في عام 1925 ميلادي اشتعلت في سورية ثورة كُبرى ضد المُحتل الفرنسي، تلك الثورة الجليلة المباركة انطلقت من كل مناطق ومدن سورية بقياده عدد كبير من القادة السوريين المجاهدين، أمثال سلطان الأطرش وإبراهيم هنانو وحسن الخراط وسلطان سطام الطيار شيخ الوِلد علي من قبيلة عنزة. وشيئاً فشيئاً أخذ الشعب السوري العظيم في تلك الأحداث تكبر ثورته ويزيد سخطه ويقوى إصراره حتى استطاع مع الأيام أن يزعزع المحتل الفرنسي رغم جبروته وطغيانه وعِدته وعتاده وجنوده وسلاحه، فأيقن المحتل الفرنسي بأن الشعب السوري لن يرضخ له من جديد، وأن ثورته هذه ليست إلا التغيير الجديد العاصف الذي سيرمي بالفرنسيين في مزبلة التاريخ بعيداً عن سورية، وفعلا انتصر الشعب السوري في ثورته وذهب المحتل خاسئاً يجر أذيال الخيبة.
وفي شهر 4 من هذا العام 2011 ميلادي، انطلقت من مدينة درعا ذات التاريخ المجيد شرارة الثورة السورية الحالية، التي من بعدها اشتعلت الثورة بشكل سريع لتعم شيئاً فشيئاً كل أرجاء الوطن السوري.
لذا وجب عليك أيها الرئيس أن تعلم جيداً أمورا عدة مهمة جداً بالنسبة لك ولكل «بعثي» قريب منك، يأتمر بأمرك وينتهي بنهيك. إن الشعوب إن اشتعل غضبها وسخطها لن يردها عن إرادتها وطموحها وأمانيها الحديد والنار والشبِيحة والقناصة والوعيد والتهديد.
إن الدولة التي تُشيّد وتُبنى بالسوط والجلاد والسلاسل والأصفاد والمخبرين والسجون والمعتقلات والرشوة، هي دولة هشة سريعة الكسر وسريعة الزوال ولو أعجبتك في ظاهرها وصبغتها كما هي الجمهورية السورية.
إن سياسة قمع المواطن وسلب حريته وزرع الخوف في أرجاء صدره وتدريسه ثقافة الرعب والخوف وإرغامه التام على التسلِيم لـ «حزب البعث» في كل كبيرة وصغيرة في ما يمس حياته وعمله وسكنه وأكله وشربه، ستتوقف وتنتهي للأبد فور أول صرخة احتجاج عريضة تنطلق من أفواه المواطنين السوريين الذين عاشوا لأعوام ممتدة يرزحون ببؤس وذلة تحت ظلم «البعث».
إن الاهتمام اللا محدود بزاوية واحدة فقط من زوايا الجمهورية السورية، هذا كله لم يكن إلا مواد خطرة ترسبت يوماً بعد يوم لتكوّن قنبلة شديدة الانفجار، وهذا ما أكدته الثورة السورية التي يعيش الجميع انفجاراتها المستمرة يوماً بعد يوم في كل المناطق والمُدن والقُرى السورية.
إن الحُرّ الكريم الذي تربى كابراً عن كابر على الكبرياء والشموخ ورِفعة الجبين والتقدير والاحترام والشهامة والنخوة، من الظلم العظيم أن يُستعبد ويُذل ويُبخس حقه ويذوق المٌرّ والتهميش والخذلان كما فعل أزلام «البعث» والمرتزقة في تعاملهم مع أبناء الشعب السوري الشرفاء النجباء الذين ولدتهم أُمهاتهم أحراراً من أعراق وسلالات وقبائل وعائلات حرّة كريمة يُحدثك التاريخ نفسه عنها وعن عزتها وأمجادها وبطولاتها.
حسين الراوي
كاتب كويتي
alrawie1@hotmail.com