عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / يا للغباء

تصغير
تكبير
تكلِّمه عن موازين القوى العالمية فيردُّك إلى الحروب الصليبية ومعطياتها، تحدثه عن أهمية التركيز على التنمية المستدامة وتطوير البلد يأتي إليك بذكر تاريخ الحركة الصفوية، وكأننا ما زلنا نعيش في عصر الجاهلية، حيث تسيطر الإمبراطورية الفارسية على نصف العالم، وكأن لم تتغير الجغرافيا السياسية للعالم.

نكتب ونغرِّد عن ضرورة اللُّحمة الوطنية يخرج لنا متطرفون هنا وهناك لينشروا مقاطع صوتية ومرئية لمعتوهين تم استدراجهم وتوظيفهم بحسن نية أو سوء طوية لشق جدار الوطن، وكأننا كُتِب علينا أن نعيش ذلك الصراع أبد الآبدين.

نقول لهم ان هناك بلادا تعيش في ظلها أديان ومذاهب شتى دون حساسية أو تطرف، فلا يعجبهم هذا الطرح، ويصرون على غرز سكاكينهم المسمومة في جسد الأمة الممزق من الأساس، ويأبون إلا أن يشاركوا أعداءنا في المزيد من إثخاننا بالجراح، حتى بت أشك في نواياهم، وإلى أي مدى سيصلون في هرطقاتهم تلك.

يعيش هؤلاء عقدة (نظرية المؤامرة) التي تسيطر على مخيلتهم، وكأن العالم استجمع كل قواه ليُحْكِمَ سيطرته على مقدراتنا، وكأنما كُتِبَ علينا أن نقف مكتوفي الأيدي أمامهم وهم يمزقوننا إربا إربا، وبأيديهم المسطرة والقلم كي يعيدوا توزيع خارطتنا السياسية حسبما يخططون ويشتهون، وليس لنا في ذلك حول ولا قوة.

إنه لمن الغباء أن نفكر بهذه الطريقة، وهي حيلة العاجز مسلوب الإرادة، التي رسختها أدبيات مثل (بروتوكولات حكماء صهيون)، و(أحجار على رقعة الشطرنج)، وكأننا شعوب بلا قدرة على التأثير، وبلا قدرة على صناعة واقع يكون مثالا يُحتذى، أدبيات نَفَذَت إلى أعماق العقل الجمعي واستقرَّت وترعرعت وأنبتت زرعا خبيثا، وسيطرت أيَّما سيطرة على عقول السياسيين، والمتطفلين على عالم السياسة.

تلفتوا حولكم، وشاهدوا كيف تصنع الأمم حضاراتها؟ لتعلموا أن الحضارات لا تبنى على التخويف من الآخرين والتحذير منهم، بل تبنى بالعلم والتكنولوجيا والتعاون وفهم سنن الحياة، فالحضارات لا تبنى على سحق الآخرين ومحوِهم من خارطة الحياة، وكل تلك المحاولات لم ولن تجدي نفعا، بل على استيعاب سنّة الاختلاف، وأن الناس مختلفون في كل شيء، ولكنها المصالح المشتركة التي تجمعهم، وهي أساس يصلح أن نبني عليه طريقة حياة مختلفة عن واقعنا المرير الذي نحياه بين هرطقات متخلفين ومتعصبين وعنصريين وطائفيين وأغبياء.

سامحوني على تلك الأوصاف، فهي أقل ما يمكن أن أصف به من هو مستمر في نفث سمومه في ثنايا جسدنا العليل.





عبداللطيف الصريخ

Twitter : @Dralsuraikh
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي