كثيرا ما نتحسر على قرارات ومواقف اتخذناها في ظرف ما، في وقت ما، ونجلد ذواتنا على تلك القرارات والمواقف ردحا من الزمن، رغم أنها كانت بالنسبة لنا أفضل الخيارات المتاحة في تلك الظروف.
من الجميل جدا أن نراجع أنفسنا في ما نقوم به من أمور، والأجمل منه أن نستفيد من أخطائنا، فمدرسة الحياة لا تضاهيها أرقى المدارس، ففيها يتعلم المرء ما لا يمكن له أن يتعلمه في قاعات العلم، وبين صفحات الكتب، ولو قضى في ذلك زمنا.
بعض الناس يتمزق شراعه عند أول موجة عالية تواجهه في الحياة، فيبتعد وينزوي، ولا يعيد التجربة، ويحاول الابتعاد قدر المستطاع عند تكرارها، وكأن الفشل قدره الأبدي الذي لا فكاك عنه، رغم أنه قد يكون أخطأ في بعض حساباته ليس إلا، ولو أنه استفاد من تجربته تلك لوصل إلى ما يريد.
إن حياتنا مليئة بالقرارات، بل هي سلسلة من القرارات المتعاقبة، في البيت، في العمل، مع الأصدقاء والزملاء، على المستويين الشخصي والجماعي، ونحن نتأثر بتلك القرارات وكل البيئات المحيطة بنا، سلبا وإيجابا حسب نوعية تلك القرارات. والقرارات يزداد حجم تأثيرها كلما تأثر بها عدد أكبر من البشر، ولذا يلزمنا أن نتعلم أحدث المناهج العلمية في صناعة القرارات واتخاذها كلما ازداد نطاق تأثيرها، وألا نعتمد على ذواتنا فقط في اتخاذ القرارات في عالم مليء بالمتغيرات، بل علينا أن نستفيد من الخبرات وبيوت الاستشارة المحلية والإقليمية والعالمية، وكذلك علينا أن نستفيد من المتخصصين كل في مجال تخصصه.
إن جودة حياة الفرد والمجتمع تعتمد بشكل كبير على نوعية القرارات التي يتم اتخاذها، ليس هذا فحسب، وإنما هي تعتمد على المنهج المتبع في عملية صناعتها من الأساس، فإن كان منطلقها «ما أريكم إلا ما أرى» فستكون ثمة كوارث ومصائب يتأثر بها المجتمع والبيئة المحيطة. القرار السياسي من أخطر القرارات التي يتأثر بها الفرد والمجتمع، والسياسيون عليهم واجب كبير في إتقان عملية صناعة القرارات واتخاذها وفق أفضل السبل بما يحقق رفاهية المجتمع والرقي به، فكم رأينا من مجتمعات انهارت لقرار سياسي استبدادي لم يراع به من اتخذه الظروف والمغيرات من حوله، فكان عاقبة أمره خسرا، وكم من قرار سياسي بُنِيَ على باطل فكانت النتيجة دماراً للمجتمعات، وفق نظرية الدومينو، فلنحذر تلك القرارات الهوجاء فنندم، ولات ساعة ندم.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh