د.عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / شيفرة دافنشي

تصغير
تكبير
(كل من يرى الناس بعين طبعه) مثل تراه واقعا في كثير من الأحيان أينما تتلفت حولك، تراه في البيت والعمل والديوانية وجلسات شاي الضحى والكافيهات والمؤتمرات وورش العمل والاجتماعات الرسمية وغير الرسمية، تراه في الصحافة والقنوات الفضائية والصالونات بشتى أنواعها عدا صالونات الحلاقة والتجميل، تقرأه بوضوح دون لبس أو غموض عند بعضهم، لأنهم مفضوحون على رؤوس الأشهاد، وأحيانا تحتاج إلى قراءة عميقة لرواية (شيفرة دافنشي) لتقرأ ما بين السطور، وتفهم ما وراء الكلمات والعبارات.

المثل أعلاه تطبيق عملي لنظرية (التنافر المعرفي) التي تنص على أن الإنسان عندما تكون في ذهنه قناعات وأفكار متناقضة عقليا، فإنه يحاول أن يقنع نفسه بإحدى تلك القناعات حتى يرتاح من التوتر والضغط النفسي، الذي يزداد يوما بعد يوم بسبب اختلاف المبادئ التي يؤمن بها وينادي بها عن واقع (الممارسات) القبيحة التي يعيشها.

تتصارع في داخل الإنسان المبادئ التي ينادي بها من جهة، والواقع والممارسة من جهة أخرى، فهو ينادي بالمساواة والعدالة والنزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص والحفاظ على المال العام، لكن سلوكه وحياته وأفعاله تناقض جميع هذه القيم والمبادئ، وحتى يخرج من تلك الأزمة النفسية، يلصق التناقضات التي يعايشها في الآخرين، فيبدأ بإقناع ذاته أنه على حق، وأن الآخرين على باطل، حتى تهدأ نفسه.

هذا الإنسان عندما تسمعه يتبجح بتلك القيم والمبادئ تقول في نفسك انه (أبو الشرف والأمانة)، لكنك تضرب كفا بكف وتُحَوْقِل عندما تجده يخالف ما يدعو إليه، بل تسترجع في ذاتك عندما يرميك بعيوبه، وكأنه يؤكد قول الأولي : رمتني بدائها وانسلت.

عندما تلبس نظارة شفافة ترى الحياة بألوانها الطبيعية، وعندما تكون سوداء تتغير النظرة، فإذا كانت حمراء تشربت باللون الأحمر وهكذا، فنظرتك للحياة والآخرين ما هي إلا انعكاس لذاتك، فمن يشكك في الآخرين وأفعالهم وسلوكهم، تجده في المقابل يقوم بجميع تلك الأفعال التي يتهم الناس بها، حتى يرتاح من تأنيب الضمير، إن كان هناك ضمير حي.





 د.عبداللطيف الصريخ

Twitter: @Dralsuraikh
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي