة (تيبازا) إحدى مدن الجمهورية الجزائرية الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط؛ وتبعد عن العاصمة الجزائرية مسافة (75كم) غربا، وقد قمت فيها بجولة تاريخية في قرية التراث العالمي المشتملة على الآثار الرومانية التي تعود لقرن الميلاد الثاني.
قمت بزيارة المكتبات الإسلامية بباب الواد أقدم مدن الجزائر: دار الإمام مالك، دار ابن باديس، سبيل الاستقامة، دار الرشيد، دار الرغائب والنفائس.
الشعب الجزائر: موسوم بالرجولة؛ وموصوف بالفحولة، إذا عرض لك عرض؛ فالتمست تحصيل غرض: قالوا بلهجتهم العامية: (ما تكسرش راسك)، أي: لا تشغل بالك.
في يوم (8مايو) من (عام1945م): قام المحتل الفرنسي بمجازر ضد الشعب الجزائري؛ حين طالبهم بالوفاء بوعودهم المتمثلة بإعطائهم حق الاستقلال.
مسك ختام الزائر؛ وختام المسك بالجزائر: زيارة العلامة المعمر؛ ومجالسة المربي المؤثر: الشيخ محمد الطاهر بن الشيخ أمقران آيت علجت: ((98)) عاما، وهو من نسل العلامة يحيى العيدلي أحد علماء الجزائر بالقرن التاسع الذي ينتهي نسبه للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال لي العلامة محمد الطاهر: لما قرر الشعب الجزائري التوقف عن العمل: توعدهم المحتل الفرنسي بأن يحرقهم جميعا، فأمرتهم بالرجوع فرجعوا.
حدثني العلامة محمد الطاهر في بيته: عن الأعمال الوحشية التي قام بها المحتل الفرنسي في الجزائر؛ ثم قال: وكانت لهم من الوحشية ما لهم.
قال العلامة المعمر محمد الطاهر لما زرته في بيته في عاصمة الجزائر: لو اتبع الأبناء اليوم؛ سبيل الآباء بالأمس: لهابتنا الدول الكبرى.
في 1964م: عين العلامة محمد الطاهر في وزارة الأوقاف الجزائرية؛ ليضطلع بمهمة تأليف الدروس العلمية: لتكوين الأئمة في بداية الاستقلال. رأيت من أحوال وأفعال وأقوال العلامة المعمر محمد الطاهر (98)عاما وأنا في بيته: ما لا يخطر في البال؛ ولا يدور أبدا في الخيال، فالله خير حافظا.
قال الدكتور محمد مشنان؛ التلميذ البار للعلامة المعمر محمد الطاهر: إذا انصرفتم فبادروا بأخذ أحذيتكم؛ قبل أن يقوم الشيخ بإحضارها لكم.
قال لي العلامة المعمر محمد الطاهر ؛ عند باب بيته: أنت مسافر؛ ودعاء المسافر مستجاب، فادع الله لي، فتأثرت من تواضعه، وقبلت رأسه ويده.
استوصيت العلامة المعمر محمد الطاهر قبل خروجي من بيته بالجزائر. فقال: بل أنت أوصني. فألححت عليه، فأوصاني بوصيتين: الصبر، وسعة الصدر.
لما هممت بالخروج من بيت العلامة المعمر محمد الطاهر (98)عاما: أهداني ثوبا جزائريا وقال: البسه بالعافية؛ ولا تنساني. فقلت له: وهل سأنساك يوما؟
عندما أخذ بيدي علامة الجزائر المعمر محمد الطاهر لباب بيته؛ همس بأذني بكلمات هزت وجداني: أعدُّ زيارتك لي من الكويت من أسعد أيام حياتي.
قال علامة الجزائر المعمر محمد الطاهر بلطف: لا بد أنك سترجع إلينا قريبا، لأنك ستسافر إلى الكويت بجسد بلا روح، لأنك تركت روحك عندنا.
ودعني علامة الجزائر المعمر محمد الطاهر عند باب بيته قائلا: بلغ سلامي لأهلي وأحبابي بدولة الكويت، والتمس منهم أن يدعو الله تعالى لي.
أبى علامة الجزائر المعمر محمد الطاهر إلا أن يوصلني إلى باب السيارة، وبادر إلى فتح باب السيارة، وما دخل بيته حتى توارينا عن ناظريْه.
لما زرت العلامة المعمر محمد الطاهر في بيته في الجزائر؛ وقد متعه الله بسمعه وبصره وقوته: تذكرت قوله عليه السلام: (احفظ الله يحفظك).
مدة زيارتي لعلامة الجزائر محمد الطاهر: أكثر من سبعين دقيقة، وقد استمسكت بحمد الله تعالى في مجلسه بعروة: أكثر من سبعين فائدة وثيقة.
ودعني محفظ أولادي بالمدينة المنورة؛ وأخي الذي ماولدته والدتي الموقرة؛ عمار رمضاني: بمثل ما استقبلني به بمطار الجزائر؛ جزي بخير ما جزى مضيف لزائر.
اصطحبني بمطار الجزائر صاحب والدي الكريم: العم الوجيه عيسى إسماعيل (72)عاما: من فرط تواضعه؛ وحفظا لمعروف الأخوة التي بينهما؛ حتى باب الطائرة.
غمسني الجزائريون ببحور فضلهم غمسة كادت تنسيني فضل من زرت من الشعوب، وهكذا يصنع لعمر الله تعالى الإحسان والبر والمعروف إذا خالطت بشاشته القلوب.
رأيت في مطار هواري بومدين: شابا جزائريا؛ قد فارق والديه للعمل، فذكر أنهما اصطحباه للمطار؛ وأوصياه بالمحافظة على دينه، ثم بكى الشاب؛ فأبكاني.
أكثر من (200) تغريدة غردتها بأجواء جمهورية الجزائر؛ هي بحمد الله سبحانه: نزهة الناظر وقرة عين الزائر، {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}.
كما ودعني أهل الجزائر باللطافة والنداوة: فقد استقبلني ابنها البار بالظرافة والحفاوة: الدكتور الطاهر خذيري؛ خير ما أهدته الجزائر إلى الكويت.
علّامة الجزائر الشيخ محمد الطاهر
هذا تعريف موجز بأحد أبرز علماء الدعوة الإسلامي في جمهورية الجزائر العلامة الفقيه الإمام بقية السلف وقدوة الخلف الشيخ محمد الطاهر آيت علجت، وهو نموذج للعالم العامل الذي حمل قضايا وطنه على عاتقه منذ سنوات عمره الأولى والتي قاربت المئة عام قضاها جميعها في الدعوة والجهاد ومازال العطاء مستمرا.
اسمه ونسبه
هو الشيخ محمد الطاهر بن الشيخ أمقران آيت علجت.
من نسل الشيخ العلامة سيدي يحيى العيدلي، من علماء الجزائر في القرن التاسع الهجري، الذي ينتهي نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المؤسس الأول لزاوية تَمُقرة في ولاية بجاية.
مولده
ولد بتمقرة، دائرة أقبو، ولاية بجاية، بتاريخ 5 محرم 1335هـ الموافق 7 فبراير 1917م، من عائلة شريفة محافظة على العلم والقرآن.
تكوينه العلمي في قريته تمقرة. حفظ القرآن الكريم وعمره لا يتجاوز (12) عاما على والده الشيخ أمقران، وعلى غيره من شيوخ تمقرة كالشيخ صالح أوقاسي، والشيخ محمد، وعلي الطيب وغيرهم رحمهم الله، كما تلقى بعض المبادئ العلمية الأولية.
في زاوية سيدي أحمد بن يحيى
واستقر به المقام في هذه الزاوية مدة خمس سنوات، أخذ فيها علوما كثيرة منها تجويد القرآن، والفقه، والأصول، وعلوم اللغة نحوا وصرفا وبلاغة...، إضافة علم الفلك والحساب وبعض المعارف الاجتماعية على شيوخ منهم:
- الشيخ السعيد اليجري أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين - الشيخ الفقيه لحلو الخياري نسبة إلى قرية «آيت خيار» التي تقع حاليا بلدية بني معوش، ولاية بجاية - الشيخ صالح أوقاسي الضليع في علوم القراءات وعلوم العربية - الشيخ محمد وعلي الطيب.
في الزاوية الحملاوية
انتقل الشيخ وعمره 16 عاما إلى الزاوية الحملاوية، وبقي فيها 3 سنوات. هذه الزاوية التي أسسها الشيخ عبد الرحمن الحملاوي، وجلب لها مشايخ من مختلف أنحاء الجزائر، وتونس، والمغرب، وفيها تلقى الشيخ العلم عن هؤلاء العلماء الأعلام ومنهم:
- الشيخ مصباح التونسي الزيتوني - الشيخ محمد الميزوني التونسي الزيتوني- الشيخ محمود قريبع التونسي الزيتوني - الشيخ أحمد الخالدي خريج جامع القرويين - الشيخ سعيد بن مالك اليعلاوي.
في جامع الزيتونة
وانتقل في سنة 1957 إلى تونس، واغتنم وجوده هنالك، واستغل بعض أوقاته للاستزادة من علمائها، فأخذ عن:
ـ الشيخ الزغواني. ـ الشيخ اللقاني. ـ الشيخ الفاضل بن عاشور.
والشيخ أحمد بن الميلاد. ـ الحبيب بن خوجة وغيرهم.
اشتغاله بالتعليم والتدريس
وفي شهر أكتوبر سنة 1937م، اجتهد مع غيره من منطقة تمقرة في تجديد زاوية سيدي يحيى العيدلي المذكورة سابقا، بعد أن هدمتها سلطات الاستعمار الفرنسي. واختاره أعيان الناحية رغم حداثة سنه (20 سنة) معلما ومديرا، مع أساتذة آخرين من خريجي هذه الزاوية ومن الزيتونة كالشيخ الطاهر أوشعيت، والشيخ محمد أمقران دليل، والشهيد عبد الرحمن بن موفق، والشيخ محمد الطيب عبلاوي، والشيخ أحمد أقروفة وغيرهم.
التحاقه بصفوف الثورة التحريرية
بقي الشيخ معلما ومشرفا على الزاوية وقائما عليها إلى بداية الثورة، حيث قنبلها الجيش الفرنسي بطائراته الحربية، ثم أكمل ما بقي من أطلالها بالحرق، لمّا علم الاستعمار أنها مركز من مراكز الثورة. وبعد تهديم الزاوية التحق الشيخ وطلبته بجيش التحرير، فعمل في صفوفه قاضيا، ومرشدا، ومتفقدا سِرِّيا لأحوال المدنيين والعسكريين درءا للمظالم. واستشهد الكثير من طلبته، وتحتفظ زاوية تمقرة بأسمائهم في لوحة تذكارية في ساحة الزاوية الآن.
رحلته إلى تونس
سبقت الإشارة إلى أن الشيخ قد رحل إلى تونس وأخذ عن علمائها في جامع الزيتونة، وكانت هذه الرحلة أواخر سنة 1957م بتكليف من العقيد عميروش أحد كبار قادة الثورة التحريرية، ليتولى الشيخ محمد الطاهر آيت علجت مهمة الإشراف على طلاب الولاية الثالثة في تونس.
ومن هؤلاء الطلبة: الشيخ أرزقي كتاب، والدكتور محمد شريف قاهر، والشيخ بوبكر زروق، والشيخ البشير المجذوب، والشيخ الصالح وشام، الشيخ السعيد بوداود، والشيخ السعيد بن غانم.
فأشرف الشيخ على تعليمهم وإعدادهم للانخراط في مدارس تونس الرسمية، وتوزيع طلاب البعثة على مختلف المعاهد والكليات العسكرية في البلاد الشقيقة والصديقة.
العودة إلى الجزائر قبيل الاستقلال
وبعد تكوين الحكومة الموقتة، عين الشيخ من وزارة الشؤون الاجتماعية معلما ومبرمجا ومتفقدا بديار الطفولة الجزائرية إلى أكتوبر 1961م.
السفر إلى ليبيا
وبعد أكتوبر 1961، اختير الشيخ ضمن البعثة الديبلوماسية للحكومة الموقتة الجزائرية، حيث عين ملحقا ثقافيا في البعثة الجزائرية بليبيا إلى غاية يوليو 1963م.
العودة إلى الجزائر بعد الاستقلال
عاد الشيخ إلى الجزائر بعد يوليو 1963، وفي العام 1964م عين بوزارة الأوقاف إلى سبتمبر 1964، واضطلع بمهمة تأليف الدروس الفقهية والعلمية لتكوين الأئمة في بداية الاستقلال ومساعدتهم على أداء مهمتهم في المساجد.
عمله في قطاع التعليم
ثم التحق بالتعليم، فدرس في متقنة الحراش سنة واحدة، وفي أكتوبر 1966م عين أستاذا في ثانوية عُقْبَة بالجزائر العاصمة إلى سنة 1972م، ثم انتقل إلى ثانوية عمارة رشيد إلى أن تقاعد في سبتمر 1978م.
تطوعه بالعمل المسجدي
بعد أن أحيل على التقاعد في سنة 1978، اقترح عليه وزير التعليم الأصلي والشؤون الدينية الأستاذ مولود قاسم نايت بلقاسم رحمه الله قائلا: ((إن كنت متقاعدا، فلا ينبغي أن تبقى قاعدا، فالتحق بوزارة الأوقاف متعاقدا))، فلبَّى الشيخ هذه الدعوة، وبقي منذ ذلك التاريخ قائما بالتعليم المسجدي مع الأئمة ومع الشباب إلى يوم الناس هذا، وقد جاوز التسعين من العمر.