شفافية / الديوان «ما يقط»!
سارة الدريس
| سارة الدريس |
كحال الكثير من العاطلين عن العمل، صار الليل معاشا والنهار سباتا، غصت في حضن سريري الساعة الثامنة والنصف صباحا، تقريبا، وما إن أغمضت جفني استسلاما للنوم حتى بعثرته أختي بدخولها غرفتي فجأة لتخبرني بأن شخصا من ديوان الخدمة المدنية اتصل بوالدتي ويرغب بمحادثتي شخصيا!، للوهلة الأولى استغربت اتصالهم**، فهل حصلت معجزة وسيتم تعييني في وزارة أخرى؟!، هممت بالاتصال بوالدتي وإلا برقم الديوان مسجل في قسم المكالمات التي لم يرد عليها، الأمر مهم إذا طالما أن الرقم ذاته اتصل بي و بوالدتي أيضا!، هل لأني إلى الآن نظرا لحالة الإحباط التي أشعر بها لم أذهب لمبنى الديوان وأرفض الترشيح؟!، اتصلت على الرقم وكانت موظفة ربما هي سكرتيرة الوكيل، تخبرني بأمر المقالة المعنونة بـ «الخمطة بربع» التي كتبتها منذ فترة، والتي تتعلق بأمر صدمتي وصدمة الكثيرين بترشيحنا إلى وزارات أصابتنا بجلطة استيعابية!
وكالهائم على وجهه لا أدري ما المقصد من المكالمة التي انتهت بعد شد وجذب وانبهار من قبلي بقدرة الموظفة على الحديث بسرعة فائقة إلى درجة لم أستطع اللحاق بها، كانت خلاصة المكالمة هي مجرد توضيح عن آلية عمل الديوان، ولا أدري ما المطلوب مني، هل أوضح ذلك للناس؟، أم الرد كان الرد لي انا فقط، فالمقالة تتحدث عن حال كل شخص يعيش حالتي بانتظار الوظيفة، وكتبت رأيي في المقال ككاتبة ونشرتها في الجريدة، ولم استفسر كمراجعة، ولكن أمانة مني حرصت على بيان ذلك لقرائي، فلم أكتب ذلك المقال لأشرح معاناتي فحسب، بل لأتحدث بلسان أمثالي، وأشرح معاناة أي شخص في مجتمعي وذلك واجبي بلا شك، تقول صديقتنا الموظفة، أن ديوان الخدمة المدنية يرشح للوزارات أسماء المتقدمين بطلب الوظيفة، بناء على رغبة الوزارة لا رغبة المتقدم بالطلب!، سألتها إذاً لماذا وضعت الجهات الأخرى مع الرغبات طالما أن الديوان لن يرشح المتقدم لها؟، قالت إن الديوان قد يرشح لهذه الجهات في حال كان رقم المتقدم واحدا!، ولا يسبقه أحد، وكانت الجهة بحاجة ولم يتقدم لها أحد ولو هي طبعا استعانت بالديوان، هنا من الممكن أن يرشحك الديوان، وهذه طبعا حالة مستعصية وتستلزم معجزه لن تتحقق أبدا على أرض الواقع، وستكون الأعجوبة الثامنة من عجائب الدنيا، إذاً الديوان يلبي رغبة الوزارات فقط، أما رغباتك عيشها في أحلامك، فالديوان لن ينظر إليها، فقلت للموظفة إذا الديوان أداة نقل، فقالت بسرعة مبهره، «لا لا لا لم أقل هذه الكلمة أنت من قلتها لا تقولي أني قلتها أنت من قلتيها بلسانك، فالديوان أداة تنسيق»!، فقلت في نفسي وهل النقل والقص واللصق والنسخ والحذف إلا من التنسيق؟!
بصراحة لم أفهم ما المطلوب مني، فقلت للموظفة أود أن أفهم من ماذا مستاء الوكيل بالضبط، فردت لا لا الوكيل لا يستاء الوكيل يوضح!، قلت في نفسي «بسم الله!! شالسالفة»، سألتها بهدوء لا يواكب سرعتها أبي أفهم المطلوب؟، فقالت الوكيل مهتم بأمر المقالة ويسأل بناء على أنك قلتِ فيها أن وزارة الصحة دون الطموح، وأنك تملكين جموحا وغيره فما هو طموحك؟ طبعا الموظفة جهزت أمامها طلبي المقدم للديوان وبدأت باستعراض رغباتي وأنها كلها هيئات مستقلة ولا تتبع الديوان، أولها وكالة الأنباء الكويتية «كونا» وأخبرتني بضرورة التقديم للوكالة لا إلى الديوان، فأي شخص منكم أعزائي وضع رغبة مشابهة لـ «كونا» أو الجامعة أو مجلس الوزراء أو البنك المركزي إلخ، لا ينتظر من الديوان ترشيحه، أعود لسؤال الموظفة، للوهلة الأولى اعتقدت أني «كسرت خاطرهم» في تلك المقالة وسيقوموا بتعييني في وزارة المالية مثلا! أو في أحسن الأحوال سيقوموا بمساعدتي في الترشيح إلى «كونا»، لكن تذكرت أن المكالمة للرد والتوضيح فقط!، وكان الرد لي شخصيا، لا لقرائي! جاوبت على السؤال أود أن أعمل طبعا لا أن أعمل درجا في وزارة الصحة! قالت «يعني طموحج بس تبين تشتغلين والكل يبي يشتغل»، هنا لم أتحمل تلك اللهجة التي جاءت لا للتوضيح بل للحديث بعدم واقعية وكأننا نعيش في عالم آخر، نعم أنا أملك طموحا، لا أود أن أعمل فقط، بل أعمل في بيئة محفزة على الإنتاج، لا أن أنتهي من حالة البطالة وأدخل في حالة البطالة المقنعة، أود أن أكون منتجة وفعالة لا أن أكون مجرد آلة «تبصم» فقط لتسجل دخولها وخروجها، أود أن أعطي هذا البلد لا أن تسلم راتبا لمجرد جلوسي على الكرسي في تلك الوزارة، هذا طموحي وطموح أمثالي الذين رفضوا أن يرشحهم الديوان في وزارات اتخذت من الشهادة مجرد «ليسن»، فكل من يعمل ومن «يداوم عشان ينام» سواء.
أخيرا حملت الموظفة أمانة أن توصل سلامي لوكيل الديوان محمد الرومي، فمجرد اهتمامه بالمقالة بشارة خير على اهتمامه بأمر الجميع، فله جزيل الشكر والعرفان على الاهتمام بنا جميعا.
بعد أن كتبت مقالي، وصلتني رسالة من أحد أقاربي حاصل على بكالوريوس إعلام من جامعة الكويت ليخبرني بإعجابه بالمقالة، وليبشرني بتعيينه في وزارة الأوقاف مراقب مساجد! عجبي يا ديوان الخدمة المدنية!
Sara-aldress@hotmail.com
كحال الكثير من العاطلين عن العمل، صار الليل معاشا والنهار سباتا، غصت في حضن سريري الساعة الثامنة والنصف صباحا، تقريبا، وما إن أغمضت جفني استسلاما للنوم حتى بعثرته أختي بدخولها غرفتي فجأة لتخبرني بأن شخصا من ديوان الخدمة المدنية اتصل بوالدتي ويرغب بمحادثتي شخصيا!، للوهلة الأولى استغربت اتصالهم**، فهل حصلت معجزة وسيتم تعييني في وزارة أخرى؟!، هممت بالاتصال بوالدتي وإلا برقم الديوان مسجل في قسم المكالمات التي لم يرد عليها، الأمر مهم إذا طالما أن الرقم ذاته اتصل بي و بوالدتي أيضا!، هل لأني إلى الآن نظرا لحالة الإحباط التي أشعر بها لم أذهب لمبنى الديوان وأرفض الترشيح؟!، اتصلت على الرقم وكانت موظفة ربما هي سكرتيرة الوكيل، تخبرني بأمر المقالة المعنونة بـ «الخمطة بربع» التي كتبتها منذ فترة، والتي تتعلق بأمر صدمتي وصدمة الكثيرين بترشيحنا إلى وزارات أصابتنا بجلطة استيعابية!
وكالهائم على وجهه لا أدري ما المقصد من المكالمة التي انتهت بعد شد وجذب وانبهار من قبلي بقدرة الموظفة على الحديث بسرعة فائقة إلى درجة لم أستطع اللحاق بها، كانت خلاصة المكالمة هي مجرد توضيح عن آلية عمل الديوان، ولا أدري ما المطلوب مني، هل أوضح ذلك للناس؟، أم الرد كان الرد لي انا فقط، فالمقالة تتحدث عن حال كل شخص يعيش حالتي بانتظار الوظيفة، وكتبت رأيي في المقال ككاتبة ونشرتها في الجريدة، ولم استفسر كمراجعة، ولكن أمانة مني حرصت على بيان ذلك لقرائي، فلم أكتب ذلك المقال لأشرح معاناتي فحسب، بل لأتحدث بلسان أمثالي، وأشرح معاناة أي شخص في مجتمعي وذلك واجبي بلا شك، تقول صديقتنا الموظفة، أن ديوان الخدمة المدنية يرشح للوزارات أسماء المتقدمين بطلب الوظيفة، بناء على رغبة الوزارة لا رغبة المتقدم بالطلب!، سألتها إذاً لماذا وضعت الجهات الأخرى مع الرغبات طالما أن الديوان لن يرشح المتقدم لها؟، قالت إن الديوان قد يرشح لهذه الجهات في حال كان رقم المتقدم واحدا!، ولا يسبقه أحد، وكانت الجهة بحاجة ولم يتقدم لها أحد ولو هي طبعا استعانت بالديوان، هنا من الممكن أن يرشحك الديوان، وهذه طبعا حالة مستعصية وتستلزم معجزه لن تتحقق أبدا على أرض الواقع، وستكون الأعجوبة الثامنة من عجائب الدنيا، إذاً الديوان يلبي رغبة الوزارات فقط، أما رغباتك عيشها في أحلامك، فالديوان لن ينظر إليها، فقلت للموظفة إذا الديوان أداة نقل، فقالت بسرعة مبهره، «لا لا لا لم أقل هذه الكلمة أنت من قلتها لا تقولي أني قلتها أنت من قلتيها بلسانك، فالديوان أداة تنسيق»!، فقلت في نفسي وهل النقل والقص واللصق والنسخ والحذف إلا من التنسيق؟!
بصراحة لم أفهم ما المطلوب مني، فقلت للموظفة أود أن أفهم من ماذا مستاء الوكيل بالضبط، فردت لا لا الوكيل لا يستاء الوكيل يوضح!، قلت في نفسي «بسم الله!! شالسالفة»، سألتها بهدوء لا يواكب سرعتها أبي أفهم المطلوب؟، فقالت الوكيل مهتم بأمر المقالة ويسأل بناء على أنك قلتِ فيها أن وزارة الصحة دون الطموح، وأنك تملكين جموحا وغيره فما هو طموحك؟ طبعا الموظفة جهزت أمامها طلبي المقدم للديوان وبدأت باستعراض رغباتي وأنها كلها هيئات مستقلة ولا تتبع الديوان، أولها وكالة الأنباء الكويتية «كونا» وأخبرتني بضرورة التقديم للوكالة لا إلى الديوان، فأي شخص منكم أعزائي وضع رغبة مشابهة لـ «كونا» أو الجامعة أو مجلس الوزراء أو البنك المركزي إلخ، لا ينتظر من الديوان ترشيحه، أعود لسؤال الموظفة، للوهلة الأولى اعتقدت أني «كسرت خاطرهم» في تلك المقالة وسيقوموا بتعييني في وزارة المالية مثلا! أو في أحسن الأحوال سيقوموا بمساعدتي في الترشيح إلى «كونا»، لكن تذكرت أن المكالمة للرد والتوضيح فقط!، وكان الرد لي شخصيا، لا لقرائي! جاوبت على السؤال أود أن أعمل طبعا لا أن أعمل درجا في وزارة الصحة! قالت «يعني طموحج بس تبين تشتغلين والكل يبي يشتغل»، هنا لم أتحمل تلك اللهجة التي جاءت لا للتوضيح بل للحديث بعدم واقعية وكأننا نعيش في عالم آخر، نعم أنا أملك طموحا، لا أود أن أعمل فقط، بل أعمل في بيئة محفزة على الإنتاج، لا أن أنتهي من حالة البطالة وأدخل في حالة البطالة المقنعة، أود أن أكون منتجة وفعالة لا أن أكون مجرد آلة «تبصم» فقط لتسجل دخولها وخروجها، أود أن أعطي هذا البلد لا أن تسلم راتبا لمجرد جلوسي على الكرسي في تلك الوزارة، هذا طموحي وطموح أمثالي الذين رفضوا أن يرشحهم الديوان في وزارات اتخذت من الشهادة مجرد «ليسن»، فكل من يعمل ومن «يداوم عشان ينام» سواء.
أخيرا حملت الموظفة أمانة أن توصل سلامي لوكيل الديوان محمد الرومي، فمجرد اهتمامه بالمقالة بشارة خير على اهتمامه بأمر الجميع، فله جزيل الشكر والعرفان على الاهتمام بنا جميعا.
بعد أن كتبت مقالي، وصلتني رسالة من أحد أقاربي حاصل على بكالوريوس إعلام من جامعة الكويت ليخبرني بإعجابه بالمقالة، وليبشرني بتعيينه في وزارة الأوقاف مراقب مساجد! عجبي يا ديوان الخدمة المدنية!
Sara-aldress@hotmail.com