أوراق ملونة / القباب في الإسلام ... (1)
قبة الصخرة المشرفة
علي الجاسم
| بريشة وقلم علي الجاسم |
ذكر انه عندما تم بناء مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، كان سقفه من السعف المحمول على جذوع النخيل، واستمر حال الامر في بناء مساجد المسلمين حتى عرفت** عمارة المساجد بعد حين القبة أو القباب «كبناء دائري المسقط مقعر من الداخل مقبب من الخارج» (1)، فكانت «لغرض تغطية المباني المستديرة»، حيث ان «استخدامها... له رؤية خاصة فهي لم تكن حلا بيئيا ومناخيا أو إنشائيا ووظيفيا فقط بل أيضا رمزيا، حيث ترمز إلى السماء خاصة في المناطق المسقوفة من المسجد حيث يعدها البعض صورة مصغرة لما يراه العربي في صحرائه من اتساع الأفق واستدارة السماء من فوقه» (2).
فكانت القباب من أجمل العناصر المتعاونة على إبراز مظهر الجوامع وإظهار تكوينها المتناسق المتزن مع المآذن بحيث أصبح شكل هذين العنصرين المعماريين من أهم عناصر تكوين الجامع، بالرغم من أنهما لم يكونا من العناصر التي ظهرت مع المسجد الأول «وكان البناء الأول البسيط للقبة يقوم على هيكل دائري الشكل من الخشب يوضع فوق الجدران لتبنى فوقه القبة من الخشب بالشكل المطلوب ثم تكسى من الخارج بصفائح من الرصاص ومن الداخل بطبقة من بلاط الجبس أو المصيص وهذا هو الأسلوب الذي أتبع في بناء أول قبة في تاريخ العمارة في العصر الإسلامي وهي قبة الصخرة المشرفة» (3).
التي امر ببنائها عبد الملك بن مروان في بيت المقدس في فلسطين مابين عام 69هـ 72 هـ (688 ـ 691م). حيث اراد الخليفة الاموي ان يضاهي عمائر المسيحيين في كنائس القدس لإظهار عظمة وقوة الخلافة الإسلامية الحديثة أمام القوتين العظميين الفرس والروم، كما أورد ذلك المؤرخ المقدسي المتوفى عام 985م في روايته فقال: «... ألا ترى أن عبد الملك لما رأى عظم قبة (القيامة) وهيئتها خشي أن تعظم في قلوب المسلمين فنصب على الصخرة قبة على ما ترى». فجاءت عمارة قبة مسجد الصخرة كما تذكر المصادر على فناء (صحن) يرتفع عن مستوى ساحة الحرم حوالي 4 امتار، يتوصل إليها من خلال البوائك (القناطر) التي تحيط بها من جهاتها الأربع،وقد اشرف على بنائها المهندسان العربيان رجاء بن حيوه وهو من بيسان فلسطين ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو من القدس ، وقد وضعا تصميم مخطط قبة الصخرة المشرفة على أسس هندسية دقيقة ومتناسقة... حيث اعتمدا في تصميم هيكلها وبنائها على ثلاث دوائر هندسية ترجمت بعناصر معمارية لتشكل فيما بعد هذا المعلم والصرح الإسلامي العظيم. وأما العناصر المعمارية الثلاثة التي جاءت محصلة تقاطع مربعين متساويين فهي: القبة التي تغطي الصخرة وتحيط بها، وثمينتان داخلية وخارجية تحيطان بالقبة نتج فيما بينهما رواق داخلي على شكل ثماني الأضلاع، فأما القبة التي جاءت بمثابة الدائرة المركزية التي تحيط بالصخرة فإنها تجلس
على رقبة تقوم على أربع دعامات حجرية «عرض كل منها ثلاثة أمتار» واثني عشر عموداً مكسوة بالرخام المعرق، تحيط بالصخرة بشكل دائري ومنسق بحيث يتخلل كل دعاة حجرية ثلاثة أعمدة رخامية. وتتكون القبة من طبقتين خشبيتين داخلية وخارجية وقد نصبتا على إطار خشبي يعلو رقبة القبة. كما زينت القبة من الداخل بالزخارف الجصية المذهبة، وأما من الخارج فقد صفحت بالصفائح النحاسية المطلية بالذهب وأما رقبة القبة فقد زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية البديعة، كما فتح فيها ست عشرة نافذة لغرضي الإنارة والتهوية.
وتذكر كتب التاريخ ان الخليفة عبدالملك قد رصد ريع خراج مصر على مدار سبع سنوات كاملات لتغطية نفقات بناء مسجد قبة الصخرة، وقيل انه فاض من المبالغ المرصودة لإعماره مئة ألف دينار رغب الخليفة أن يعطيها مكافأة تقسم بين رجاء ويزيد مناصفة لجهودهما في إتمام هذا المشروع، ولكنهما رفضا رفضاً باتاً، فأمر الخليفة أن تُصهر النقود الذهبية لتُطلى بها القبة والأبواب.
* كاتب وفنان تشكيلي
المصادر
(1) العمارة الإسلامية والبيئة- يحيى وزيري ص 145
(2) العمارة الإسلامية والبيئة- يحيى الوزيري ص 145
(3) عمارة المساجد _موقع وزارة الإعلام- المملكة العربية السعودية
Ali_watercoulor@hotmail.com
ذكر انه عندما تم بناء مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، كان سقفه من السعف المحمول على جذوع النخيل، واستمر حال الامر في بناء مساجد المسلمين حتى عرفت** عمارة المساجد بعد حين القبة أو القباب «كبناء دائري المسقط مقعر من الداخل مقبب من الخارج» (1)، فكانت «لغرض تغطية المباني المستديرة»، حيث ان «استخدامها... له رؤية خاصة فهي لم تكن حلا بيئيا ومناخيا أو إنشائيا ووظيفيا فقط بل أيضا رمزيا، حيث ترمز إلى السماء خاصة في المناطق المسقوفة من المسجد حيث يعدها البعض صورة مصغرة لما يراه العربي في صحرائه من اتساع الأفق واستدارة السماء من فوقه» (2).
فكانت القباب من أجمل العناصر المتعاونة على إبراز مظهر الجوامع وإظهار تكوينها المتناسق المتزن مع المآذن بحيث أصبح شكل هذين العنصرين المعماريين من أهم عناصر تكوين الجامع، بالرغم من أنهما لم يكونا من العناصر التي ظهرت مع المسجد الأول «وكان البناء الأول البسيط للقبة يقوم على هيكل دائري الشكل من الخشب يوضع فوق الجدران لتبنى فوقه القبة من الخشب بالشكل المطلوب ثم تكسى من الخارج بصفائح من الرصاص ومن الداخل بطبقة من بلاط الجبس أو المصيص وهذا هو الأسلوب الذي أتبع في بناء أول قبة في تاريخ العمارة في العصر الإسلامي وهي قبة الصخرة المشرفة» (3).
التي امر ببنائها عبد الملك بن مروان في بيت المقدس في فلسطين مابين عام 69هـ 72 هـ (688 ـ 691م). حيث اراد الخليفة الاموي ان يضاهي عمائر المسيحيين في كنائس القدس لإظهار عظمة وقوة الخلافة الإسلامية الحديثة أمام القوتين العظميين الفرس والروم، كما أورد ذلك المؤرخ المقدسي المتوفى عام 985م في روايته فقال: «... ألا ترى أن عبد الملك لما رأى عظم قبة (القيامة) وهيئتها خشي أن تعظم في قلوب المسلمين فنصب على الصخرة قبة على ما ترى». فجاءت عمارة قبة مسجد الصخرة كما تذكر المصادر على فناء (صحن) يرتفع عن مستوى ساحة الحرم حوالي 4 امتار، يتوصل إليها من خلال البوائك (القناطر) التي تحيط بها من جهاتها الأربع،وقد اشرف على بنائها المهندسان العربيان رجاء بن حيوه وهو من بيسان فلسطين ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو من القدس ، وقد وضعا تصميم مخطط قبة الصخرة المشرفة على أسس هندسية دقيقة ومتناسقة... حيث اعتمدا في تصميم هيكلها وبنائها على ثلاث دوائر هندسية ترجمت بعناصر معمارية لتشكل فيما بعد هذا المعلم والصرح الإسلامي العظيم. وأما العناصر المعمارية الثلاثة التي جاءت محصلة تقاطع مربعين متساويين فهي: القبة التي تغطي الصخرة وتحيط بها، وثمينتان داخلية وخارجية تحيطان بالقبة نتج فيما بينهما رواق داخلي على شكل ثماني الأضلاع، فأما القبة التي جاءت بمثابة الدائرة المركزية التي تحيط بالصخرة فإنها تجلس
على رقبة تقوم على أربع دعامات حجرية «عرض كل منها ثلاثة أمتار» واثني عشر عموداً مكسوة بالرخام المعرق، تحيط بالصخرة بشكل دائري ومنسق بحيث يتخلل كل دعاة حجرية ثلاثة أعمدة رخامية. وتتكون القبة من طبقتين خشبيتين داخلية وخارجية وقد نصبتا على إطار خشبي يعلو رقبة القبة. كما زينت القبة من الداخل بالزخارف الجصية المذهبة، وأما من الخارج فقد صفحت بالصفائح النحاسية المطلية بالذهب وأما رقبة القبة فقد زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية البديعة، كما فتح فيها ست عشرة نافذة لغرضي الإنارة والتهوية.
وتذكر كتب التاريخ ان الخليفة عبدالملك قد رصد ريع خراج مصر على مدار سبع سنوات كاملات لتغطية نفقات بناء مسجد قبة الصخرة، وقيل انه فاض من المبالغ المرصودة لإعماره مئة ألف دينار رغب الخليفة أن يعطيها مكافأة تقسم بين رجاء ويزيد مناصفة لجهودهما في إتمام هذا المشروع، ولكنهما رفضا رفضاً باتاً، فأمر الخليفة أن تُصهر النقود الذهبية لتُطلى بها القبة والأبواب.
* كاتب وفنان تشكيلي
المصادر
(1) العمارة الإسلامية والبيئة- يحيى وزيري ص 145
(2) العمارة الإسلامية والبيئة- يحيى الوزيري ص 145
(3) عمارة المساجد _موقع وزارة الإعلام- المملكة العربية السعودية
Ali_watercoulor@hotmail.com