لهذه الأسباب أكتب عنك يا ... مرزوق

تصغير
تكبير
نعم، وقبل أن يقولها أحد أقولها أنا. هو قريبي وعزيزي وصديقي وشقيقي الصغير ولذلك فلست حياديا لدى الحديث عنه لأن العاطفة تسبق العقل في الموضوع الشخصي. أما في موضوع تقييم مسيرته في الشأن الوطني العام فسأدع العقل يسبق العاطفة لان افتخار الكثيرين بهذه المسيرة على قصر مدتها أثبت أن مرزوق الغانم حصد المحبة بالعقل وبالعاطفة.

أبدأ باستعراض نوعية الخصوم الذين تنافسوا على مهاجمتك يا «بو علي» طيلة الفترة الماضية. نتذكرهم اسما اسما. نراجع سيرهم الذاتية وأفعالهم وممارساتهم وأقوالهم. نتوقف عند «إنجازاتهم» الكثيرة في انتهاك المال العام ومخالفة القوانين وآياتهم في الكذب ومخالفة الوعد وخيانة الأمانة، ونستعيد «الأسلحة» المحرمة التي استخدموها ضدك من فجور في الخصومة إلى قذارة التعرض حتى لوالديك وأهلك... كانوا يشبهون أنفسهم ومن يحركهم وكنت في ردك تشبه الكويت وأهل الكويت وتاريخ الكويت. سقطوا في شر أعمالهم وبقيت مرفوع الرأس، فارسا، تقارع بشراسة وقوة إنما بما عرف عنك من أخلاق وأدبيات وبما اشتهرت به من تمسك بالثوابت الوطنية والدستور والقوانين... فميزانك لا يكيل بمكيالين ومعاييرك كانت دائما واحدة سواء اتفق البعض معها أو عارضها.

ولا بأس من إعادة التذكير بما يعرفه أهل الكويت وهم أكبر من أن يقعوا في فخ الصوت العالي والتوجيه المصلحي. انت واعضاء كتلة العمل الوطني النيابية صدقتم ما عاهدتم الله والناخبين عليه. ليس بينكم «قبيض» ولا أحد عليه مشاكل وإشكالات تتعلق بالمال العام. لم يرد اي اسم لكم في قضية الايداعات. لم يصل اي عضو منكم الى مركزه نتيجة فوزه بفرعية. لم تصوتوا يوما مع سرية الجلسات بطلب من الحكومة ولم تصوتوا يوما مع اي مشروع قانون او اقتراح إلا في إطار الإجماع الذي حفظ مصلحة المواطن والوطن. ولم تبرموا اي صفقة مع الحكومة حتى في أحلك ظروفها وحاجتها إلى أصواتكم رغم ان ربع الثمن الذي كان من الممكن أن يعرض عليكم كان كافيا لتغيير صراخ كثيرين الى همس، ورغم أن أقل من عشر هذا الثمن أدخل كثيرين الى مستشفيات ودورات مياه خلال التصويت.

ذاكرة الناس ليست قصيرة يا مرزوق. كان غيرك يلعب صباحا على الوتر الشعبي لتخدير الناخبين بإبر مسكنة ثم يعزف على الوتر الطائفي ليلا نافخا في كير الفتنة ليحرق البلد ومن فيه. ذاكرة الناس ليست قصيرة وهي ما زالت تحفظ أنك كنت العضو الوحيد الذي قدم مشروع قانون بتجريم الطائفية والعنصرية ردا على الحملات المذهبية والعنصرية التي صارت عنوانا لبطولة فلان وفلان وحرصا على صيانة وحدة المجتمع الكويتي وحماية للكويت. لم يكن صوتك ضائعا في غابات الفتنة بل كان صدى حقيقيا لصوت الناخبين الشرفاء الذين حاول بعض قطّاع الطرق سرقته او مصادرته.

تبنيت يا «بو علي» مع رفاقك في «العمل الوطني» إحدى أقوى قضايا الإصلاح والمال العام ضد من اعتبر أقوى الوزراء في الحكومة السابقة الذي كانت كل مقدرات التنمية تقريبا في عهدته. يومها انفرزت المواقف وانكشفت على نحو غير مسبوق، فمن نادى بالإصلاح وهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور لقضايا مثل دخول داعية أو خروج شيخ أو مشاركة الفتيات بالرياضة أو إسقاط قرض، أغمض عينيه عن قضية اصلاحية تمس مستقبل كل كويتي وعن ملفات فساد تزكم رائحتها الأنوف، وبدأت الضغوط عليكم للتراجع وانهالت عروض المساومات والصفقات، وعندما بقيتم متماسكين صامدين التزاما بقسمكم بدأ الضرب تحت الحزام ووزع «صغير» الأسلحة اللاأخلاقية على «الصغار» فانتشرت في ميادين السياسة والاقتصاد والإعلام... لكن القوي بربه وضميره وشعبه وكويته أعطى هؤلاء جميعا درسا في الالتزام والإقدام والتقدم والإصرار والعزيمة. لم يخش في الحق لومة لائم ولم يخف إلا من نظرات من أعطاه الوكالة ان هو تراجع، فكان ان انتصر الاستجواب وانهزم المستجوب ولم يتمكن من المواجهة وانهارت المنظومة السياسية الأمنية التي كانت تحيط به والتي أضرته أكثر مما أفادته.

بقيت منسجما مع قناعاتك ولم تغيرها. راهنت على عنصر الشباب لتأسيس قاعدة عريضة من أبناء جيل يرفض اليأس من الوطن. أخبرتهم أن الشأن العام لا ينفصل ولا يتجزأ وان من يرد المشاركة فعليه ان يتقدم الصفوف ولا يترك للآخرين فرصة المصادرة. لا حريات سياسية كاملة من دون عدالة اجتماعية ولا عدالة اجتماعية من دون مشاركة كل مقومات المجتمع وعلى رأسهم الشباب في عملية التنمية. الشباب موجودون هنا في فكر مرزوق الغانم ليقودوا المجتمع مستقبلا لا ليكونوا وقودا في مشاريع آخرين... تهدم المجتمع.

ذاكرة الكويتيين ليست قصيرة يا مرزوق، ولذلك لا أجد ضرورة لذكر المواقف او لتعدادها، لكنني سأقول انك حولت العطاء الى متعة. ادمنت خدمة الشأن العام وطلبت المزيد. الضربات التي لم تقصم ظهرك قوتك لكن هناك شيئا آخر أثقل كاهليك وأرهق كتفيك وأحنى ظهرك... مرض والديك سلمهما الله، وإذا كان قلبك العامر بالمحبة لهما أتعبته المحنة فإن قلوب جميع محبيك كبرت وهي ترى تفرغك للعناية بهما ومتابعتك اللصيقة لعلاجهما فمن كان بارا بوالديه مثلك لا يمكن إلا أن يكون بارا بوطنه.

مرة اخرى، أعترف بأني لست محايدا في الموضوع الشخصي، لكنني أعترف أيضا ويعترف معي كثيرون أنني لم أبتعد عن الحقيقة او أبالغ أو «أؤلف» في ما يتعلق بكل ما ذكرته عن مواقف مرزوق الغانم السياسية والوطنية، فمن يعمل في الضوء يره الجميع ومن يعمل في الظلام يعرفه الجميع... ولن ييأس أحد من وطنه يا «بو علي» وفيه أمثالك.



جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي