تحدّثت عن «علي الأميركاني» وعبره سألت عن معنى الجذور والانتماء
حوار / هالة كوثراني لـ«الراي»: أخاف الموت ... وأنتمي إلى الكتابة وأحلم بالتفرّغ لها
غلاف «علي الاميركاني»
هالة كوثراني
| بيروت- من جنى فواز الحسن |
يشعر قارئ رواية «علي الأميركاني» للكاتبة اللّبنانية هالة كوثراني بأنّه «متورّط» في مطاردة طيف الرجل الذي يعيش مع الراوية «شيرين» منذ الأسطر الأولى.**
هو «علي»، الحب الاول الذي تعاود شيرين اكتشاف نفسها عبر استحضاره بعد غيابٍ دام أكثر من 20 عاماً، لتجد نفسها في سيرة الماضي التي تعرض من خلالها تحوّلات الحاضر، وتلقي الضوء على معضلة كبرى لا تنفك تولّد المزيد من الأسئلة، عن الغربة والهوية والانتماء. ومن منّا لا يتساءل عن انتمائه وهويّته، ولا سيما ان معظمنا يحيا في منفى، طوعاً أو قسراً، عندما لا يحتضنه الوطن.
هذه ليست حكاية واحدة. إنّها رواية داخل الرواية، تخلق جوّاً آسراً ينقل القارىء من شيرين إلى علي، الذي أصبح أميركياً وعاد الى لبنان بعد 23 عاماً ليعيش مع أمه أيامها الأخيرة، ومن العلاقة بينهما إلى علاقتهما بالمحيط تارةً أخرى.
بعد روايتيها «استديو بيروت»، و»الأسبوع الأخير»، تثبت كوثراني، التي تتولى حالياً منصب مديرة تحرير مجلة «لها» وتشرف على إنهاء رسالة الماجستير في الأدب العربي، أن حكاياها لا تنتهي وأنّها غاصت في الأدب لحدّ الغرق الممتع، الغرق الّذي لا نجاة منه سوى في المزيد من الاستسلام إليه.
في وسط المدينة في بيروت، التقينا الكاتبة وكان لنا معها هذا الحوار عن روايتها الأخيرة وعالمها الأدبي:
• استغرقتِ مدّة طويلة في كتابة «علي الأميركاني»، على خلاف روايتيك السابقتين. كيف كان تأثير الأمر عليك وعلى النص؟
- عندما بدأتُ بكتابة رواية «علي الأميركاني»، عانيتُ من ضيق الوقت وعدم القدرة على ممارسة طقوس يومية في الكتابة. كنت أعود إلى النص بشكل متقطّع، ولكنني كنت أنسج الحكاية في ذهني، وأستغرق مطوّلاً في التفكير بها. تيقّظت بعد حين على مرور سنتين من الكتابة المتقطّعة، وحاولت أن أمنح النص المزيد من الوقت. الكتابة بشكل يومي تساعدك لتكوني أكثر تمكّناً من الرواية، ولذلك قمت بإعادة القراءة وإعادة تنظيم النص كي يكون واضحاً، حتّى أنني استعنت بفكرة الترتيب الزمني بحسب الأيام، لإعطاء طابع مختلف وسلس. كذلك حاولتُ استعمال الجمل القصيرة، ذات المعنى المركّز لتكون قراءة الرواية مرنة.
• أوجدتِ بطلين موازيين في الرواية، الراوية شيرين التي تسرد حكاية علي، السيناريو الذي سيجعلها كاتبة. وما الذي دفعك إلى كتابة رواية داخل الرواية؟
- في بداية الأمر، كنت أكتب عن علي، وهو شخص افتراضي غير حقيقي، ولكن موجود في ذهني، وكانت لديّ رغبة دائمة في الكتابة عنه. علي هو الذي قادني إلى شيرين التي بدا خلاصها من خلال الكتابة. وقد يكون الأمر المشترك بيني وبينها هو العلاقة مع الكتابة. فوجدتُ نفسي في نهاية المطاف، أتّبع أسلوباً غبر معتاد في السرد، لتصبح «علي الأميركاني» بمثابة الرواية داخل الرواية.
• إذا كانت شيرين تمثّل العلاقة مع الكتابة، فماذا يمثّل علي؟
- مع علي، السؤال الأبرز الذي سألته هو عن معنى الجذور والانتماء. رويت عبره حكاية الأمكنة. الإنسان في زمننا الحالي لم يعد ينتمي إلى مكان واحد وحسب، إنّما يمكن القول أن الانتماء بات شبه عالمي. إثر تحضيري لرسالة الماجيستير، كانت لي قراءات واسعة عن الغربة والمنفى، وكان لا بد لعلي أن يجسّد الأسئلة التي تبادرت إلى ذهني، مع العلم أن الغربة ليست غربة المكان فحسب، إذ يمكن للإنسان أن يشعر بأنّه في منفى داخل وطنه. أردتُ إثارة الكثير من الأسئلة التي قد تبقى من دون أجوبة، وقد طرحتها بعد رجوع علي إلى قريته من أميركا، وعرضت خياراته، هل يبقى في القرية بعد وفاة والدته، أم يرحل مرّة اخرى؟
• الذاكرة الخصبة و«النبش» في الماضي ميّزا الرواية. ما أهميّة الذاكرة في مجتمعنا وإلى أي حدّ تعتبرينها ضرورية؟
- عندما يعود علي إلى المكان الذي ولد فيه، يستعمل الذاكرة لإعادة ترتيب العلاقة مع المنشأ. البيت الذي يزوره هو بمثابة إحدى الشخصيات. نعم، أنا أعير أهميّة خاصّة إلى الذاكرة، فمشكلتنا الأساسية هي عدم استعادة التجارب السابقة للتعلّم منها. لذلك، نحن نستعيد التوتر في أيّ لحظة، كأنّنا لم نفقه شيئاً ممّا مررنا به من حروب. ضرورة استعادة الذاكرة تكمن في أنّها قد تكون الهوية الوحيدة ذات المعنى.
• تكرّرت في روايتك مسألة بيروت والعيش فيها أو خارجها. هل تشعرين بالانتماء؟
- الحقيقة أنّني أشعر بالانتماء إلى الكتابة أكثر من أي شيء آخر. نحن اللبنانيين على شعور دائم بأننا نحيا حياةً موقتة، لا تستطيع أن تشعر بالاستقرار من خلالها رغم المزاعم بأننا في مرحلة إعادة البناء. لقد عشت طفولة في الحرب، وعندما انتهت، كان عمري 11 أو 12، ومنذ ذلك الحين نسأل، هل انتهت الحرب؟ والردّ الوحيد هو «ما بتعرف شو ممكن يصير». عندما تعيشين الحرب وأنت طفلة، تبقى في ذاكرتك صور النوم في الرواق، أو أصوات الرصاص، رغم أنك أثناءها لا تدركين عمق الخطر. عندما نكبر، نبدأ باسترجاع الذاكرة وطرح الأسئلة. ويبدو الشعور بالانتماء الى الوطن صعباً، ولا سيما ان الأماكن مقسّمة جغرافياً في البلد، الأمر الذي يدفعنا إلى ايجاد عوالمنا الخاصة. وقد انتبهت اخيراً أن عالمي الجغرافي بات صغيراً نوعاً ما ومقسّماً بين المنزل ومكان العمل، ومدرسة الأولاد، وبعض الأماكن الأخرى.
• الرواية تحدّ كبير لأنّها تشعرك بأنّك على وشك ايجاد عالم جديد ومختلف. كيف دخلتِ إلى عالم الكتابة ولماذا اخترتِ هذا النوع الأدبي تحديداً؟
- بدأت الكتابة من عمر الثماني أو تسع سنوات، ومنذ ذاك الحين، وانا أحب كتابة القصص، رغم انّني قارئة للشعر ومتذوّقة له. أثناءها، كانت دائماً تراودني فكرة الكتابة، ولكن في بداية العشرينات، وبالرغم من علاقتي الوثيقة مع الكتب، نسيت هذا الحلم. درست العلوم السياسية وكتبت بضع مقالات سياسية، الا انني عدتُ بعدها الى نقد الكتب واقتربتُ أكثر من المجال الثقافي، في تجربتي الصحافية مع «لها». وعندما عدتُ إلى حلمي، وأقصد هنا الكتابة الأدبية، صرت أسرق الوقت وأستغلّ أي لحظة ممكنة لأكتب. حلمي الآن أن أتفرّغ للكتابة، وهو أمر قد يصبح ممكناً في وقت قريب، إذا تجرّأت واتخذت القرار الحاسم بذلك.
• هل تستطعين التفرّغ في ظل معاناة الكتاب في لبنان والعالم العربي من الواقع الثقافي المؤسف وعدد القراء الضئيل؟
- الكتابة أعطتني كلّ شيء، ويجب أن أعطيها المزيد من الوقت. وقد يكون الواقع الثقافي مؤسفاً في العالم العربي، وهناك مسؤولية تقع على عاتق دور النشر التي يجب أن تقوم بدور أفضل في هذا الصدد. ولكن هذا لا ينفي أيضاً وجود نسبة قرّاء، وإن كانت ضئيلة، وهؤلاء أحاول التوجّه إليهم عبر اسلوب بسيط يعبّر عن أسئلة تدور في النفس البشرية ويمكن أن يطرحوها هم أيضاً.
• في رواياتك لا نتلمّس موقفاً متشنّجاً إزاء الرجل. هل ترين أننا نعيش في مجتمع ذكوري؟
- نحن نعيش في مجتمع ذكوري بالطبع. ولكن بحكم تجربتي الشخصية، كان الرجل دائماً يدفعني إلى الأمام، سواء والدي، أو زوجي أو إخوتي. لذلك، لم أشعر بأنّه كانت هناك ضرورة للقتال للحصول على حقوقي. ولكن لا شك في أنّني كتبت عن النساء أكثر من الرجال، لأنّ عالمي هو مليء بهنّ. وأعتقد أن المرأة مادة خصبة للرواية كونها شخصية مثيرة للاهتمام، لها أفق يكاد لا ينتهي.
• أهديتِ الرواية إلى والدتك؟
- نعم، لأنّها شخصية متميّزة جداً، مثقّفة وقوية. علاقتي بها متينة جداً وأردتُ أن أحتفي بها.
• أخيراً، ماذا عن هواجس هالة كوثراني؟
- هناك هواجس عديدة تمر في ذهني. أنا شخصية قلقة ومتشائمة قليلاً، ولكن تشاؤمي يأتي من واقعيتي. لديّ أيضا هاجس الموت، فأنا أخاف من الموت. في لحظات الشك، من الممكن أن أسأل ما أهمية الكتابة أمام الانجازات العلمية التي استطاعات أن تشفي الانسان من الامراض وتطيل عمره؟ ولكن أعود لأفكّر في جميع الكتّاب الذين تركوا بصمات لا تنسى في هذا العالم وأحدثوا أحياناً تغييراً جذريا في حياة القراء.
يشعر قارئ رواية «علي الأميركاني» للكاتبة اللّبنانية هالة كوثراني بأنّه «متورّط» في مطاردة طيف الرجل الذي يعيش مع الراوية «شيرين» منذ الأسطر الأولى.**
هو «علي»، الحب الاول الذي تعاود شيرين اكتشاف نفسها عبر استحضاره بعد غيابٍ دام أكثر من 20 عاماً، لتجد نفسها في سيرة الماضي التي تعرض من خلالها تحوّلات الحاضر، وتلقي الضوء على معضلة كبرى لا تنفك تولّد المزيد من الأسئلة، عن الغربة والهوية والانتماء. ومن منّا لا يتساءل عن انتمائه وهويّته، ولا سيما ان معظمنا يحيا في منفى، طوعاً أو قسراً، عندما لا يحتضنه الوطن.
هذه ليست حكاية واحدة. إنّها رواية داخل الرواية، تخلق جوّاً آسراً ينقل القارىء من شيرين إلى علي، الذي أصبح أميركياً وعاد الى لبنان بعد 23 عاماً ليعيش مع أمه أيامها الأخيرة، ومن العلاقة بينهما إلى علاقتهما بالمحيط تارةً أخرى.
بعد روايتيها «استديو بيروت»، و»الأسبوع الأخير»، تثبت كوثراني، التي تتولى حالياً منصب مديرة تحرير مجلة «لها» وتشرف على إنهاء رسالة الماجستير في الأدب العربي، أن حكاياها لا تنتهي وأنّها غاصت في الأدب لحدّ الغرق الممتع، الغرق الّذي لا نجاة منه سوى في المزيد من الاستسلام إليه.
في وسط المدينة في بيروت، التقينا الكاتبة وكان لنا معها هذا الحوار عن روايتها الأخيرة وعالمها الأدبي:
• استغرقتِ مدّة طويلة في كتابة «علي الأميركاني»، على خلاف روايتيك السابقتين. كيف كان تأثير الأمر عليك وعلى النص؟
- عندما بدأتُ بكتابة رواية «علي الأميركاني»، عانيتُ من ضيق الوقت وعدم القدرة على ممارسة طقوس يومية في الكتابة. كنت أعود إلى النص بشكل متقطّع، ولكنني كنت أنسج الحكاية في ذهني، وأستغرق مطوّلاً في التفكير بها. تيقّظت بعد حين على مرور سنتين من الكتابة المتقطّعة، وحاولت أن أمنح النص المزيد من الوقت. الكتابة بشكل يومي تساعدك لتكوني أكثر تمكّناً من الرواية، ولذلك قمت بإعادة القراءة وإعادة تنظيم النص كي يكون واضحاً، حتّى أنني استعنت بفكرة الترتيب الزمني بحسب الأيام، لإعطاء طابع مختلف وسلس. كذلك حاولتُ استعمال الجمل القصيرة، ذات المعنى المركّز لتكون قراءة الرواية مرنة.
• أوجدتِ بطلين موازيين في الرواية، الراوية شيرين التي تسرد حكاية علي، السيناريو الذي سيجعلها كاتبة. وما الذي دفعك إلى كتابة رواية داخل الرواية؟
- في بداية الأمر، كنت أكتب عن علي، وهو شخص افتراضي غير حقيقي، ولكن موجود في ذهني، وكانت لديّ رغبة دائمة في الكتابة عنه. علي هو الذي قادني إلى شيرين التي بدا خلاصها من خلال الكتابة. وقد يكون الأمر المشترك بيني وبينها هو العلاقة مع الكتابة. فوجدتُ نفسي في نهاية المطاف، أتّبع أسلوباً غبر معتاد في السرد، لتصبح «علي الأميركاني» بمثابة الرواية داخل الرواية.
• إذا كانت شيرين تمثّل العلاقة مع الكتابة، فماذا يمثّل علي؟
- مع علي، السؤال الأبرز الذي سألته هو عن معنى الجذور والانتماء. رويت عبره حكاية الأمكنة. الإنسان في زمننا الحالي لم يعد ينتمي إلى مكان واحد وحسب، إنّما يمكن القول أن الانتماء بات شبه عالمي. إثر تحضيري لرسالة الماجيستير، كانت لي قراءات واسعة عن الغربة والمنفى، وكان لا بد لعلي أن يجسّد الأسئلة التي تبادرت إلى ذهني، مع العلم أن الغربة ليست غربة المكان فحسب، إذ يمكن للإنسان أن يشعر بأنّه في منفى داخل وطنه. أردتُ إثارة الكثير من الأسئلة التي قد تبقى من دون أجوبة، وقد طرحتها بعد رجوع علي إلى قريته من أميركا، وعرضت خياراته، هل يبقى في القرية بعد وفاة والدته، أم يرحل مرّة اخرى؟
• الذاكرة الخصبة و«النبش» في الماضي ميّزا الرواية. ما أهميّة الذاكرة في مجتمعنا وإلى أي حدّ تعتبرينها ضرورية؟
- عندما يعود علي إلى المكان الذي ولد فيه، يستعمل الذاكرة لإعادة ترتيب العلاقة مع المنشأ. البيت الذي يزوره هو بمثابة إحدى الشخصيات. نعم، أنا أعير أهميّة خاصّة إلى الذاكرة، فمشكلتنا الأساسية هي عدم استعادة التجارب السابقة للتعلّم منها. لذلك، نحن نستعيد التوتر في أيّ لحظة، كأنّنا لم نفقه شيئاً ممّا مررنا به من حروب. ضرورة استعادة الذاكرة تكمن في أنّها قد تكون الهوية الوحيدة ذات المعنى.
• تكرّرت في روايتك مسألة بيروت والعيش فيها أو خارجها. هل تشعرين بالانتماء؟
- الحقيقة أنّني أشعر بالانتماء إلى الكتابة أكثر من أي شيء آخر. نحن اللبنانيين على شعور دائم بأننا نحيا حياةً موقتة، لا تستطيع أن تشعر بالاستقرار من خلالها رغم المزاعم بأننا في مرحلة إعادة البناء. لقد عشت طفولة في الحرب، وعندما انتهت، كان عمري 11 أو 12، ومنذ ذلك الحين نسأل، هل انتهت الحرب؟ والردّ الوحيد هو «ما بتعرف شو ممكن يصير». عندما تعيشين الحرب وأنت طفلة، تبقى في ذاكرتك صور النوم في الرواق، أو أصوات الرصاص، رغم أنك أثناءها لا تدركين عمق الخطر. عندما نكبر، نبدأ باسترجاع الذاكرة وطرح الأسئلة. ويبدو الشعور بالانتماء الى الوطن صعباً، ولا سيما ان الأماكن مقسّمة جغرافياً في البلد، الأمر الذي يدفعنا إلى ايجاد عوالمنا الخاصة. وقد انتبهت اخيراً أن عالمي الجغرافي بات صغيراً نوعاً ما ومقسّماً بين المنزل ومكان العمل، ومدرسة الأولاد، وبعض الأماكن الأخرى.
• الرواية تحدّ كبير لأنّها تشعرك بأنّك على وشك ايجاد عالم جديد ومختلف. كيف دخلتِ إلى عالم الكتابة ولماذا اخترتِ هذا النوع الأدبي تحديداً؟
- بدأت الكتابة من عمر الثماني أو تسع سنوات، ومنذ ذاك الحين، وانا أحب كتابة القصص، رغم انّني قارئة للشعر ومتذوّقة له. أثناءها، كانت دائماً تراودني فكرة الكتابة، ولكن في بداية العشرينات، وبالرغم من علاقتي الوثيقة مع الكتب، نسيت هذا الحلم. درست العلوم السياسية وكتبت بضع مقالات سياسية، الا انني عدتُ بعدها الى نقد الكتب واقتربتُ أكثر من المجال الثقافي، في تجربتي الصحافية مع «لها». وعندما عدتُ إلى حلمي، وأقصد هنا الكتابة الأدبية، صرت أسرق الوقت وأستغلّ أي لحظة ممكنة لأكتب. حلمي الآن أن أتفرّغ للكتابة، وهو أمر قد يصبح ممكناً في وقت قريب، إذا تجرّأت واتخذت القرار الحاسم بذلك.
• هل تستطعين التفرّغ في ظل معاناة الكتاب في لبنان والعالم العربي من الواقع الثقافي المؤسف وعدد القراء الضئيل؟
- الكتابة أعطتني كلّ شيء، ويجب أن أعطيها المزيد من الوقت. وقد يكون الواقع الثقافي مؤسفاً في العالم العربي، وهناك مسؤولية تقع على عاتق دور النشر التي يجب أن تقوم بدور أفضل في هذا الصدد. ولكن هذا لا ينفي أيضاً وجود نسبة قرّاء، وإن كانت ضئيلة، وهؤلاء أحاول التوجّه إليهم عبر اسلوب بسيط يعبّر عن أسئلة تدور في النفس البشرية ويمكن أن يطرحوها هم أيضاً.
• في رواياتك لا نتلمّس موقفاً متشنّجاً إزاء الرجل. هل ترين أننا نعيش في مجتمع ذكوري؟
- نحن نعيش في مجتمع ذكوري بالطبع. ولكن بحكم تجربتي الشخصية، كان الرجل دائماً يدفعني إلى الأمام، سواء والدي، أو زوجي أو إخوتي. لذلك، لم أشعر بأنّه كانت هناك ضرورة للقتال للحصول على حقوقي. ولكن لا شك في أنّني كتبت عن النساء أكثر من الرجال، لأنّ عالمي هو مليء بهنّ. وأعتقد أن المرأة مادة خصبة للرواية كونها شخصية مثيرة للاهتمام، لها أفق يكاد لا ينتهي.
• أهديتِ الرواية إلى والدتك؟
- نعم، لأنّها شخصية متميّزة جداً، مثقّفة وقوية. علاقتي بها متينة جداً وأردتُ أن أحتفي بها.
• أخيراً، ماذا عن هواجس هالة كوثراني؟
- هناك هواجس عديدة تمر في ذهني. أنا شخصية قلقة ومتشائمة قليلاً، ولكن تشاؤمي يأتي من واقعيتي. لديّ أيضا هاجس الموت، فأنا أخاف من الموت. في لحظات الشك، من الممكن أن أسأل ما أهمية الكتابة أمام الانجازات العلمية التي استطاعات أن تشفي الانسان من الامراض وتطيل عمره؟ ولكن أعود لأفكّر في جميع الكتّاب الذين تركوا بصمات لا تنسى في هذا العالم وأحدثوا أحياناً تغييراً جذريا في حياة القراء.