قبل عام اتخذ أمير منطقة مكة المكرمة قراراً اعتبره الغيورون فاجعة، إذ تضمن القرار إيقاف حلقات تحفيظ القرآن في المساجد وفي الحرم المكي بدعوى سعودة المدرسين.
وتم بالفعل إيقاف الحلقات ما جعل المسؤول عن القرار يتعرض لهجوم كبير من قطاعات مختلفة في المجتمع السعودي وخارجه، وكان منها ما ذكره الشيخ ناصر العمر حين قال: إن من أشهر من حال دون تدريس كتاب الله في الحرم منذ أُنزل على مدار التاريخ ثلاثة: القرامطة عندما سفكوا الدماء في الحرم وسرقوا الحجر الأسود، ومجموعة المسلحين الذين اقتحموا الحرم واحتلوه لأسابيع عدة عام 1400 هـ، وأمير منطقة مكة المكرمة عندما أصدر قرار إيقاف حلقات القرآن. وبعد هذه الهجمة العنيفة التي قام بها الغيورون، قام أمير منطقة مكة بإلغاء قراره.
تكرر الموقف نفسه ولكن هذه المرة عندنا في الكويت حين قام السيد وزير الأوقاف، بإصدار قرار بإنهاء خدمات 1400 موظف من العاملين في الوزارة ممن هم على بند التكاليف. والكثير من هؤلاء يعمل في إدارات لها علاقة مباشرة أو شبه مباشرة بالقرآن الكريم، خصوصاً العاملين في إدارة الدراسات، والسراج المنير، وحلقات القرآن.
هذا القرار والعهدة على الراوي، يقال ان أحد مبرراته هو التكويت، حيث سيتم إحلال بعض الكويتيين بدلا ممن تم الاستغناء عن خدماتهم. هذا القرار بجانب أثره على دروس القرآن وحلقاته، إلا أن له بعداً إنسانياً آخر، وقد صدمت من المعلومات التي ذكرها أخونا وزميلنا الشيخ محمد العوضي في مقال يوم الأربعاء «جلطة وزير الأوقاف» والتي ذكر من خلاله بعض الحالات الإنسانية التي تضررت من قرار الوزير، ووصل بعضهم إلى الإصابة بجلطة بعد سماعه الخبر.
نخاطب معالي الوزير والذي أبدى أريحية في تقبل النقد الهادف، خلال لقائنا معه ضمن وفد نقابة الخطباء والأئمة، ونتمنى أن ينظر لإخوانه العاملين في خدمة كتاب الله بعين الرحمة والإنسانية، وكما أصدرت الوزارة قرارا بإلغاء النقل والتدوير بين مديري دور القرآن والسراج المنير بناء على ما تقتضيه مصلحة العمل، أن تصدر قرارا بإعادة من تم الاستغناء عن خدماته من باب الأخوة الإسلامية والرحمة الإنسانية. الأمر الغريب أن قرار أمير منطقة مكة بإيقاف حلقات القرآن كان في شهر ذي القعدة، وقرار وزارة الأوقاف بدأ تنفيذه في الشهر نفسه، فأتمنى ألا يكون هذا الشهر وهو من الأشهر الحرم نذير شؤم على العاملين في خدمة كتاب الله.
لدي معلومة بأن وراء القرار أحد الوكلاء، وأنه طرح على وزراء سابقين لكنهم رفضوا اتخاذه خوفا من أن تصيبهم دعاوى المتضررين، وأقول لهذا الوكيل (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق).
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Twitter :@abdulaziz2002
Alfadli-a@hotmail.com