فوزية سالم الصباح / اعتراف المتهم

تصغير
تكبير
دائما تترد عبارة انه يجب ان يكون اعتراف المتهم لدى المباحث او جهات التحقيق نابعا عن إرادة حرة، والارادة الحرة تعني قدرة المتهم على توجيه اجاباته وتصرفاته من غير وجود مؤثرات تجبره على اتباع وجهة نظر رجال المباحث أو جهات التحقيق.

والاعتراف يجب أن يكون اختياريا حتى يعول عليه أمام القضاء وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقا - إذا صدر اثر اكراه أو تهديد... والدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الاكراه هو دفع جوهري على المحكمة بحثه ومناقشته والرد عليه، ويستوي أن يكون المتهم المقر هو الذي اثار الدفع بالبطلان أم اثاره متهم آخر في الدعوى مادام الحكم قد عول في قضائه بالادانة على ذلك الاعتراف.

ووسائل الاكراه التي تؤثرعلى ارادة المتهم الحرة كثيرة ومتعددة، وتعتمد على شخصية ضابط المباحث وأسلوبه ونسبة ذكائه، حيث انه كلما انخفضت نسبة ذكائه كلما زادت نسبة اعتماده على وسائل الاكراه، ومن بين تلك الوسائل تعمد إطالة استجواب المتهم لفترات طويلة ومتصلة، والصراخ عليه بقصد تحطيم أعصابه، أما الضرب فهو وسيلة الضابط الذي لا يتمتع بأي نسبة تذكر من الذكاء وحسن التصرف حيث يكون عاجزا عن انتزاع الحقيقة من المتهم فيختصر الطريق بالضرب، ويتفنن بعض الضباط بطريقة الضرب حتى لا تترك أثرا على جسد المتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار شخصية المتهم فاسم عائلة المشتبه به ومنصبه الوظيفي يدخل في تلك الاعتبارات، وكذلك جنسيته ونفوذه وعلاقاته، ومن وسائل الضرب الدارجة تعصيب عيني المشتبه به وتكبيل يديه للخلف وجعله واقفا لفترات طويلة وضربه فجأة على البطن والظهر أو دفعه حتى يصاب بالارهاق الشديد أو منع الغذاء والدواء عنه أو وضعه في غرفة ذات اضاءة شديدة. وقد يكون الاكراه معنويا كالتهديد بإيذاء المتهم في شخصه أو في ماله أو بإيذاء أقاربه او معارفه مثال ذلك التهديد بالقبض على شقيقته او زوجته أو والدته. او تهديده بابلاغ زوجته بفعلته او ادخالها متهمة في القضية، كما لو كان المتهم يحوز ممنوعات في بيته. ومن الدارج انه وقبل دخول المتهم لغرفة وكيل النيابة توجه له التهديدات من قبل رجال المباحث الذين يرافقونه بالويل اذا غيّر اقواله التي ادلى بها امام المباحث، فيقع الخوف في قلبه ويدلي بما طلبوه منه اعتقادا منه انهم سيطلعون على ما سيذكره أمام وكيل النيابة.

ويعتبر من ضمن الاكراه تحليف المتهم او استعمال الحيلة كما لو أوهمه الضابط بالعفو عنه او عدم ادخاله في القضية لحمله على الاعتراف أو اعتباره شاهد ملك أو بعدم محاكمته أو بالافراج عنه أو عدم تقديم الاعتراف ضده في المحكمة. او تحليف المتهم اليمين والحيلة والخداع. وجميع وسائل الاكراه آنفة الذكر تبطل اعتراف المتهم ولا يمكن التعويل عليها في الاثبات. ولكن الصعوبة في اثبات المحامي المتمرس ذلك أمام القضاء خصوصا اذا لم تترك وسائل الاكراه أي آثار على الجسد، والمحكمة لها كامل الحرية في تقدير صحة وقيمة الاعتراف في الاثبات، وفي الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من ادوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك، وللمحكمة كذلك ان تبحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه قد انتزع منه بالاكراه، وان كان اعترافه يطابق الواقع من عدمه، لذلك نجد محاكم الجنايات قد ابطلت في بعض القضايا اعتراف المتهم أمام المباحث حتى لو واصل اعترافاته أمام تحقيقات النيابة العامة.

وللأسف الشديد يتعرض بعض المشتبه بهم الأبرياء خصوصا المقيمين للاكراه عند القبض عليهم، وعندما تتوصل التحريات اللاحقة إلى عدم صلتهم بالجريمة، ربما لا يسمعون من ضابط المباحث كلمة اعتذار.

ملحوظة:

بعد التطور الكبير في حقوق الانسان وانتشار وسائل الإعلام الحرة انحسرت ظاهرة الإكراه بشكل كبير.



فوزية سالم الصباح

Alsabah700@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي