د. عبداللطيف محمد الصريخ / زاوية مستقيمة / وزارة الداخلية ... صقور وحمائم

تصغير
تكبير
لا أعلم هل لوزارة الداخلية لدينا استراتيجية واضحة للتعامل مع الأزمات أو الحالات الاستثنائية، وكيفية صياغة تلك الاستراتيجيات وتطبيقها على أرض الواقع، وهل من صاغ تلك الاستراتيجيات يدرك أهمية ما يفعل؟

أسئلة كثيرة تدور في ذهني وأنا أتابع أداء وزارة الداخلية، وكأن لها قيادتين في الوقت نفسه، صقور وحمائم، اليد الحديدية واليد الحريرية، هاتان القيادتان اللتان تتنازعان السلطة، والأمر والنهي.

وزارة الداخلية تشددت في أول تطبيق لقانون تجريم الانتخابات الفرعية ومنعت حدوث ذلك، وواجهته بالقنابل الداخلية والمدرعات، والقوات الخاصة والمطاعات، وطائرات الهليوكوبتر، واقتحمت البيوت، وإذ بها بعد ذلك تغض الطرف عن ممارسات مشابهة في أماكن أخرى - كما حدث قبل أيام - وسط صمت مطبق من (رجالات الداخلية)، الذين كانوا ينتظرون أي بلاغ بالجرم المشهود عن الانتخابات الفرعية، ليثبتوا التهمة على المخالفين للقانون، وكأن إدارات المباحث في المحافظات المختلفة للديكور، أو هي هياكل إدارية فارغة.

وزارة الداخلية ذاتها تشددت في الاعتصامات والتجمعات التي أقامها الكويتيون، سواء في ديوان الحربش أو أحداث ساحة الإرادة التي أعقبها الدخول لمجلس الأمة، والتي استخدمت فيها القوات الخاصة الهراوات والمطاعات وغيرها من أدوات القمع، وإذ بها أعني وزارة الداخلية تقوم بدور المنظم للسير والحركة في الاعتصام الكبير بساحة الإرادة، حتى مرت الأمور بسلام رغم تدفق عشرات الألوف.

ويتكرر المشهد المتناقض لوزارة الداخلية بين الصقور والحمائم في قضية ثالثة، وهي قضية اعتصامات البدون في ساحة تيماء، حيث تناقض الموقف بين مواجهة وقمع وملاحقات داخل البيوت واعتقالات ومحاكمات في اعتصام الاثنين، ثم أعقبه هدوء وتعقل ورقي في التعامل، والقيام بحماية المعتصمين في الجمعة التي تليها!!

فعلا أجدني في حيرة من أمري، وأتمنى ألا يكون الأمر خاضعا لمزاج رجالات الداخلية في التعامل مع الأحداث دون استراتيجية واضحة المعالم قائمة على دراسة علم نفس الجماهير والاستفادة منه، كما أدعو تلك القيادات للاستفادة من علماء التواصل الإنساني، خصوصا المعنيين بفنون الحوار والإقناع الجماهيري، فالحلول الأمنية والاستخدام المفرط للقوة لم يعد مجديا في عالم مفتوح، فالناس تتابع وتقيم، وقد يؤدي القمع إلى زيادة المتعاطفين مع تلك الاعتصامات والمتضررين فيها، ولو كانت لهم عليهم ملاحظات.



كلمة أخيرة

السعيد من وُعِظ بغيره، والتعيس من وُعِظ بنفسه.



د.عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

Twitter : @Dralsuraikh
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي