قد تكون الحكومة الجديدة أعلنت قبل نشر هذا المقال، وقد تكون قد أدت قسمها الدستوري، ولكن المؤكد أنها لن تقدم جديداً مادامت قد شكلت بالمنهجية والعقلية السابقة ذاتها، سواء خرج منها الوزير فلان أو دخل إليها الوزير علان، لأن العلة والمشكلة والكارثة ببساطة أكبر بكثير من الأسماء والوزراء وكراسيهم.
العائق الأكبر، من وجهة نظري، أمام الاستقرار السياسي في البلاد، والعامل الأهم في تغذية صراع السلطتين هو أننا نتعامل مع نظام سياسي مشوه غير مكتمل النمو، لا هو بالنظام الرئاسي الواضح ولا هو بالنظام البرلماني الصرف، نظام «هجين» أثبتت الأيام أنه عائق أكثر مما هو معين. ملامح وصفات الفشل فيه واضحة، ونتائجه لا تحتاج إلى مكبرات لترى رداءتها وسوءها.
من يتابع تداعيات استقالة الحكومة الأخيرة، وإعادة التكليف، ومشاورات التشكيل الجديد، وتهديدات النواب ومساوماتهم، ومعارضتهم، وتردد الرئيس المكلف وتأخره، وطريقة البحث عن وزير من هذه الطائفة ووزير من تلك القبيلة ووزير من ذلك التيار، يرى بشكل واضح أن الحكومة القادمة لن تكون إلا مشروع فشل جديد نكتبه بأيدينا أو بمعنى أدق يكتب بالنيابة عنا كشعب.
قد نتقبل في بدايات العمل الديموقراطي أن تتم التجربة بين الأنظمة المتاحة من أجل الوصول إلى نظام يتناسب وطبيعة الأوضاع السياسية الخاصة في الكويت، لكن من غير المقبول ولا المنطقي القبول باستمرار نظام أثبت عبر أكثر من أربعين عاماً فشله في حل المشكلات التي توالت منذ 1962 وحتى الآن وسوف تستمر حتى إشعارٍ آخر.
لا يمكن التفكير بالخروج من هذه الدوامة إلا بتبن واضح لأحد النظامين، إما البرلماني وإما الرئاسي، وترك هذا النظام الذي أتى في فترة سياسية سابقة ونتيجة لظروف وأوضاع مختلفة جداً، وأثبتت الأيام فشله. إما نظام برلماني واضح تشكل الحكومة فيه من قبل الحزب الحائز على الغالبية في الانتخابات التشريعية، وإما نظام رئاسي صرف تؤول فيه المسؤولية والسلطة إلى رئاسة منتخبة بشكل مباشر من قبل الشعب الكويتي.ما عدا ذلك هو «ترقيع» في أنظمة سياسية لا فائدة منه، ولن نجني وتجني الكويت من مثل هذا الترقيع إلا الفشل تلو الفشل والأزمة السياسية تلو الأخرى.
***
كل الشكر والتقدير لمن راسلنا أو اتصل مستفسراً عن فترة الغياب عن القراء خلال الفترة الماضية. أخذتنا «سبر» بعيداً. أعطيناها الكثير من «الوقت»، فأعطتنا، ولا تزال، الكثير من «المتعة». دمتم سالمين.
سعود عبدالعزيز العصفور
salasfoor@yahoo.com