عبدالرحمن السميط ... سيرة ومسيرة


حفر الجبل بإبرة. استهول كل من عرفه الأمر وقالوا إنه لن يحفر ولن يفلح. لكن من كان مثله يستمد العزيمة من الخالق لا يأبه لتشكيك مخلوق ولا ينتظر إلا ابتسامة تُرسم على وجه محتاج ورضى يضعه في ميزانه رب العالمين.
هو العم عبدالرحمن السميط، أكثر من تعرّض للأذى الشخصي والنفسي في حياته، ضُرب واعتقل وعذب ووقع في قبضة المخاطر عشرات المرات وواجه الموت من مسافات قريبة، ومع ذلك لم تزده المصاعب إلا إصرارا على المضي في ما اختاره أو اختاره الله له، وكانت كلماته واحدة سواء تعلق الأمر بلدغة سامة من أفعى الكوبرا في افريقيا أو بسلخ أجزاء من جلده في سجون صدام حسين: «ربي الله الواحد الأحد الذي خلقني ورزقني وهو الذي يميتني ويحييني».
رحلة عطاء أكثر منها رحلة حياة. مسيرة إنسانية أكثر منها سيرة إنسان. رجل لم يستطع تحمل وقوف العمال في طوابير الانتظار لساعات في حر الكويت في سبعينيات القرن الماضي فاشترى ورفاق له سيارة لتوصيلهم. طبيب اختار مهنته رسالة فأفنى العمر في مداواة الجراح، وعندما ضاقت الكويت على رسالته اتجه الى افريقيا حيث المظلوم مظلوم ومنسي، والمقهور مقهور ومنسي، والفقير فقير ومنسي، وحيث المجاعات تشكل حدود الدول والمجتمعات، وحيث الاطفال العراة يتسيّدون شاشات التلفزة مع كل زيارة لمسؤول ثم يبقون عراة بعد رحيله.
شدّ الرجل الرحال بمبلغ صغير الى هناك إنما بثروة كبيرة قوامها جميع أفراد أسرته الذين نشأوا على عمل الخير وحب الخير ومساعدة الناس. اسس جمعية «العون» وشمّر عن ساعديه من قرية افريقية إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى... قطار محبة لم يتوقف في اي محطة. مدارس، منشآت، متاجر، مراكز تشغيل، حفر آبار، تأهيل مدرسين وعلماء، حرب على الجوع لا من خلال اعطاء مال للفقير بل من خلال تدريبه على مهنة وفتح مؤسسات للعمل بها. ملايين الأفارقة أسلموا على يده، وملايين الافارقة تجاوزوا محنتهم، وملايين الافارقة تغيرت حياتهم عندما اقتربوا بـ«العون» من الله أكثر... حقا حفر العم عبدالرحمن السميط الجبل بإبرة.
لا أعرف ماذا يمكن أن تقول الكويت لهذا الرجل وماذا تستطيع بالأحرى أن تقدم، فكل جائزة مالية حصل عليها أقام بها مباشرة وقفا للتعليم أو التدريب أو ايصال الماء والكهرباء الى القرى الفقيرة. إنسان لا يعرف غير العطاء ولا يتصور المعادلة معكوسة. إنسان كانوا يعرفون أنه سكن في هذه المنطقة الافريقية أو زار تلك من خلال التغييرات التي حصلت فيها: «يقولون مر وهذا الاثر». إنسان يكرر في كل لقاءاته أنه لا ينتظر شيئا من أحد ينتظر فقط... أن يتقبل الله منه.
ماذا يمكن للكويت التي حفر اسمها السميط بأحرف من ذهب على صفحة العمل الانساني الدولي أن تقدم له؟ وقبل ذلك لنسأل أنفسنا ماذا قدمنا له؟ رجل في بنغلادش أسس مصرفا للفقراء، وهو مشكور ومحمود، لكن كل المؤسسات الآسيوية تقريبا رشحته لجائزة نوبل فحصل عليها. السميط الذي بنى مناطق للفقراء وليس مصرفا لم يرد الفوز سوى بتقبل الله لعمله... ومع ذلك ماذا فعلنا له؟
نطلب منك السماح يا أبا صهيب، لاننا استكنا الى طاقتك وحيويتك وجهدك واعتبرناه جهدنا من دون أن نقدم لك ما كان ينبغي ان نقدم. نطلب منك السماح لان ما قمت به كان يجب ان تتابعه الدولة وتتوسع فيه تخفيفا لآلامك ومعاناتك وكي تتفرغ أنت لتحضير أمثالك في الكويت وخارج الكويت... لكن مثلك لا يتكرر.
لا يكفي التكريم باطلاق اسمك على شارع في الكويت فاسمك محفور في قلب كل كويتي وأنت نجمة يرفع كل كويتي رأسه فخرا وهو ينظر اليها. اما أقل ما يمكن أن نقدمه فهو اكمال مسيرتك بإعلان جائزة عالمية إنسانية سنوية باسمك تكون الأضخم على مستوى العالم وتخصص كلها للأعمال الخيرية وخير من يتصدى لها هي مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وإكمال مسيرتك بتحويل العمل الفردي الذي قمت به في افريقيا وغير افريقيا الى عمل مؤسساتي تقوده الدولة والخيرون المستلهمون لمسيرتك لرفع معاناة الفقراء والمحتاجين، مع ابقاء حقوق الملكية الانسانية لك أيها الأخ الكبير... إنما مهما كبرت هذه الحقوق فلن تفيك حقك.
جاسم بودي
هو العم عبدالرحمن السميط، أكثر من تعرّض للأذى الشخصي والنفسي في حياته، ضُرب واعتقل وعذب ووقع في قبضة المخاطر عشرات المرات وواجه الموت من مسافات قريبة، ومع ذلك لم تزده المصاعب إلا إصرارا على المضي في ما اختاره أو اختاره الله له، وكانت كلماته واحدة سواء تعلق الأمر بلدغة سامة من أفعى الكوبرا في افريقيا أو بسلخ أجزاء من جلده في سجون صدام حسين: «ربي الله الواحد الأحد الذي خلقني ورزقني وهو الذي يميتني ويحييني».
رحلة عطاء أكثر منها رحلة حياة. مسيرة إنسانية أكثر منها سيرة إنسان. رجل لم يستطع تحمل وقوف العمال في طوابير الانتظار لساعات في حر الكويت في سبعينيات القرن الماضي فاشترى ورفاق له سيارة لتوصيلهم. طبيب اختار مهنته رسالة فأفنى العمر في مداواة الجراح، وعندما ضاقت الكويت على رسالته اتجه الى افريقيا حيث المظلوم مظلوم ومنسي، والمقهور مقهور ومنسي، والفقير فقير ومنسي، وحيث المجاعات تشكل حدود الدول والمجتمعات، وحيث الاطفال العراة يتسيّدون شاشات التلفزة مع كل زيارة لمسؤول ثم يبقون عراة بعد رحيله.
شدّ الرجل الرحال بمبلغ صغير الى هناك إنما بثروة كبيرة قوامها جميع أفراد أسرته الذين نشأوا على عمل الخير وحب الخير ومساعدة الناس. اسس جمعية «العون» وشمّر عن ساعديه من قرية افريقية إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى... قطار محبة لم يتوقف في اي محطة. مدارس، منشآت، متاجر، مراكز تشغيل، حفر آبار، تأهيل مدرسين وعلماء، حرب على الجوع لا من خلال اعطاء مال للفقير بل من خلال تدريبه على مهنة وفتح مؤسسات للعمل بها. ملايين الأفارقة أسلموا على يده، وملايين الافارقة تجاوزوا محنتهم، وملايين الافارقة تغيرت حياتهم عندما اقتربوا بـ«العون» من الله أكثر... حقا حفر العم عبدالرحمن السميط الجبل بإبرة.
لا أعرف ماذا يمكن أن تقول الكويت لهذا الرجل وماذا تستطيع بالأحرى أن تقدم، فكل جائزة مالية حصل عليها أقام بها مباشرة وقفا للتعليم أو التدريب أو ايصال الماء والكهرباء الى القرى الفقيرة. إنسان لا يعرف غير العطاء ولا يتصور المعادلة معكوسة. إنسان كانوا يعرفون أنه سكن في هذه المنطقة الافريقية أو زار تلك من خلال التغييرات التي حصلت فيها: «يقولون مر وهذا الاثر». إنسان يكرر في كل لقاءاته أنه لا ينتظر شيئا من أحد ينتظر فقط... أن يتقبل الله منه.
ماذا يمكن للكويت التي حفر اسمها السميط بأحرف من ذهب على صفحة العمل الانساني الدولي أن تقدم له؟ وقبل ذلك لنسأل أنفسنا ماذا قدمنا له؟ رجل في بنغلادش أسس مصرفا للفقراء، وهو مشكور ومحمود، لكن كل المؤسسات الآسيوية تقريبا رشحته لجائزة نوبل فحصل عليها. السميط الذي بنى مناطق للفقراء وليس مصرفا لم يرد الفوز سوى بتقبل الله لعمله... ومع ذلك ماذا فعلنا له؟
نطلب منك السماح يا أبا صهيب، لاننا استكنا الى طاقتك وحيويتك وجهدك واعتبرناه جهدنا من دون أن نقدم لك ما كان ينبغي ان نقدم. نطلب منك السماح لان ما قمت به كان يجب ان تتابعه الدولة وتتوسع فيه تخفيفا لآلامك ومعاناتك وكي تتفرغ أنت لتحضير أمثالك في الكويت وخارج الكويت... لكن مثلك لا يتكرر.
لا يكفي التكريم باطلاق اسمك على شارع في الكويت فاسمك محفور في قلب كل كويتي وأنت نجمة يرفع كل كويتي رأسه فخرا وهو ينظر اليها. اما أقل ما يمكن أن نقدمه فهو اكمال مسيرتك بإعلان جائزة عالمية إنسانية سنوية باسمك تكون الأضخم على مستوى العالم وتخصص كلها للأعمال الخيرية وخير من يتصدى لها هي مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وإكمال مسيرتك بتحويل العمل الفردي الذي قمت به في افريقيا وغير افريقيا الى عمل مؤسساتي تقوده الدولة والخيرون المستلهمون لمسيرتك لرفع معاناة الفقراء والمحتاجين، مع ابقاء حقوق الملكية الانسانية لك أيها الأخ الكبير... إنما مهما كبرت هذه الحقوق فلن تفيك حقك.
جاسم بودي