ما حدث في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة والخاصة بمشكلة قبول الطلبة في جامعة الكويت دليل جديد على عبث السلطة بالنظام الديموقراطي في البلاد واستهزائها واستهتارها ولعبها بالسلطة التشريعية والرقابية الممثلة في مجلس الأمة بمساعدة ومعاونة مباشرة من «بعض» نواب الأمة للأسف وبتغطية «واضحة» من بعض وسائل الإعلام. والعذر الذي ساقه رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وتحميله للنواب المتخلفين عن الحضور رغم توقيعهم على طلب عقد الجلسة لا نأخذ به لأننا ببساطة «نعرف» من يأمر ومن ينهى هؤلاء النواب ومن بيده الريموت كنترول ومن يستخدمهم كلاعبي كرة اليد، يُدخل هذا اللاعب في حال الهجوم ويسحبه في حال الدفاع ولكل قضية «نوابها» ولكل جلسة «معتذروها»!
عندما خرج نواب المعارضة إلى الشارع وعقدوا الندوات، صاح صائح الحكومة والسلطة بأن لكم في مجلس الأمة وقاعة عبدالله السالم مكاناً وملاذاً ومساحة للنقاش فلماذا الخروج إلى الشارع؟! وها هي الأيام تثبت مرة أخرى، بعد جلسات رفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم، أنه لا يوجد في قاعة عبدالله السالم ولا مجلس الأمة ملاذ ولا مكان للأمة في وجود مثل هذه الحكومة وفي وجود مثل هذه العقلية التي تديرها. من يدير الحكومة لا يريد سلطة تراقبه، لا في المجلس ولا في خارجه، وها هو يتمشى مزهواً بأغلبية طفيلية منتفعة تعتاش على ملايين السحت والحرام التي تجنيها من بيعها لإرادة الأمة وشرف تمثيلها.
من يعتقد أن النائب أحمد السعدون كان مبالغاً عندما ذكر أننا لسنا بعيدين عن «الربيع العربي»، فعليه أن يتذكر أن في مصر وسورية وتونس واليمن والبحرين دساتير ومجالس نيابية، بل وفي بعضها ديموقراطية «على الورق» تفوق بمراحل ديموقراطيتنا المشوهة، ولكن تلك الأكوام المكدسة من أوراق الدساتير لم تمنع الجماهير من «الكفر بالنظام» لأن السلطة التي لا تحترم ما هو مكتوب في دساتيرها، وتستغلها استغلالاً يمكن المفسدين وسراق المال العام من الوثوب على السلطة واختطافها، في الوقت الذي تتدهور في قيمة وكرامة وإنسانية الإنسان البسيط، لا تستحق الاحترام ولا الإيمان بها. ولذلك أتت النتيجة واحدة في تلك الدول، كفرٌ بالنظام ومطالبة بإسقاطه من أجل نظامٍ جديد يحترم الوثائق التي تجمعه مع الشعب. من أجل نظام يحترم الدستور وإرادة الأمة.
سعود عبدالعزيز العصفور
salasfoor@yahoo.com