فوزية سالم الصباح / احنا اولاد الريس!

تصغير
تكبير
أصبح سجن مزرعة طرة في مصر عبارة عن حكومة مصغرة لأنه يضم كلاً من رئيس الحكومة السابقة وبعض الأعضاء، ورئيس الحزب الوطني وبعض الأعضاء، ورئيس مجلس الشورى وبعض الأعضاء، وأبناء الرئيس المخلوع، المهم ان شلة الحكم السابقين جميعهم في سجن واحد بانتظار لهيب الصيف المقبل الذي سيقتحمهم عن قريب وينزع جلودهم ولن تجديهم لا مراوح ولا مهفات، العنابر التي يقبعون بها هي العنابر ذاتها التي زجوا بها المعارضين السياسيين لأعوام طويلة عبر محاكم عسكرية غير قانونية، وقد لفت نظري ما قاله علاء حسني مبارك من داخل زنزانته: «معقول ده يحصل لنا احنا أولاد الريس؟». نعم لم يخطر على باله ولا على بال الذين كانوا يشاركون في إدارة زمام الحكم في أكبر دولة عربية بعد أن عاشوا في القصور وفي عالم من الترف أن تكون نهايتهم في زنزانات هذا السجن القديم لأنهم كانوا يعتقدون أنهم فوق القانون فكيف يطبق عليهم القانون!

نعم يمهل ولا يهمل وسيشربون من الكأس نفسها وسيدفعون ثمن كل روح بريئة زهقت وكل قطرة دم مصري طالب بالحرية، لقد اعتقد هؤلاء بل وآمنوا إيماناً مطلقاً بأن مناصبهم ستحميهم من أي مساءلة مدى الحياة، وبأن الجمال ستنجيهم من سوء الخاتمة كما هو حال كنعان ابن سيدنا نوح عليه السلام عندما رفض نصيحة والده واعتقد بغروره وعنجهيته بأن الجبل الذي وصل مداه إلى السماء سينقذه من الطوفان، حيث انه لم يع أن الله سبحانه وتعالى عندما ينتقم من إنسان يسلط عليه عقله، وهؤلاء «الشلة» التي جمعت مليارات الشعب الفقير لم تتصور وحتى هي داخل السجن بأن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، وبأنه لا ملك ولا حكم يدوم، ولا سطوة تبقى إلى الأبد، بل أنا على ثقة من أن هذه الشلة لو اطلق سراحها وتسلمت مقاليد الحكم من جديد فإنها ستعود إلى غيها وجبروتها، فالديكتاتور لا يمكن أن يتحول إلى حمل وديع لأن عقليته تبرمجت على اليد الحديدية ومن ثم لا يمكن برمجتها من جديد على الديموقراطية، كما هو حال الكمبيوتر القديم سعته لا تستوعب البرامج الحديثة، وإن كان الرئيس المخلوع حسني مبارك يدعي أنه بحكمته وحنكته قد أدار بنجاح شؤون مصر طوال أعوام حكمه فهو قول غير صحيح فأين هي حكمته وحنكته عندما اندلعت المظاهرات في مصر فهل تصرف بحكمة الرئيس ذي الخبرة الطويلة واستطاع أن يلبي مطالب الشعب بأقل الخسائر أم أنه اثبت للعالم أنه رئيس ورقي لم يعرف سوى إطلاق سراح السجناء ليعيثوا فساداً في الأرض ثم إطلاق الجمال والبلطجية على الشبان في ساحة التحرير، هل هذه هي العقلية التي تستحق أن تدير شؤون أكبر دولة عربية؟ بالتأكيد لا، ثم لماذا انهار الرئيس المخلوع حسني مبارك عندما وجد أمامه وكيل النيابة للتحقيق معه؟ فلماذا لا يرحب بالمحاكمة إن كان لم يرتكب أي جريمة جنائية حتى يثبت للعالم أنه نظيف اليدين، ولم يكن مسؤولاً عن أرواح المتظاهرين التي زهقت من أجل تعديل قانون كان بالإمكان تعديله بجرة قلم منه.



ملحوظة

كل الباحثين يؤكدون أنه وخلال ثلاثة إلى خمسة أعوام لن يكون هناك أي مواطن عربي محروم من حقوقه الإنسانية أو القانونية أو المدنية، ولن نجد مواطناً عربياً يلتفت خلفه خوفاً من أن يكون ملاحقاً من قبل أجهزة الأمن ومخبريها.



فوزية سالم الصباح

كاتبة ومحامية

Alsabah700@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي