وليد الرجيب / أصبوحة / الجمال والقبح

تصغير
تكبير
منذ سنوات قررت دولة الكويت، وبتعليمات من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله، وبنصيحة خبراء أجانب، أن يتم تشجير وتخضير البلد، خصوصاً في المناطق الشمالية، ما يعطي منظراً جميلاً، بدلاً من المنظر الكالح، ويقلل من درجة الحرارة في الصيف، خصوصاً مع تزايد ظاهرة الاحتباس الحراري، ويقلل كذلك من الغبار الآتي من الشمال، كما اقترح الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه، مشروع المليون نخلة.

وتحمس المسؤولون في البداية، فزرعت هنا وهناك شجيرات، وتم استيراد الحشيش الأخضر (الثيل)، لتخضير جوانب الجسور، وبالفعل نشطت الجهات الحكومية، ولكنها وجدت من الأسهل، صباغة جوانب الجسور باللون الأخضر، كي تبدو مزروعة، أما مشروع المليون نخلة، فتولته شركة أحد المسؤولين الكبار، وزرعت نخلاً اصطناعياً بشعاً، شوه منظر البلد.

ورغم بعض المساحات المزروعة، خصوصاً في شارع الكورنيش، الذي تكفلت به شركة المشروعات السياحية، إلا أن معظم المزروع هو بمبادرة من الأهالي، أمام بيوتهم.

وظل هذا المشروع حبراً على ورق، وظلت الكويت قاحلة جرداء، ما عدا قرب الاحتفالات بالأعياد الوطنية، أو زيارة رؤساء دول إلى الكويت، وزادت كآبة السياسة والفساد وتكميم الأفواه، من كآبة منظر الأراضي الكويتية.

وفي أبو ظبي، أمر الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله، بتشجير أبو ظبي والعين وغيرهما، وفوراً تم التشجير، وتحولت أبوظبي ذات الأراضي القاحلة المالحة، إلى مساحات خضراء ترد الروح، وأشرف الشيخ زايد بنفسه على هذا المشروع، وإن تمت السرقة من أموال المشروع إلا أنها تبقى محدودة مقارنة بما حدث ويحدث في الكويت.

ففي بدايات نهضة الكويت، بذلت محاولات جادة، لإنشاء حدائق كبيرة، مثل حديقة الشعب وحديقة جمال عبد الناصر، وكانت متنفساً للعائلات في الستينات والسبعينات، إضافة إلى حديقة الأحمدي الجميلة والمليئة بالورود والأزهار، وقبلها كانت مزارع الفنطاس والمنقف والجهراء والصبيحية، قبل أن تستبدل بالإسمنت والمباني الشاهقة.

لا أعرف في أي سنة من السبعينات قرأت خبراً مفاده، أن الخبراء اليابانيين، اقترحوا أن تزرع جزيرة بوبيان بالأرز، لأن تربتها المشبعة بطمي شط العرب تسمح بذلك، ولكن الكويت رفضت هذا المشروع الذي لم يكن مكلفاً، بل كان من الممكن أن يغطي الطلب الكويتي، ويشكل دخلاً آخر غير النفط.

الكويت دولة غنية، وكان بالإمكان أن تتحول إلى جنان غناء، فقد ثبت بالتجربة أنه بمعالجة بسيطة، يمكن زراعة بعض الفواكه، مثل الفراولة والليمون والترنج، إضافة إلى النخيل، الذي نلمس نجاحه في البيوت والشاليهات والمزارع الخاصة.

لا أعلم سبب كره المسؤولين للأشجار والخضرة، وسبب تحبيذهم للصحراء القاحلة، ولا أعلم سبب كرههم للجمال، وتحبيذهم للقبح والكآبة، وما ذنب الأطفال والمواطنين من أصحاب الربو وأمراض الصدر والحساسية، الذين يعانون من الغبار المستمر في فصول الصيف؟





وليد الرجيب

osbohatw@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي